Skip to main content
search

يحكى قديما، في عهد الخليفة الأموي سيف ابن قيس لما ولووه إمارةالكوفة، بلغه آنذاك بأن غريمه اليهودي تاجر العير بسومطرة،  محملا  معه بقافلة  شامية زادا وفيرا، و عددا لا يقل عن مائة جارية من جميع الأصقاع، تمكن من جلبهن معا عابرا كلا من مصر و قرطاجة، و بعض منهن كن سبيات من حروب المسلمين مع الروم و الماغول شرق آسيا و كذا الهند و السند. سال لعاب السلطان و أراد تحري من هن النسوة بتلك القافلة؟ و لذا كان عليه إرسال من يخبره رحالهن بها، و يتعرف عمن تفوقهن حسنا و ذكاءا، كي يظمها لحريمه بالبلاط الملكي.

بعث برجلين من أمهر اتباعه السريين لتقصي المسألة، أحدهم يدعى بدران البعلبكي و الآخر سعدي يعمل بخان القلعة يلقب بأبو النوارس، لشدة ولعه بصيد البوادي و تربية الصقور بجزيرة العرب. سافر التابعان حتى لحقا بالقافلة، ثم حاولا التقصي عن بعد منها بين التلال الرملية و النخيل المتناثر هنا و هناك خوفا من انكشاف امرهم لرياع القافلة، فقد عرف عنهم سؤددهم، و لا يرحمون قطاع الطرق الذين يحاولون التعرض لسلعتهم النفيسة.

لما حطت القافلة بمضرب قرب واحة فسيحة، خرجت بعض الحوريات للسقاية و الراحة لسويعات قليلة..كن فاتنات و يأسرن لب الفؤاد، لقوامهن الجميل، و كذا الزينة المرصعة على جباههن و اعناقن و حتى الخلاخل..دون أن ننسى كسوتهن الباهية و التي كانت اغلبها من خان الفرات ببغداد.. حملت احداهن نايها، و عزفت وصلتها بلحنها الشجي المعهود، و غنت عده السرمدية من نسل الزهراء، و أنشدت مقطوعة قالت فيها:

أيا شربة الحلى بين ضفاف البوادي..

روحي هفت و سلوى بالحان نايي..

أيا ترى أينان و ما حلا حتى زادي..

يا حيي أجب عنا فنطقي ما باقي..

في حينها، يطل المليح بين نخيل الغدير و بدنو نحوهن، يتنحنح و ينحني للنبع، فيتروي من مائه و يغتسل منه، ما إن سمعن صهيل فرسه، حتى هرعن لمغادرة المكان فورا، خوفا من تكشفهن، و من شدة الفزع اصيبت عده بكعبها، فتململت و سقطت فجأة بالرمال، أما الأخريات لما تخفين ولم يجدنها بينهن، حرن لغيابها، و سارت الشعثاء لتفقدها و لما رأت مصابها، تجهم وجهها و صارت تبكي صارخة:

الشعثاء: وا سوأتاه..ما بلاك يا اختي عده!! تعالين و احملنها يا اخوات..فيا ويلتاه فلا أحد منا داري… لما ارتاحت المصابة المليحة عده و استفاقت من غيبوبتها. رمقها أبو النوارس بعين الرضى و طمأن قلبها قائلا: لبيك و سعديك يا منية القلب، التاج كله تحت إمرتك، فقد صرت مولالته من الآن.. 

انطلق التابعين و النسوة معهن في خفية ، وغادروا المكان بحذر حتى لا يدري الرياع بهربهم، و لما صرن النسوة بين يدى الخليفة الأموي، و بعد استنطاق الحضريات، تبين أن عده و كذا الشعثاء أيضا ما كانتا إلا سليلتين من نسل أبو اسحاق إبراهيم من بني كعب، فلما تلاقى الأغراب، جفت الحروف و طويت الصحف، و السلام على خير الأنام النبي محمد ابن عبد الله الهاشمي القرشي، و الويل لأبناء عم نعمى للزير سالم، الكافرين بدين الله إلى حد قيام الساعة.



مشاركات الأعضاء

رسالة أبوين إلى ولد عاق!

أحمد علي سليمان عبد الرحيمأحمد علي سليمان عبد الرحيم

اترك ردا

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024