Skip to main content
search

لَقَد صاحَ بِالبَينِ الحَمامُ النَوائِحُ

وَهاجَت لَكَ الشَوقَ الحُمولُ الرَوائِحُ

حَلَلنا الحِمى حَتّى اِنمَحَت نَبهَةُ النَدى

وَسارَت بِأَخبارِ المَصيفِ البَوارِحُ

رَمَتني بِلَحظٍ فِعلَهُ المَوتُ واصِلٌ

إِلى النَفسِ لا تَنأى عَلَيهِ المَطارِحُ

كَلَحظَةِ بازٍ صائِدٍ قَبلَ كَفِّهِ

بِمُقلَتِهِ وَالطَيرُ عَنهُ بَوارِحُ

لَنا وَفرَةٌ ما وَفَّرَتها دِماؤُنا

وَلا ذَعَرَتها في الصَباحِ الصَوابِحُ

تَقَسَّمَهُنَّ الحَربُ إِلّا بَقِيَّةً

تَرُدُّ عَلَينا حينَ تُخشى الجَوائِحُ

إِذا غَدَرَت أَلبانُها بِضُيوفِنا

وَفَت لِلقِرى جيرانُها وَالصَفايِحُ

وَقَيَّدَها بِالنَصلِ خِرقٌ كَأَنَّهُ

إِذا جَدَّ لَولا ما جَنى السَيفُ مازِحُ

كَأَنَّ أَكُفَّ القَومِ في جَنَباتِهِ

قَطاً لَم يُنَفِّرهُ عَنِ الماءِ سارِحُ

وَقَدَّمَ لِلأَضيافِ فَوهاءَ لَم تَزَل

تُجاهِرُ غَيظاً كُلَّما راحَ رائِحُ

كَأَنَّ بَناتِ الغَليِ في حَجَراتِها

إِذا ما اِنجَلَت أَفلاءُ خَيلٍ رَوائِحُ

وَكَم حَضَرَ الهَيجاءَ في ناصِحِ الشَظا

تَكامَلَ في أَسنانِهِ فَهوَ قارِحُ

لَهُ عُنُقٌ يَغتالُ طولَ عِنانِهِ

وَصَدرٌ إِذا أَعطَيتَهُ الجَريَ سابِحُ

إِذا مالَ في أَعطافِهِ قُلتَ شارِبٌ

عَناهُ بِتَصريفِ المُدامَةِ صابِحُ

أَبى المَوتُ أَن تُخشى شُرَيرَةُ حَلَّهُ

لَعَلَّ الَّذي تَخشى شُرَيرَةَ صالِحُ

فَإِن مُتُّ فَاِنعيني إِلى المَجدِ وَالتُقى

وَلا تَسكُبي دَمعاً إِذا قامَ نائِحُ

وَقولي هَوى عَرشُ المَكارِمِ وَالعُلى

وَعُطِّلَ ميزانٌ مِنَ العِلمِ راجِعُ

فَما يُخلِقُ الثَوبَ الجَديدَ اِبتِذالُهُ

كَما يُخلِقُ المَرءَ العُيونُ اللَوامِحُ

عبد الله بن المعتز

عبد الله بن المعتز بالله وهو أحد خلفاء الدولة العباسية. كان أديبا وشاعرا ويسمى خليفة يوم وليلة. ولد في بغداد، وأولع بالأدب، فكان يقصد فصحاء الأعراب ويأخذ عنهم. وصنف كتباً كثير، وهو مؤسس علم البديع.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024