جمال الدنيا سراب! (تحية للإمام النووي)

لكُلِّ فقهٍ رجالٌ ، ثم أركانُ

وكل علم له جيلٌ وبُنيانُ

فإن رأيت بأرض القوم مَلحمة

فاعلم بأنّ لها قوماً لهم شأن

في كل معركةٍ ، لا بد من بطل

وحوله في لقا الأعداء فُرسان

وكم سمعنا من التاريخ عن رجل

له مَعينُ الهُدى والوحي عُنوان

يُعلم الناس ، يمحو زيف غفلتهم

ويقمع الشر ، إنَّ الشر طوفان

وينشر الهَديَ في دنيا يُخربها

بأسٌ وقهرٌ وأموالٌ وشيطان

يُحارب الجهل في نفس به شغفتْ

وأبحُر الجهل أنواعٌ وألوان

يُدرّس الفقه في دين المليك ، ولا

يرضى بديلا ً، فإن الفقهَ تِبيان

ويَبذلُ المالَ في علم يسود به

فبذلُ مال الفتى في العلم عِرفان

هذي الحياة سفينٌ في حقيقتها

وصاحبُ العلم فوق المتن ربان

والفارسُ (النوويٌ) في مُقدمةٍ

تصغي له عند قول الحق آذان

فالضاد تعرفُه ، والفقه عن كَثَب

والأرضُ تعرفه ، والإنس والجان

كم في الحديث لهُ شرحٌ به زُبَدٌ

وفي العقيدة كم للفذ أركان

أسفار علم له زادتْ على مائةٍ

مِدادُها العلمُ ، والقِرطاسُ إحسان

وصاحبُ المُلكِ لم يكسرْ عزيمته

إن العزيمة والإيمانَ صِنوان

أراد أخذَ نقودٍ مِن رعيته

من غير حق له ، والناسُ قد لانوا

يردي التتار بها ، يُعزّ دولته

وليس في الرأس كُرسِيٌّ وتِيجان

فإنَّ (بيبرسَ) معروفٌ بغَيرتهِ

مُوحّدٌ زادُهُ هديٌ وقُرآن

أفتى له الكل: خذْ ما شئتَ ما لَهُمُ

وجاهدِ الشرَ كي ينزاحَ طُغيان

لِمَا يَروْنَ على بيبرسَ مِنْ حَنَفٍ

فليس في قلبه المقرورٍ صُلْبَان

لكنما (النووي) قال: ليس لكم

عندي دليلٌ على ما قُلْتُ فَيْنَان

أنفق حَوائِصَ ما مُلِّكْتَ مِنْ عُبُدٍ

وبعْ حُلي الجواري ، ذاكَ فُرقان

فإنْ كَفَاك أيا (بيبرسَنا) فبِهَا

وإن أردت رباً فَأَنْتَ سُلطان

إن قلتَ: هاتوا فما يعصيك مِنْ أحدٍ

إن الرعية – عندَ الخير – عُبْدان

فاستعبدت سَوْرَةُ السلطان عزمتَهُ

طارَ الصوابُ ، وقال السُّوَء غَضْبَان

فقال (بيبرسُ): فاخرجْ مِن مدينتنا

ضاقتْ بكَ اليومَ أمصارٌ وأوطان

فأومأ (النَّوويُّ) أنَّ طاعتَكم

فرْضٌ عليّ ومَنْ لحُكمكم دانوا

ما دام في طاعة الرحمن أمرُكُمُ

وأنتَ فيها إذن ، وتلكَ أيمَان

اللهُ أكبرُ ، إنَّ العلم ذو شرفٍ

وكل محتقر للعلم دُهقَان

يا (مُحيِيَ الدين) ذُرَّ العِز في دمِنا

فقد تعبدَنا في الدارِ حِيتَان

أهلُ العلوم مضتْ أيامُ سُوْدَدِهم

وعاث مِن بعدهم في الأرض عُقْبان

كلٌّ يبيعُ لأهل الحُكْم مِلَّتَهُ

عمالةٌ قادها في الدار ذوْبَان

أقلهم خطراً مَنْ كان مُرتزقاً

ومَن يُحَرِّفُ وحيَ الله ثُعبان

ويَثبُتُ اليومَ مَن بالله معتصمٌ

ومَن تعلق بالمخلوق خَسران

فاللهُ ناصرُ من – دوماً – يَلوذُ به

ويَخذلُ اللهُ مَن ضلوا ومَن هانوا

يا أيها القوم ، إن اللهَ جامعُكم

ليوم حشر ، وعند الله مِيزان

ما لي أراكم هجرتم أمْرَ بارئكم؟

وقد صددتُم ، وهذا الصدُّ هجران

ما لي أرى جمعكم في التيه مُنجَدِلاً

ووجهه مِن بيان الحق خَزيان؟

يزخرف الزيف بالآيات مرتجلاً

أبِالتحايُلِ وجهُ الحق يَزدان؟

فيمَ التعلقُ بالدنيا وزخرفها؟

ما للبيب بهذي الدار عمران

وإن فقدتُم لدنياكم عقيدتكم

فهل لشَرخ العُرى يا قومِ جُبران؟

إني أهيبُ بكم ، والله غايتُنا

أن تستقيموا ، ثوى في الغي إمعان

خافوا القيامة ، إن الله سائلَكم

وعند ربك جناتٌ ونيران

ففي جهنَّم مَن ضلوا ومَن كفروا

وفي الجنان ترى مَن بالتقُّى دانوا

فاجعل إلهي جنانَ الخُلد مسكننا

فالأنبياءُ بها ، والحُور سُكَّان

والصادقون ومَن باعوا نفوسَهُمُ

والصالحونَ ومَن على الهُدَى كانوا

نحنُ العُصَاةُ ، فكم خُنَّا شريعتَنَا

وأنتَ يا ربَّنا بَرٌّ ورحمن

وصل ربِّ على المبعوث أحمدنا

والآلِ والصَّحبِ ، ما قد عاشَ إنسان

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

تعليقات