عَزة الخير عَشْريات وُجدانية على الأبجدية (الجزء الأول)

شفاكُمُ الله مَوْلانا ومَوْلاكم

وخففَ الله بلوانا وبلواكم

فصدِّقوا دعوتي: أجرٌ وعافية

وصابروا واصبروا تغفرْ خطاياكم

هذا ابتلاءٌ من الرحمن خالقنا

فأصلحوا كل ما تحوي نواياكم

وعند رب الورى بلاءَه احتسبوا

فكم مرضتم ، ورب الناس عافاكم

وكم شكوتم من الأوجاع أصعبها

وخالق الناس كم لبّى شكاواكم

وكم تحمّلتمُ الأسقامَ ما رحمتْ

ضعفاُ ، ورب الورى بالصبر قوّاكم

وكم صبرتم على مُرّ القضا زمناً

ومحّصَ الله – بالتصبير – تقواكم

فيم التوجّع والمولى بكم رؤفٌ؟

هذا التوجعُ يُضنينا فرُحماكم

آهاتكم تجتني أفراحَ عِيشتنا

ونسأل الله أن تزول شجواكم

جهراً دعونا ، وفي الإسرار فزعتنا

لقائل: سِرّكم عندي ونجواكم

يا عَزة الخير عاتٍ ذلك النبأ

والمُشتكى – لمليك الناس – واللجأ

ومذ سمعناه ، والقلوبُ لاعِجة

وبالنفوس أسىً يبدو ، ويختبئ

وبالعيون دموعٌ لا يُكفكِفها

تجلدٌ نتقي به ، وندّرئ

وبالخواطر أحزانٌ تجندلها

والصبرُ – من ثِقل اللأواء – يهترئ

وعَزمَتي وهنتْ ، وليس يَصقلها

جدّي ، وقد غالها الوَسواسُ والصدأ

تجاذبتْني همومٌ لا حدودَ لها

يا ليت شِعري فهل تُطوى وتُجتزئ؟

إنا لمَا أنتِ فيه اليوم في شجن

عسى سراباً وزيفاً ذلك النبأ

نهفو إلى خبر يُعيدُ فرحتنا

فلا يزلزلنا طيشٌ ، ولا خطأ

(بلقيسُ) أنت ، وهذا البيت مملكة

وكم تحنّ إلى بلقيسها (سبأ)

شفا المليك لهذا البيت (عَزته)

إنا – إليكَ إلهَ الخلق – نلتجئ

يا عَزة الخير عز العِلمُ والأدبُ

والأنسُ عز ، وعز السعدُ والطربُ

قد كنتِ فينا لهَدْي المصطفى سبباً

وبالفِراق وهى الوصالُ والسبب

فكم أقمتِ لنا للعلم من حِلق

تسرّ طالبه ، حتى خبا الطلب

وكم دعوتِ إلى الخير الألى انصرفوا

وجرّهم للشرور اللهو واللعب

وسورة الكهف في الجُمْعات ما تُليَتْ

أما الأحاديث عنها الكل قد رغبوا

وطالنا الجهلُ والتقصيرُ أجمعُنا

أبئسْ بجمع – إلى الأهواء – ينقلب

كنتِ السراجَ إذا ما خَيّمتْ ظلمٌ

ولم تحُلْ بيننا ونوركِ الحُجُب

كنتِ الأمانَ لنا في شرّ مغترب

وبعدكِ ابتلعَ الجميعَ مغترب

والأنسَ كنتِ إذا ما استوحشتْ هممٌ

ومُذ رحلتِ رأيتُ الجمعَ ينتحب

عساكِ أدركتِ ما نحياه من كُرَب

عسى تُفارقنا الأناتُ والكُرَب

يا عزة الخير إني لستُ أفتئتُ

وليس – في كل ما نظمته – نكتُ

فيم انقطاعُكِ عن وصل يُمَتعنا؟

فهل يسرّكِ أحبابٌ إذا انكبتوا؟

أما تفكرتِ في أحوال (فاطمةٍ)

