شرح قصيدة – انا ابن جلا وطلاع الثنايا

شرح قصيدة - انا ابن جلا وطلاع الثنايا

أَنَا ابنُ جَلَا وطَلَّاعُِ الثَّنَايَا

متَى أضَعِ العِمامَةَ تَعرِفُوني

وَإِنَّ مَكَانَنَا مِنْ حِمْيَرَيٍّ

مَكَانُ اللَّيْثِ مِنْ وَسَطِ الْعَرِينِ

وَإِنِّي لا يَعُودُ إِلَيَّ قِرْنِي

غَدَاةَ الْغِبِّ إِلَّا فِي قَرِينِ

بِذِي لِبَدٍ يَصُدُّ الرَّكْبُ عَنْهُ

وَلاَ تُوتَى فَرِيسَتُهُ لِحِينِ

عَذَرْتُ البُزْلَ إذْ هِيَ خَاطَرَتْنِي

فَمَا بَالِي وَبَالُ ابْنَيْ لَبُونِ

وَمَاذَا يَدَّرِي الشُّعَرَاءُ مِنِّي

وَقَدْ جَاوَزْتُ رَأْسَ الأَرْبَعِينِ

أَخُو خَمْسِينَ مُجْتَمِعًا أَشُدِّي

وَنَجَّذَنِي مُدَاوَرَةُ الشُّئُونِ

فَإِنَّ عُلاَلَتِي وَجِرَاءَ حَوْلِي

لَذُو شِقٍّ عَلَى الضَّرَعِ الظَّنُونِ

سَأَحْيَا مَا حَيِيتُ وَإِنَّ ظَهْرِي

لَمُسْتَنِدٌ إِلَى نَضَدٍ آمِينِ

كَرِيمُ الْخَالِ مِنْ سَلَفَيْ رِيَاحٍ

كَنَصْلِ السَّيْفِ وَضَّاحُ الْجَبِينِ

فَإِنَّ قَنَاتَنَا مَشِظٌ شَظَاهَا

شَدِيدٌ مَدُّهَا عُنُقَ الْقَرِينِ

— سحيم بن وثيل

ترجمة الشاعر:

سُحَيْمُ بْنُ وَثِيلٍ الرِّيَاحِيُّ أَحَدُ بَنِي حِمْيَرِيٍّ: هو سحيم بن وثيل بن أعيقر بن أبي عمرو بن إهاب بن حميري بن رياح بن يربوع بن حنظلة بن مالك ابن عمرو بن تميم بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر. شاعر مخضرم، عاش في الجاهلية 40 سنة وفي الإسلام 60 سنة. وهو صاحب القصة المشهورة في المعاقرة، وذلك أن أهل الكوفة أصابتهم مجاعة فخرج أكثر الناس إلى البوادي، فعقر غالب بن صعصعة، والد الفرزدق، لأهله ناقة صنع منها طعامًا، وأهدى منه إلى ناس من تميم، فأهدى إلى سحيم جفنة، فكفأها وضرب الذي أتى بها، ونحر لأهله ناقة. ثم تفاخرا في النحر حتى نحر غالب مائة ناقة، ولم تكن إبل سحيم حاضرة، فلما جاءت نحر ثلاثمائة ناقة.

وكان ذلك في خلافة علي بن أبي طالب، فمنع الناس من أكلها وقال: «إنها مما أهل لغير الله به» وقد صدق. فجمعت لحومها على كناسة الكوفة، فأكلها الكلاب والعقبان والرخم.

جو القصيدة:

كان سحيم شيخًا قد بلغ السن، والأخوص والأبيرد (شاعران) شابين يافعين، فتحدياه

فأحفظه ذلك وقال هذه الأبيات، يقارع بها هذا التحدي، ويفخر بأبيه وعشيرته، وبشجاعته. وهو في الأبيات 5 – 8 يهزأ بهما وبسنهما، ويعتز بالحنكة التي أفادها في سن الخمسين.

