بل أنت المستهتر يا زيد (تدافع عن التصوير بجهل!)

أتُوسِعُني نصحاً ، وفي القول تحتدُّ؟

وتجرحُ إحساسي – بشعركَ – يا زيدُ؟

وتكوي بألفاظٍ تعذبُ مُهجتي

كأن بها ناراً يؤجّجُها الوقد؟

وتُشعل حَرباً لا يكفّ أوارُها

ضحايا بها: الخيلُ المُغِيراتُ والجُند؟

أتجعلُ – من كيل الوعيد – تشفياً

وسيلة ضغطٍ بعدَها الشرط والقيد؟

أتضربُ – بالسيف المُبير – تعففي

وقد عاش عن عينيك يسترُه الغِمد؟

أتصطنعُ الأوهامَ ، نحنُ رصيدُها

لتأكلَ ما في القلب خلّفه الوجد؟

أتكسرُ قلبي في البرايا ، وخاطري

وتفتحُ باباً للجوى ، ليس ينسد؟

يميناً تجرعتُ الأسى منك عاتياً

حياتُك بحرٌ سَمته الجَزْرُ والمَد

أفي صَوَرٍ شاعت ، وراج حديثها

تُداهمني منكَ العذاباتُ والكيد؟

وهل عاقلٌ يُودي ببيتٍ وزوجةٍ

لبعض تصاوير؟ فأين مضى الرُشْد؟

عمَدتُ إلى إقناع مَن لا يعيرني

بُعيض انتباهٍ ، ثم آلمني العمد

ألا إنني لم أقترفْ أي مأثمٍ

فرفقاً ، ألم يَجرحْ مشاعرَك النقد؟

حنانيكَ ، لا تسردْ حكاية زوجةٍ

تُعاني ، أما أزرى بك القصّ والسّرد؟

وهبْ أن قومي صوّروني تودّداً

فما أجرموا – فيما أتوْهُ – ولا ارتدوا

تريثْ ، فإن الشعرَ جلّى فضيحتي

وأشمتُ فيَّ الحاقدين ، فما القصد؟

ألستُ ترى التصويرَ في الناس شائعاً؟

لماذا تُغالي في الأمور ، وتحتد؟

تُعلقُ في جُل البيوت ، تزِينها

وتبني جسوراً – بالمَودة – تمتد

وتبعث ذكرى لا يَغيب حَنينها

بها كل مُشتاق بمحبوبه يشدو

يُرَجِّع ذكرى ليس يخبو نحيبُها

على من قضوْا واستأسرَ الخاطرَ الفقد

يعيش مع السلوى ، وينعي صحابَها

وقد غُيبوا قسراً ، وأخفاهُمُ اللحد

تصوّرتُ أرجو أن أعَوّض عِترتي

عن البعد عنهم ، قوتلَ النفيُ والبعد

وعاهدتُهم أنْ لا يكون تداولٌ

فيا ليتهم وفوا لينتصر العهد

وأعطوْا وعوداً أن يصونوا كرامتي

ويرعَوْا شرافاتي ، فما حُقق الوعد

وأبرمَ عقدٌ أن تحَرّم صورتي

على أجنبي أين – يا عِترتي – العقد؟

فخانوا ، ولاك الكل عِرضَ شريفةٍ

فصِيدتْ ، ألا خاب الدهاقينُ والصَيد

فماذا عليّ اليوم؟ قلها صراحة

أأهجو قراباتي؟ وماذا هو الفيد؟

أأهجر أهلي في تصاوير عندهم

لكي يُشهدوا الدنيا لقد ذهِلتْ (هند)؟

فهوّن عليكَ ، الأمرُ أهونُ رتبة

وأوهنُ إيلاماً ، وليس كما يبدو

ودع صوري عند الأقارب ، وانسَها

وأخمدْ خلافاتٍ يُسعّرُها العِند

وصُن بيتاً يا صاح عن كل فتنةٍ

ولا يعتريك الوهمُ يوماً ولا الحِقد

وكن حَذِراً مِن كل نذل وشامتٍ

