الفصل بعد المداولة!

عجبتُ حتى سبا صوابيَ العجَبُ!

والقلبُ مما يرى بين الحشا يجبُ

في قصةٍ أجهدتْ أعصاب قارئها

فأصبحتْ خلجات النفس تحترب

والأمر أصغرُ من قِيام مَحكمةٍ

بالحُكم فيه! فهل جُرْمٌ ومرتكب؟

فيم الإدانة منها النفسُ قد برئتْ؟

فما لها في معاصي ربها رغب

فيم التجني على قلبي ونيته

وهْو الذي لهوى الزلات يجتنب؟

فيم اتهامُ أحاسيسي بما حملتْ

من المعاني؟ أما في روسكم لبب؟

فيم التلاحي عن الشيطان عبّدكم

لما يراهُ؟ وأين العلمُ والأدب؟

جرّمتموني فقولوا: ما أدلتكم؟

وكان حبسي وتوقيفي فما السبب؟

في عالم ألهَ الأصنامَ ، عاد بنا

للجاهلية ، لم يفطن لما يجب

واستحكمتْ فيه داءاتٌ وأوبئة

وبات من هولها بالبؤس يختضب

أمسى يُعَظمُ أوثاناً تُجندله

وللتقاليد فيه الفوز والغلب

واستحدثتْ بدعٌ تُزري بعزته

منها السُلومُ وعُرفُ الغير والنصُب

ألم تكن لجيوش السِلم رايتها؟

هل عُظمتْ ليسود الرمز واللقب؟

أم وقروها لنص فوق هامتها

للنص كل الذي أتوْا به احتسبوا؟

يا قوم قلبي لما أضمرتمُ قلقٌ

وجرحُ نفسي من الأحوال يلتهب

الشرعُ في عصرنا حِبرٌ على ورق

والمسلم الحق بين الناس يغترب

ولا بوادر آمال تطمئننا

أنا مِن النصر والتمكين نقترب

ضاعتْ ممالكنا ، والمجدُ زايلنا

والدارُ عربد فيها اللهو واللعب

وضاع سُؤدَدُنا ، حتى استهان بنا

أعداءُ مِلتنا ، وبئستِ العُصُب

كنا جهابذة في كل مُعتركٍ

والدارُ تشهدُ والتاريخ والكتب

وما استكانت لبلوانا عزائمنا

ولا استكنا لما تأتي به النوب

نحنُ المغاويرُ في حرب وفي سَلم

وتشهدُ الخيلُ والأسيافُ واليلب

لم نقبل الضيم في سر ولا علن

ولم نكن لحقوق الغير نغتصب

واليوم في عَلم ظلماً تحاكمُني

وتلك سابقة دهيا لها العجب

حرّكتُ سهواً يدي ، فصرتُ مُتهماً

وساورَتْ فعلتي الشكوك والريب

وقال قومٌ: يُعادي عامداً عَلماً

إليه – بين جميع الخلق – ينتسب

ولا يحب بلاداً فضلها عَممٌ

عليه ، هل يا ترى أصابه العطب

وقال قوم: عميلٌ لا اعتدادَ به

وفي النقاش لدى التنظير يضطرب

حتى إذا اتفقتْ في الشر كِلمتهم

تعقبوني ، وكان الحكمُ ما طلبوا

حُوكِمتُ ظلماً ، بلا جُرْم ولا خطإ

وعن مُحاكمتي كم ألفتْ خطب

واستؤنف الحكمُ ، والقضاءُ أنصفني

وزالتِ الشبَهُ الرعناءُ والحُجُب

والله أسعفني بالنصر مؤتلقاً

والسحرُ أصبح فوق الكيد ينقلب

سبحان مَن ينصرُ المظلوم ، ينصِفه

لو بعد حين يُلبى عنده الطلب

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

بديع الزمان الهمذاني – المقامة الدينارية

حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ هِشامٍ قَالَ: اتَّفَقَ لي نَذْرٌ نَذَرْتُهُ في دِينَارٍ أَتَصَدَّقُ بِهِ عَلى أَشْحَذِ رَجُلٍ بِبَغْدَادَ، وَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَدُلِلْتُ عَلى أَبِي الفَتْحَ الإِسْكَنْدَرِيِّ، فَمضَيْتُ…

تعليقات