يكادُ يقتلها – في الغربة – العنت؟

أما تساءلتِ هل في عيشها انتظمتْ؟

وهل – إلى كل ما نوصيه – تلتفت؟

أما تساءلتِ عن أبنائكِ احتملوا

مُرّ افتراقكِ؟ أم لطيفكِ التفتوا؟

أما تساءلتِ هل نأوي لمصلحةٍ؟

أم نحن نحو الهوى والهزل ننفلت؟

أما تساءلتِ من يزورُ ضيعتنا

ويحتفي بأناس بالجوى كُبتوا؟

لم يأتِ آتٍ يُسَليهم ويُضحِكهم

حتى تناسَوْا صُوى الكِرام إذ سكتوا

في غربةٍ سلبتْ فحوى سعادتهم

فعاينوا كُنهها ، لذاك قد بُهتوا

فعلليهم بوصل يَطربون له

ويُفحمون الذي عليكِ يفتئت

يا عَزة الخير غالى دربُكِ الوعِثُ

ولم يعد بنوى الأحباب يكترثُ

والشوقُ أوقدَ – في القلوب – جَذوته

والوجدُ أمسى – من الضرام – ينبعث

كلٌ يرى فيكِ آمالاً يتوقُ لها

ولو تحقق – من مجموعها – الثلث

وكم تعرقلنا الأحداث جارية

وكل يوم له – في دارنا – حدث

يا ليت شعري إذا عيناكِ أبصرتا

عيشاً يُصارعُه المَلال والعبث

أين الأمومة – بالتحنان – تغمرُنا

وبيتنا دونها كأنه الجَدث

أين الأمومة تُهدي الطفلَ فرحتهم

إن زايلوا البيت ، أو في أمّه مكثوا؟

أين الأمومة لم نشهد لها أثراً؟

أين الأمومة فيها الخيرُ يبتعث؟

أين الأمومة بالألطاف تشملنا

تضمّ طِفلاً – إلى وئامها – لهثوا؟

والناسُ – من حولنا – لا يأنسون بنا

هُمُ كالخبائث ، تسعى حولها خبُث

يا عَزة الخير شهرٌ غِبتهِ حِجَجُ

ودارنا حلّ فيها التيهُ والدلجُ

وأهلها – في دروب الخير – ما ارتحلوا

وصابروا ، ريثما يأتيهمُ الفرج

إن غِبتِ عنا ، ففي الوجدان صورتكم

ونحن – بالسيرة العصماء – نبتهج

في كل ركن نرى ذِكراكِ ماثلة

وللوصايا – بها – عطرٌ له أرج

نراكِ في الثوب ، ما انفكتْ أساورُه

وإن علا فوقه الترابُ والرهج

نراكِ آمرة فينا ، وناهية

وليست النفسُ – مما قلتِ – تعتلج

وتسألين أناساً عندنا دخلوا

وتسألين الألى – من بيتنا – خرجوا

ولا تمرّ أمورٌ دون غربلةٍ

وإن تمحّك بعضُ القوم ، وانزعجوا

نراكِ – في مطبخ – تاهتْ بشاشتُه

ولم يعد – في مسمّى الطبخ – يندرج

تناثرتْ فيه أطباق وأطعمة

طغى عليها – به – الفسادُ والخمَج

يا عزة الخير بُشرى بعدها فرَحُ

أنْ لا يصيبك مكروهٌ ولا ترَحُ

وأن نراكِ كمثل الشمس ساطعة

أمّا أشعتها فاليُسرُ والمنح

وأن نراكِ بلا سُقم ولا مرض

في عِيشةٍ ملؤها الهناءُ والمَرح

وأن نراكِ وقد جاوزتِ مرحلة

من الرزايا ، فنستقوي وننفتح

كم طاردتْك هنا إذ أصبحتْ شبحاً

واليومَ زال العنا لما قضى الشبح

وأن نراكِ – على الشفاه – بسمتها

والثغر تغمرُه النكات والمِزح

وأن نراكِ بوجهٍ ناضر غردٍ

وصدر مؤمنةٍ باليُمن منشرح

وأن نراكِ كمثل الصبح مسفرة

نمسي على نوره الزاهي ، ونصطبح

وأن نراكِ بأثواب مزركشةٍ