شرح القصيدة:

(1) ابن جلا: يعني أنا ابن الواضح المكشوف. يقال للرجل إذا كان على الشرف لا يخفى مكانه «هو ابن جلا». و«طلاع الثنايا» بالخفض صفة لأبيه، وبالرفع على أنه من صفته، كأنه قال «وأنا طلاع الثنايا»، وهي جمع «ثنية» وهو الطريق في الجبل.

أراد بذلك أنه جلد مغالب للصعوبات. تعرفوني: قال ثعلب: العمامة تلبس في الحرب وتوضع في السلم. وقال التبريزي: أي متى أسفر وأحدر اللثام عن وجهي تنظروا إلي فتعرفوني.

«الغب»: أن تشرب الإبل يوما ثم تترك يوما. وهو هنا معاودة قرنه إليه في اليوم الثاني. أي إذا قاومني يوما وعاودني من الغد.
أي إذا افترس شيئًا لم يتبعه أحد إلى موضع فريسته إلا بعد حين.
يدري: يختل، والادراء: الختل. أي قد كبرت وتحنكت.

نجذني: حنكني وعرفني الأشياء. منجذ: محنك. مداورة: معالجة. الشؤون: الأمور.

(3) القرين: المقارن والمصاحب. و«في» بمعنى «مع». أراد أن قرنه لا يقاومه من الغد إلا مستعينًا بغيره.

(4) بذي لبد: يعني بأسد، اراد به من استعان به قرنه. «توتى: تؤتى» سهل الهمزة.

(5) البزل: جمع «بازل» وهو البعير المسن. خاطرتي: راهنتي، من «الخطر» وهو الشيء الذي يتراهن عليه. ابن اللبون: ولد الناقة إذا استكمل الثانية ودخل في الثالثة. يقول: إذ راهنني الشيوخ عذرتهم لأنهم أقراني، وأما الشبان فلا مناسبة بيني وبينهم. وأراد بابني لبون الأخوص والأبيرد فإنهما طلبا مجاراته في الشعر.

(6) الأربعين: روى بكسر النون، والأصل فتحها، قال ابن السكيت: كسر نون الجمع لأن القوافي مخفوضة. ولها توجيهات أخر، انظر شرح ابن يعيش على المفصل 5: 11 – 14 والأشموني 1: 120. ورواه المرزباني في الموشح بفتح النون وجعله مثلا للإقواء 22، 132.

(7) مجتمعًا: في طبعة أوربة «مجتمع» وهي توافق بعض الروايات. أشد: جمع «شدة» كنعمة وأنعم، كما ذهب إليه سيبويه وابن جني، ومن وراء ذلك خلاف. واجتماع الأشد عبارة عن كمال القوى في البدن والعقل.
العلالة: أن تحلب الناقة ثم… يقول: الذي بقى مني على الكبر [جري]* شديد. الضرع: الصغير السن. الظنون: الذي لا يوثق بما عنده.

يقال «مسست شيئًا فمشظت يدي»، وهو أن تمس جذعًا فيعلق في يدك شيء من شظاه

(8) العلالة: في تفسيرها بياض في الأصل. وفي اللسان: «أن تحلب الناقة أول النهار وآخره. وتحلب وسط النهار، فتلك الوسطى هي العلالة». الجراء، بكسر الجيم، المجاراة، مصدر «جاراه» أي جرى معه. الشق: المشقة. الضرع: بفتح الراء فقط، وضبطها الشنقيطي بخطه مرتين بكسرها. وهذا تعريف بأن في الأخوص والأبيرد ضعفًا فلا يقدران على مجاراته وإن كان شيخًا. وبيته يشبه البيت الذي تحدياه به.

(9) النضد، بفتح الضاد: السرير ينضد عليه المتاع والثياب.

(11) مشظ شظاها: مثل لامتناع جانبه. أي لا تمس قناتنا فينالك منها أذى، وإن قرن بها أحد مدت عنقه وجذبته فذل، كأنه في حبل يجذبه. قاله في اللسان. «عنق» مفعول للمصدر «مدها».

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في أبيات شعر مدح

قد يعجبك أيضاً

تعليقات