في حضرة المتنبي وشوقي وعنترة وشكسبير وبرنارد شو!!

في حضرة المتنبي وشوقي وعنترة وشكسبير وبرنارد شو!! - عالم الأدب

قمت بالأمس بوضع الكتب الجديدة التى اشتريتها من معرض الكتاب في الركن المخصص لكل فرع بمكتبتي.
نظرت على القسم الأدبي، وجدت الدواوين الكاملة لكل من “المتنبي “،”البحتري”، “أبو تمام “،”أبو فراس الحمداني”، “بن المعتز”، “عنترة بن شداد العبسي “، “أحمد شوقي”، “حافظ إبراهيم “،”جبران خليل جبران “،”الحطيئة” بالإضافة لنسخة نادرة من ديوان شاعر صعلوك ولكنه رائع اسمه “الشنفري”.
وأعترف بأنني «أحب» شعر “المتنبي” و”شوقى” أكثر من “البحتري” و”أبو تمام”، وأنني أقدر “بن المعتز” و”أبو فراس الحمداني” أكثر من “أبو نواس” و”الحطيئة”، وأنني أحمل لشعر “عنترة” تقدير خاص.

وعنترة هو القائل:

أُعاتِبُ دَهراً لا يَلينُ لِناصِحِ
وَأُخفي الجوي في القَلبِ وَالدَمعُ فاضِحي
وَقَومي مَعَ الأَيّامِ عَونٌ عَلى دَمي
وَقَد طَلَبوني بِالقَنا وَالصَفائِحِ
وَقَد أَبعَدوني عَن حَبيبٍ أُحِبُّهُ
فَأَصبَحتُ في قَفرٍ عَنِ الإِنسِ نازِحِ

ولعل أهم ما يميز المتنبي وشوقي في اعتقادي سهولة وحلاوة البناء الشعرى مع وضوح المعنى دون تكلف.

كقول المتنبي:

أغايةُ الدّينِ أنْ تَحفوا شواربكم
يا أُمةٌ ضحكت من جهلها الأممُ.

أو قوله في حبيبته:

كمْ قَتيلٍ كمَا قُتِلْتُ شَهيدِ، لِبَياضِ الطُّلَى وَوَرْدِ الخُدودِ
وعيون المهَا ولا كعُيُونٍ فتكَتْ بالمُتَيَّمِ المعمُودِ.

ومن قول المتنبي لحبيبته أيضاً:

كَتَمْتُ حُبّكِ حتى منكِ
تكرمَةً ثمَّ استوَى فيهِ إسرارِي وإعلانِي
كأنَّهُ زَادَ حتَّى فاضَ عن جسدِي
فَصارَ سُقْمي بهِ في جِسمِ كِتماني.

أو قوله:

فَلَيتَها لا تَزالُ آوِيَةً وَلَيتَهُ لا يَزالُ مَأواها
كُلُّ جَريحٍ تُرجى سَلامَتُهُ إِلّا فُؤاداً دَهَتهُ عَيناها
تَبُلُّ خَدَّيَّ كُلَّما اِبتَسَمَت مِن مَطَرٍ بَرقُهُ ثَناياها

وقوله:

أروحُ وقد ختمتَ على فُؤادي بحبِّك أن يَحِلَّ به سِواكَا
ولو انّي استطعتُ خفَضتُ طَرفي فلم أُبصِرْ به حتّى أراكَا

أما شوقي فهو رائد الشعر السياسي، فخاطب مثلاً اللورد كرومر بعد رحيله:

لَمّا رَحَلتَ عَنِ البِلادِ تَشَهَّدَت
فَكَأَنَّكَ الداءُ العَياءُ رَحيلا
فَاِرحَل بِحِفظِ اللَهِ جَلَّ صَنيعُهُ
مُستَعفِياً إِن شِئتَ أَو مَعزولا

وشوقي من كتب للزعيم أحمد عرابي مهاجماً إياه:

صغار في الذهاب
صغار في الإياب
وهذا كل شأنك يا عُرابي.

فما كان من رد الزعيم أحمد عرابي على شوقي:

بل كبار في الذهاب
كبار في الإياب
برغم أنف أبناء الكلاب!!

