Skip to main content
search

وَما هِيَ إِلّا لَحظَةٌ بَعدَ لَحظَةٍ إِذا

نَزَلَت في قَلبِهِ رَحَلَ العَقلُ

 جَرى حُبُّها مَجرى دَمي في مَفاصِلي

فَأَصبَحَ لي عَن كُلِّ شُغلٍ بِها شُغلُ

 وَمِن جَسَدي لَم يَترُكِ السُقمُ شَعرَةً

فَما فَوقَها إِلّا وَفيها لَهُ فِعلُ

— المتنبي

شرح الأبيات: (شرح أبي العلاء المعري)

 

شرح البيت الأول:

يقول: لا يتولد الهوى إلا من نظرة إثر نظرة، فإذا حلت تلك اللحظات المتكررة في القلب، رحل العقل وزوال بعد نزولها، فلا ينتفع بعد ذلك بالعقل.

شرح البيت الثاني:

يقول: جرى حب هذه المرأة في جميع بدني، واستولى عليّ بجملتي وجرى مجرى الدم، أي أنه امتزج بجميع بدني كالدم الجاري فيه، فأصبح لي شغل بها، يشغلني بها، يشغلني عن كل شغل هو سواه، وقيل معناه: أن هواها ذلّلني حتى عنها من شدة تأثيره في روحي وعقلي وبدني.

شرح البيت الثالث:

يقول: لم يترك السقم من جسدي شعرة وما فوقها، في الصفر أو العظم إلا وفيها للسقم تأثير وفعل، وتأثير في الشعرة؛ لأن تحت كل شعرة منفذ إلى البدن، فيريد أن الحب وصل إلى كل مكان من جسده، وفعل السقم في الشعر: الشيب. وقيل: أراد بالشعرة: أقل شيء من جسده.

أبو الطيب المتنبي

أبو الطيّب المتنبي (303هـ - 354هـ) (915م - 965م) هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي أبو الطيب الكندي الكوفي المولد، نسب إلى قبيلة كندة نتيجة لولادته بحي تلك القبيلة في الكوفة لا لأنه منهم. عاش أفضل أيام حياته وأكثرها عطاء في بلاط سيف الدولة الحمداني في حلب وكان من أعظم شعراء العرب، وأكثرهم تمكناً من اللغة العربية وأعلمهم بقواعدها ومفرداتها، وله مكانة سامية لم تُتح مثلها لغيره من شعراء العرب. فيوصف بأنه نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، واشتُهِرَ بحدة الذكاء واجتهاده وظهرت موهبته الشعرية مبكراً.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024