وفوقها حُجُبٌ من فوقها وُشُح

وأن نراكِ هنا بخير عافيةٍ

وعِيشةٍ يعتلي سفينها الفرَح

يا عزة الخير أبنائي هنا اصطرخوا

أني جهرتُ بقول شابه الوسخ

فقلتُ: كلا ، فإن القول متزنٌ

ونصه بكلام الله مرتسخ

وما تجاوزتُ في حق التي رحلتْ

وقبلَ كَوْني حليلاً ، إنني لأخ

فعنفوني بألفاظٍ تفيضُ جفا

وفي سعير خِلافاتي لقد نفخوا

كأنني لستُ – في هذا الجدال – أباً

إذ بعضهم هزئوا ، وبعضهم صرخوا

ماذا فعلتُ لكي يُزروا بمَغضبتي؟

سُقيا لأبناءَ – مِن أبُوّتي – انسلخوا

عليكِ أعتبُ أنْ أهملتِ نصحَهمُ

إن الجميع إذا ناصحتِهم رضخوا

قولي: أبوكم له – شرعاً – مكانته

ولا يجوز بأن تلووا ، وتصطرخوا

وعقدُ إمرته لا شيء يفسخه

مَن هؤلاء الألى – لعقده – فسخوا؟

مازال يدأبُ – في الدنيا – لرفعتكم

أنتم شبابٌ ، وهذا جيله شُيُخ

يا عزة الخير آذاني الألى انتقدوا

وبالنقائض والمثالب انفردوا

يقول قائلهم إذ ساق أسئلة

قوامُها الحقدُ والتشويهُ والحسد

يقول: هل تدّعي جهراً محبتها؟

أجبْ ، ويسمعك المهيمنُ الصمد

وهل تُقدّر مجهوداً تقومُ به؟

كي يَسعد الزوجُ في الحياة والولد

وهل تريدُ لها دوامَ عِشرتها

زوجاً تُحبك يُقري عيشَها الرغد؟

أم أنت تكرهها ، ولا تُكِنّ لها

حباً به تذهب الأوجاعُ والعُقد؟

لا غرْوَ قلها لنا ، بلا مواربةٍ

كي يستريح الألى لاموك ، وانتقدوا

إن شئت ألجمتهم بقول: أكرهها

إن كنت تأمل أن ينأوْا ، ويبتعدوا

قلها ، وأجرُك موفورٌ ومدّخرٌ

إن الشهيد – عليك – الواحدُ الأحد

فقلتُ: فلتسألوها عن علاقتنا

إذ ليس ينقصها عقلٌ ، ولا رَشَد

يا عزة الخير أين النصرُ والنقذ

من جوقةٍ قلبوا القرار ، واتخذوا؟

عليكِ هنتُ ، وهانتْ سُمعتي تبعاً

وصرتُ نهباً لمن عابوا ومن نبذوا

لم يُحسنوا الظن في الأقوال بُحتُ بها

بل أوّلوا القول والأسيافَ قد شحذوا

شتان بيني وبين السارقين غدي

لا يستوي الليث في الميزان والجرذ

قولي الحقيقة ، لا تخشي تطاوُلهم

ولا تخافي من الحِذر الذي أخذوا

إني أحبكِ ، والأحوالُ تشهد لي

مهما تطاولَ مَن مشاعري جبذوا

إني أحبكِ ، والماضي يُسجلها

حقيقة لم تعد تُطوَى وتُنتبذ

إني أحبكِ ، مهما قِيل يكرهها

وإن دهاني الشقا والخذلُ والعَوَذ

إني أحبكِ ، مهما شكّكتْ فِئة

مما افترتْه سيأتي الفوز والنقد

وسائلي كل من أنجبتِ من ولدٍ

لقد يخصّك – بالحقيقة – الفلذ

يا عزة الخير أهل العذل قد مكروا

وأنتِ أعلمُ بالكيد الذي نذروا

فآذريني على إخماد فتنتهم

فلا يكون الذي عليه كم سهروا

ويشهدُ الله أني في محبتكم

دوماً أضحّي ، أنا إليكِ مفتقر

أحبّ فيكِ التزاماً صادقاً وتُقىً

ودمعَ عين همى يراه مقتدر

أحبّ فيكِ رداءً سابغاً تفِلاً

