Skip to main content
search

لا تَحسَبوا رَبعَكُم وَلا طَلَلَه

أَوَّلَ حَيٍّ فِراقُكُم قَتَلَه

قَد تَلِفَت قَبلَهُ النُفوسُ بِكُم

وَأَكثَرَت في هَواكُمُ العَذَلَه

خَلا وَفيهِ أَهلٌ وَأَوحَشَنا

وَفيهِ صِرمٌ مُرَوِّحٌ إِبِلَه

لَو سارَ ذاكَ الحَبيبُ عَن فَلَكٍ

ما رَضِيَ الشَمسَ بُرجُهُ بَدَلَه

أُحِبُّهُ وَالهَوى وَأَدأُرَهُ

وَكُلُّ حُبٍّ صَبابَةٌ وَوَلَه

يَنصُرُها الغَيثُ وَهيَ ظامِئَةٌ

إِلى سِواهُ وَسُحبُها هَطِلَه

واحَرَبا مِنكِ يا جَدايَتَها

مُقيمَةً فَاِعلَمي وَمُرتَحِلَه

لَو خُلِطَ المِسكُ وَالعَبيرُ بِها

وَلَستِ فيها لَخِلتُها تَفِلَه

أَنا اِبنُ مَن بَعضُهُ يَفوقُ أَبا ال

باحِثِ وَالنَجلُ بَعضُ مَن نَجَلَه

وَإِنَّما يَذكُرُ الجُدودَ لَهُم

مَن نَفَروهُ وَأَنفَدوا حِيَلَه

فَخراً لِعَضبٍ أَروحُ مُشتَمِلَه

وَسَمهَرِيٍّ أَروحُ مُعتَقَلَه

وَليَفخَرِ الفَخرُ إِذ غَدَوتُ بِهِ

مُرتَدِياً خَيرَهُ وَمُنتَعِلَه

أَنا الَّذي بَيَّنَ الإِلَهُ بِهِ ال

أَقدارَ وَالمَرءُ حَيثُما جَعَلَه

جَوهَرَةٌ يَفرَحُ الكِرامُ بِها

وَغُصَّةٌ لا تُسيغُها السَفِلَه

إِنَّ الكِذابَ الَّذي أَكادُ بِهِ

أَهوَنُ عِندي مِنَ الَّذي نَقَلَه

فَلا مُبالٍ وَلا مُداجٍ وَلا

وانٍ وَلا عاجِزٌ وَلا تُكَلَه

وَدارِعٍ سِفتُهُ فَخَرَّ لَقىً

في المُلتَقى وَالعَجاجِ وَالعَجَلَه

وَسامِعٍ رُعتُهُ بِقافِيَةٍ

يَحارُ فيها المُنَقِّحُ القُوَلَه

وَرُبَّما أُشهِدُ الطَعامَ مَعي

مَن لا يُساوي الخُبزَ الَّذي أَكَلَه

وَيُظهِرُ الجَهلَ بي وَأَعرِفُهُ

وَالدُرُّ دُرٌّ بِرَغمِ مَن جَهِلَه

مُستَحيِياً مِن أَبي العَشائِرِ أَن

أَسحَبَ في غَيرِ أَرضِهِ حُلَلَه

أَسحَبُها عِندَهُ لَدى مَلِكٍ

ثِيابُهُ مِن جَليسِهِ وَجِلَه

وَبيضُ غِلمانِهِ كَنائِلِهِ

أَوَّلُ مَحمولِ سَيبِهِ الحَمَلَه

ما لِيَ لا أَمدَحُ الحُسَينَ وَلا

أَبذُلُ مِثلَ الوُدِّ الَّذي بَذَلَه

أَأَخفَتِ العَينُ عِندَهُ خَبَراً

أَم بَلَغَ الكَيذُبانُ ما أَمَلَه

أَم لَيسَ ضَرّابَ كُلِّ جُمجُمَةٍ

مَنخُوَّةٍ ساعَةَ الوَغى زَعِلَه

وَصاحِبَ الجودِ ما يُفارِقُهُ

لَو كانَ لِلجودِ مَنطِقٌ عَذَلَه

وَراكِبَ الهَولِ لا يُفَتِّرُهُ

لَو كانَ لِلهَولِ مَحزِمٌ هَزَلَه

وَفارِسَ الأَحمَرِ المُكَلِّلَ في

طَيِّئٍ المُشرَعَ القَنا قِبَلَه

لَمّا رَأَت وَجهَهُ خُيولُهُمُ

أَقسَمَ بِاللَهِ لا رَأَت كَفَلَه

فَأَكبَروا فِعلَهُ وَأَصغَرَهُ

أَكبَرُ مِن فِعلِهِ الَّذي فَعَلَه

القاطِعُ الواصِلُ الكَميلُ فَلا

بَعضُ جَميلٍ عَن بَعضِهِ شَغَلَه

فَواهِبٌ وَالرِماحُ تَشجُرُهُ

وَطاعِنٌ وَالهِباتُ مُتَّصِلَه

وَكُلَّما آمَنَ البِلادَ سَرى

وَكُلَّما خيفَ مَنزِلٌ نَزَلَه

وَكُلَّما جاهَرَ العَدُوَّ ضُحىً

أَمكَنَ حَتّى كَأَنَّهُ خَتَلَه

يَحتَقِرُ البيضَ وَاللِدانَ إِذا

سَنَّ عَلَيهِ الدِلاصَ أَو نَثَلَه

قَد هَذَّبَت فَهمَهُ الفَقاهَةُ لي

وَهَذَّبَت شِعرِيَ الفَصاحَةَ لَه

فَصِرتُ كَالسَيفِ حامِداً يَدَهُ

لا يَحمَدُ السَيفُ كُلَّ مَن حَمَلَه

أبو الطيب المتنبي

أبو الطيّب المتنبي (303هـ - 354هـ) (915م - 965م) هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي أبو الطيب الكندي الكوفي المولد، نسب إلى قبيلة كندة نتيجة لولادته بحي تلك القبيلة في الكوفة لا لأنه منهم. عاش أفضل أيام حياته وأكثرها عطاء في بلاط سيف الدولة الحمداني في حلب وكان من أعظم شعراء العرب، وأكثرهم تمكناً من اللغة العربية وأعلمهم بقواعدها ومفرداتها، وله مكانة سامية لم تُتح مثلها لغيره من شعراء العرب. فيوصف بأنه نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، واشتُهِرَ بحدة الذكاء واجتهاده وظهرت موهبته الشعرية مبكراً.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024