وشوقي هو من رثى الزعيم مصطفى كامل بقوله:

المَشرِقانِ عَلَيكَ يَنتَحِبانِ
قاصيهُما في مَأتَمٍ وَالداني
يا خادِمَ الإِسلامِ أَجرُ مُجاهِدٍ
في اللَهِ مِن خُلدٍ وَمِن رِضوانِ

ويعاود يقول له من جديد:

يا صَبَّ مِصرَ وَيا شَهيدَ غَرامِها
هَذا ثَرى مِصرَ فَنَم بِأَمانِ
اِخلَع عَلى مِصرَ شَبابَكَ عالِياً
وَاِلبِس شَبابَ الحورِ وَالوِلدانِ
فَلَعَلَّ مِصراً مِن شَبابِكَ تَرتَدي
مَجداً تَتيهُ بِهِ عَلى البُلدانِ
فَلَوَ اَنَّ بِالهَرَمَينِ مِن عَزَماتِهِ
بَعضَ المَضاءِ تَحَرَّكَ الهَرَمانِ

وشوقي من رثى شاعر النيل حافظ إبراهيم بقوله:

قـد كنتُ أُوثرُ أَن تقـولَ رِثائي
يا مُنْصِفَ الموْتى من الأَحياءِ
لكنْ سبَقْتَ؛ وكلُّ طولِ سلامةٍ
قدرٌ، وكلٌ مَنِيَّةٍ بقضاء.

أو كقوله للمصريين:

إِلامَ الخُلفُ بَينَكُمُ إِلاما
وَهَذي الضَجَّةُ الكُبرى عَلاما
وَفيمَ يَكيدُ بَعضُكُمُ لِبَعضٍ
وَتُبدونَ العَداوَةَ وَالخِصاما
وَأَينَ الفَوزُ فلا مِصرُ اِستَقَرَّت
عَلى حالٍ وَلا السودانُ داما.

أو قوله:

وَكانَت مِصرُ أَوَّلَ مَن أَصَبتُم
فَلَم تُحصِ الجِراحَ وَلا الكِلاما
وشوقي هو من قال:
ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ
أَحَلَّ سَفكَ دَمي في الأَشهُرِ الحُرُمِ
رَمى القَضاءُ بِعَينَي جُؤذَرٍ أَسَداً
يا ساكِنَ القاعِ أَدرِك ساكِنَ الأَجَمِ

أو قوله:

عَلى قَدرِ الهَوى يَأتي العِتابُ
وَمَن عاتَبتُ يَفديهِ الصِحابُ
أَلومُ مُعَذِبي فَأَلومُ نَفسي
فَأُغضِبُها وَيُرضيها العَذابُ
وَلَو أَنّي اِستَطَعتُ لَتُبتُ عَنهُ
وَلَكِن كَيفَ عَن روحي المَتابُ

أو قوله:

حَيرانُ القَلبِ مُعَذَّبُهُ مَقروحُ الجَفنِ مُسَهَّدُهُ
يَستَهوي الوُرقَ تَأَوُّهُهُ وَيُذيبُ الصَخرَ تَنَهُّدُهُ
وَيُناجي النَجمَ وَيُتعِبُهُ وَيُقيمُ اللَيلَ وَيُقعِدُهُ

وقوله:

عَلَّموهُ كَيفَ يَجفو فَجَفا
ظالِمٌ لاقَيتُ مِنهُ ما كَفى
مُسرِفٌ في هَجرِهِ ما يَنتَهي
أَتُراهُم عَلَّموهُ السَرَفا.

كما وجدت جميع أعمال “وليام شكسبير” و “جورج برنارد شو” (الروائية والمسرحية) وهم أدبائي المفضلين.

وشكسبير هو من قال ديالوجه الشهير في رائعته هاملت:

«أكون أو لا أكون تلك هى المشكلة – أو المسألة».

ويمكن فهم مسرح شكسبير في سياق «المعرفة والشك»، وفي أفق فلسفة الشك تدور مسرحيات شكسبير ما بين طرحين:

الأول «طبيعة النفس البشرية» التي كان شكسبير يضعها في اختبار أخلاقي حقيقي كحبكة رئيسة يدور حولها العمل.

والطرح الثاني «السببية والقدر»، هل نحن من نصنع أقدارنا أم أقدارنا هي التي تحكم مصائرنا؟

كما يُركز شكسبير على فكرة فقدان القدرة على التمييز بين الحقيقة والخيال، وهي تيمة متكررة في مسرحياته، وهذا «الخطأ الهوياتي» هو ما يُحرك الأحداث في مسرحياته.

إن ففلسفة الشك موجودة منذ محادثات سقراط مع أهل أثينا حول ماهية الجميل والقبيح والطيب والخبيث، حتى أعلن سقراط نفسه:

«أنه يعرف شيئا واحدا: أنه لا يعرف».

وهذا ما يُعلنه شكسبير على لسان بروسبيرو بطل أحد أهم مسرحياته “العاصفة” حيث يقول:

«العالم خواء في خواء. فراغ سديمي لا نهاية له».