تأمّلْ تراهم ، جوقة رأسُهم وَغد

فلا تُعطهم سيفاً به يقتلوننا

وكنْ ليناً أرجى بضاعته الود

لماذا تُهِيجُ النفسَ والروحَ غيرة

ويُدْمي ضميرَ الوصل في قلبك الحَرْد؟

لماذا تُضحّي بالديار وأهلها

لبعض تصاويرٍ يُعطرُها الند؟

لماذا تُوافيني بأنكد نبرةٍ

وملحمةٍ فيها المَضا والقنا المُلد؟

تغارُ على زوج ، فتحرقُ أنسَها

ويلفحُ أهلي – مِن حرائقكَ – الصهد

وترمي بالاستخفاف بعضَ تصرفي

وتمْسي قريرَ البال ، دَيدنك السعد

وأنت – بالاستهتار – أولى سجية

وفي دربه الإرمالُ يحدوك والوخد

أتأخذ مِن أهلي المغاوير موقفاً؟

ومثلك أحرى أنْ بأمجادهم يحدو

ألم تدّكِر في صُنعهم وجَميلهم

وكان عليك الشكرُ والمَدحُ والحَمد؟

تزوجتَ منهم يا مغالط غادة

ربيبة حُسن عِطرُه العُودُ والرند

قوامٌ وسَمتٌ واحتشامٌ وعِفة

وسِيماءُ يهواها الرجالاتُ والمُرد

ولولا حيائي – مِن إلهي – وصفتها

وأوهى حيائي الطولُ والعَرضُ والقد

مليكة حُسن لا يُبارى جمالها

فلا عبلة حازتْه – كلا – ولا دَعد

وما بلغتْ (جولييتُ) خصلة شَعرها

ولا الهندُ تأوي مثلَ هذي ولا السند

ولا ضاهأتْ (ليلى) طلاوة وجهها

فما العينُ والرمشُ والأهدابُ والخد

وأنتَ – مِن الحسناء – أدنى مكانة

سليلة أحساب ، وأنت لها عبد

ألا إن أهلي ليس يُنكَر فضلهم

فأخفض جؤاراً دونه البرقُ والرعد

ولا تفتكرْ حِيناً بإرجاع صورةٍ

وهل حلَبٌ يوماً إلى الضرع يرتد؟

وما لك من شأن بشيء يخصّني

تروحُ تصاويري على الأهل أو تغدو

ألا واقض ما تقضي ، فلستَ تخِيفني

وجسرُ تلاقينا بما جئت ينهد

مَللتُ مِن العيش القيودُ تحوطه

فبُشراك يا قلبي ، قد انكسر القيد

حياتي كما أهوى ، وعيشي كما أرى

لماذا كما تهوى البُعولة والوُلد؟

كمثل جميع الناس أحيا طليقة

كما العُرْبُ والأعجامُ والتركُ والكُرد

يعيشون في نعمى ويُسر وغِبطة

وأحيا تُدمّيني العذاباتُ والسهد

ألا ارحل ودعني أنتَ دمرت مَطمحي

وبعدُ جَحدتَ الفضلَ ، لا حبذا الجحد

تشددتَ في كل الأمور ، فزدتني

بلاءً ، وهان الكي بالنار والفصد

زرعتَ الرزايا في طريقي ، فأثمرتْ

شقاء وأهوالاً ، وآن لي الحصد

تزوجْ ، ولن آسى عليك لحيظة

عسى الزوجة الأخرى يكون لها وُجد

تطيعكَ في كل الأمور ، فتهتني

وفي حِضن كلٍّ تعمُر المنزلَ الأسْد

وأختمُ – بالتسليم – يُطْري رسالتي

وبيني وبين المُفتري يحكمُ الفرد

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

تعليقات