من فوقه وُضعتْ وفق الهُدى خُمُر

أحبّ فيك خشوعاً لا يُضارعُه

خشوعُ قوم بما هم فرّطوا اعتبروا

أحبّ فيك قناعاتٍ يُدعّمُها

نورٌ من الوحي في طيّاته العِبَر

أحبّ فيكِ ذكاءً ليس ينقصه

فراسة ليس تُبقي الحدسَ ، أو تذر

أحبّ فيكِ عفافَ النفس تصحبه

شرافة قد قلاها اللؤمُ والدّبَر

أحبّ فيكِ تدابيرَ الأمور إذا

ما احلولكتْ ظلمٌ ، أو داهم الخطر

يا عزة الخير عز الشعرُ والرجز

ونازعتْني ذكائي الآهُ واللغز

وأنتِ أغلى من القريض أنظِمُه

وإن أكن في بُعيض الوقت أرتجز

أنتِ الحياة ، وإن أزمعتِ راحلة

والعيشُ يسقم إن أودى به العلز

والشعرُ أنتِ بما يحويه من صور

فإن عييتِ فماذا تحمل الصور؟

هل تذكرين عقود الشعر أربعة

وعبرها كنتُ في رؤياكِ أرتجز

أصغِي إلى نقدكِ الدقيق في شغفٍ

فهذه فرَصٌ تُسبى وتُنتهز

فكم أشرتِ برأي طاب رونقه

وصائبُ الرأي يُسبى ثم يُكتنز

وبات عندكِ إلمامٌ وتجربة

شأن العماليق – في أشعارنا – برزوا

وما اشتكيتِ طويل الشعر ، أو هزجاً

ولا اشتكى منكِ كامله ولا الرجز

وما مللتِ من الأشعار أنشدها

ولم يَمَلّكِ صَدرٌ فيه أو عَجُز

يا عزة الخير شعري اليومَ مبتئسُ

إذ جُل ما قلتُ في القِرطاس محتبسُ

وأنتِ أهملتِ ما أنشدتُ عامدة

فصرتُ نقاديَ الأفذاذ ألتمس

إني لأسألُ من تُصغي لمسألتي

أراكِ أنسيته ، مثل الذين نسوا

أين انتقادُكِ للأشعار أكتبها؟

وأين عقلٌ حصيفٌ نابهٌ مَرِس؟

أين اصطفاؤكِ للأبيات في ملأ

تُلقى فتُطربُ من يهوى ويأتنس؟

لذا وعيتِ من الأشعار أعذبها

ولم يكن جَرْسُها عليكِ يلتبس

وكنتِ باهيتِ بالأشعار مَن جهلوا

قدْري ، وقلتِ قصيدُ زوجيَ القبس

وكنتِ عوناً بما تُبدين من زبَدٍ

في ظِلها تُبتنى في شِعريَ الأسس

وكنتِ ناصحة تُزجي نصيحتها

فبورك النصحُ والإرشادُ والنفس

أنا المَدينُ بأبياتٍ بأكملها

ولا أراها مدى الأيام تندرس

يا عزة الخير أبنائي هنا دُهشوا

لمّا جهرتُ بحبي انتابهم دهشُ

صارحتهم إنما حبي لها قدرٌ

من المليك به الفؤادُ ينتعش

والله يعلمُ قلبي كم يُكِنّ لها

من الوداد صفا ، فما به غبش

لكنما سُنة الخلاف باقية

ونحن دوماً على الآراء نحتمش

نرغي ونزبد إن نِيلتْ شريعتنا

وقد يؤجّجُ نارَ الفتنة الوبش

كم من رعاع جَنَوْا على علاقتنا

وأشعلوا بيننا الخلافَ ، واحترشوا

ما بين قوم على تدميرنا اتفقوا

وبعد نقمتهم قبورَنا نبشوا

وآخرين على العدوان قد جُبلوا

يا رب إن شِيك أغلبهم فلا انتقشوا

تعمّدوا أن يخطوا درب خيبتنا

وعِرضنا انتهكوا ، ولحمنا نهشوا

حاكوا الدسائسَ في سِر وفي عَلن

وإفكُهم رغم أنفِ الكل مُنتفش

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

تعليقات