ونفس الفكرة يستعرضها شكسبير في “هاملت” (Hamlet) الذي يُنظَّر له باعتباره شخصية فلسفية مُتشككة ووجودية، على سبيل المثال يقول هاملت لروسنكرانتر في المسرحية:

«لا يوجد شيء سيئ أو شيء جيد، التفكير هو ما يجعل الأشياء كذلك».

ويمكن القول باطمئنان أن عدد كبير من مسرحيات شكسبير مليئة بالشخصيات التي تسيء فهم بعضها البعض، وقد استطاع بمهارة توظيف سوء الفهم ذاك في مسرحياته لتأخذ طابع الكوميديا.

ونجد مثلاً أن شكسبير يستعرض حالة اللايقين الدرامية والمأساوية في “ماكبث”، حيث يقدم مذهب الشك مرة أخرى عندما نرى البطل الشعبي ماكبث الذي حقق انتصاراً ضخما لتوه يخطط لقتل الملك، وهو ما يتنافى مع طبيعة البطل التي تظهر في الفصل الأول من المسرحية!

لنتساءل بعدها، هل كان ماكبث مجرما ودور البطولة هو الاستثناء العابر؟ أم بطلا ودور المجرم هو الاستثناء العابر؟ شخصياً لا أدري، وماكبث نفسه في الفصل الخامس في المشهد الخامس يردد:

«الحياة ما هي إلا ظل يسير باستمرار، لاعب بائس
متغطرس ومضطرب على خشبة المسرح،
إن الحياة حكاية يرويها أحمق، بعلو صوته وحنقه، دون أن يوضح شيء».

ويمكننا القول إنه إذا كان الأديب الإيرلندي “صامويل بيكت” رائداً لمسرح (العبث) فإن “وليام شكسبير” هو رائد مسرح (الشك) بلا منازع، فهو (أي شكسبير) يُشكك ويناقش الفرق بين الحقيقة والخيال، بين الواقع واليوتوبيا، بين الإنسان والطبيعة، محاولا التركيز دوماً على سؤال: هل هناك حقيقة؟

كما وجدت في مكتبتي روايات مختلفة لأدباء بحجم دوستويفسكي، تولستوي، ديكنز، سوفوكليس، كافكا، بوشكين، جوركي، هيمنجواي، برونتى، ت إس إليوت، فرجينيا ولف.

وأعترف بأنني أقدر أسلوب دوستويفسكي وجوركي وتولستوي، ولكنى أجد نفسي أكثر مع شخصيات شكسبير وبرنارد شو.

وكذلك وجدت قصص لطه حسين والعقاد وتوفيق الحكيم ويوسف إدريس.

وأعترف بأنني أقدر يوسف إدريس كأديب أكثر من تقديري لتوفيق الحكيم، وأعترف أيضاً بأنني لا أحمل ليوسف السباعي أي تقدير لا على المستوى الأدبي أو السياسي لدرجة أننى قمت بالتخلص من بعض مؤلفاته التى كنت أحتفظ بها له، والسباعي هو من وصفه أحمد فؤاد نجم ب (الواد يويو المبرراتى)!

ووجدت أيضا ترجمتين لمسرحيتين أعشقهما بل وكنت حتى المرحلة الجامعية أحفظهما وهما (يوليوس قيصر) لشكسبير نسخة ترجمة جبران والأخرى ترجمة لويس عوض.

والثانية (رجل لكل العصور) لروبرت بولت احداها ترجمة خليل العنانى والأخرى ترجمة على الراعي.

وكذلك عدد من الدراسات الأدبية في الأدب الإنجليزي وذلك طبيعي ومنطقي بحكم إعجابي وحبي لهذا النوع من الأدب.

هذا بالإضافة لعدد كبير من كتب التراث مثل مقدمة بن خلدون، العقد الفريد، الحيوان للجاحظ، ورسالة الغفران للمعري، وغيرهم.

ولكنى لاحظت كتابين عن «الرومانتيكية» الأول بعنوان (الرومانتيكية ما لها وما عليها) وهو مترجم، والكتاب الثاني بعنوان (الرومانتيكية والواقعية) ليانكو لافرين.

والغريب أننى اشتريت الكتابين وأنا في المرحلة الثانوية، لكنني لم أبدأ في قراءتهم إلا في السنة الثانية من المرحلة الجامعية في كلية الحقوق (كذلك دونت على الصفحة الأولى في كلا الكتابين).

ووجدت أيضاً في الكتابين عدداً من الامور التى تستحق أن تروى، ولكن ليكن في حديث أخر قد يكون قريب أو بعيد، كما يهوى أن يقول صديقنا شكسبير!!

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

تعليقات