Skip to main content
search

أُسَائِلُكُمْ هَلْ مِنْ خَبِيرٍ بِسَلْوَانِ

فَفِي لَيْلِ هَمِّي ضَاعَ أو سُبْلِ أجْفَانِي

وَهَلْ عِنْدَكُمْ عِلْمٌ بِصَبْريَ أَنَّنِي

فَقَدتُ جَمِيلَ الصَّبْرِ أَوْجَعَ فُقْدَانِ

يَقُولُونَ خَفّضْ بَعْضَ مَا بِكَ مِنْ جَوىً

وَهَانَ عَلَى الْمُرْتَاح مَا لَقِيَ الْعَانِي

تَضِيقُ عَلَىَّ الأَرْضُ وَهيَ فَسِيحَةٌ

كَمَا ضَاقَ فَوْقَ الْخِصْرِ مَعْقِدُ هِمْيَانِ

وَمَا يَفْتَأ الشَّوْقُ الْمُقِيمُ بِأضْلُعِي

إِذَا حِدْتُ عَنْ طَوْقِ الصَّبَابَةَ أَفْتَانِي

وَلَيْسَ مَشِيباً مَا تَروْنَ بمَفْرِقِي

وَلَكِن خُطُوبٌ جَمَّةٌ ذَاتُ أَلْوَانِ

وَأرَّقَ عَيْنِي والأسَى يَبْعَثُ الأَسَى

مُطَوّقَةٌ نَاحَتْ عَلَى غُصُنِ الْبَانِ

لِمَنْ دِمَنٌ يَشْكُو الْعَفَاءَ رُسُومُهَا

كَخَطِّ زَبُورٍ فِي مَصَاحِف رُهْبان

وَقَفْتُ بِهَا أَذْرِي النَّجِيعَ كَأَنَّمَا

تَقَرَّبَ وَشْكُ الْبَيْنِ مِنِّي بِقُرْبَانِ

دِيَارُ الأُلَى كَانُوا إِذَا أُفُقٌ دَجَا

كَوَاكِبَ يَجْلُو نُورُهَا لَيْلَ أَشْجَانِي

هَوَتْ مِنْ سَمَاءٍ بَعْدَمَا كُنَّ زِينَةً

فلَهْفِي عَلَيْهَا مِنْ ثَلاَثَةِ شُهْبَانِ

رَمَانِي بِيَعْقُوبَ الزَّمَانُ وَبَعْدَهُ

رَمَانِي بابراهيمَ فَذَانِكَ سَهْمَانِ

وَإِن كَانَ مَا بَيْنَ الخُطُوبِ تَفَاضُلٌ

فَلاَ مِثْلَ فَقْدِي أَحْمَدَ بْنَ سُلَيْمَانِ

فَإِنِّي إِنْ أَدْرَجْتُ مَحْضَ مَسَرَّتِي

وَجُمْلَةَ أُنْسي بَيْنَ لَحْدٍ وَأَكْفَانِ

فَوَاللهِ مَا أَنْسَانِي الدَّهْرُ أَوَّلاً

بِثَانٍ وَلاَ أُنْسِيْتُ بِالثَّالِثِ الثَّانِي

تَخَوَّنَهُمْ صَرْفُ الرَّدَى فَتَخَرَّمُوا

كَمَا انْتَثَرَتْ يَوْماً قِلاَدَةُ عِقْيَانِ

فَمِنْ سَابِقٍ وَلَّى عَلَى إِثْرِ سَابِقٍ

كَمَا اسْتَبَقَتْ غُرَّ الْجِيَادِ بِمَيْدَانِ

بِنَفْسِي مَنْ حَيَّيتُهُ فَسْتَخَفَّ بِي

وَلَوْ أَنَّهُ رَدَّ التَّحِيَّةَ أَحْيَانِي

وَعَهْدِي بِهِ مَهْمَا دَعَوْتُ وَبَيْنَهُ

وَبَيْنِي الْفَلاَ والسيل وَالْخَيْلُ لَبَّانِي

دَنَا مَنْزِلاً مِنِّي وَشَطَّ مَزَارُهُ

فَأيْنَ لِقَلْبِي مِنْهُ بِالشَّاحِطِ الدَّانِي

أَلاَ لَيْتَ عُمْرِي لَمْ يُفِدْنِي زَمَانُهُ

مَوَدَّةَ خِلٍّ سَارَ عَنِّي وَخَلاَّنِي

فَلَوْ شَعَرَتْ نَفْسِي وَإِنِي لَشَاعِرٌ

بِهِ يَوْمَ أَرْدَانِي لَشَمَّرْتُ أَرْدَانِي

هُوَ الْمَوْتُ يَخْتَارُ الْخِيَارَ وَيَنْتَقِي

جَنىً لِبَنِي الدُّنْيَا كَمَا يَفْعَلُ الْجَانِي

فَلاَ تَقْنَ مَا يَفْنَى تَعِشْ وَادِعَ الْحَشَا

أبى الدَّهْرُ أَنْ يُبْقِي عَلَى الدَّثِرِ الفَانِي

صَدِيقُ الْفَتَى إِنْ حُقِّقَ الْحَقُّ رَوحُهُ

وَكَمْ نِسْبَةٍ مَا بَيْنَ رُوحٍ وَجُثْمَانِ

وَمَا حَالُ زَنْدٍ لَمْ يُؤيَدْ بِسَاعِدٍ

وَمَا حَالُ طَرْفٍ قَدْ أُصِيبَ بِإِنْسَانِ

وَهَبْنِي أَمِنْتُ الْحَادِثَات ولَمْ تَرُعْ

جَنَانِي وَخَلاَّنِي الزّمَانُ وَحَلاَّنِي

ألَيْسَ إِلَى التَّحْلِيلِ كَلَّ مُرَكَّب

مُقَدِمَةٌ لَمْ يَخْتَلِفْ عِنْدَهَا اثْنَانِ

يَدُسُّ لِي الدَّهْرُ المَكِيدَةَ فِي الْمُنَى

فَإِنْ قُلْتُ قَضَّانِي الْحُقُوقَ تَقَاضَانِي

وَآمُلُ بُقْيَا فِي مَحِلَّة قُلْعَةٍ

لَقَدْ زِدْتُ فِي فَرْضِ الأَمَانِي عَلَى بَانِي

أيَعْقُوبُ مَا حُزْنِي عَلَيْكَ بِمُنْقَضٍ

وَلاَ أُنْسُ إِنْسَانٍ مُصَابَكَ أَنْسَانِي

وَلاَ حَلِيَ الْحَالِي عَلَى الْبُعْدِ غَرّنِي

وَلاَ عَيْشِيَ الْهَانِي عَلَى النَّأي الْهَانِي

فَمَنْ لِي بِدَمْع فِي الْمَحَاجِرِ مُنْهَمٍ

عَلَيْكَ وَقَلبٍ فِي الْحَنَاجِرِ حَيْرَانِ

نَسَبْتُ إِلَى مَاءِ السَّمَاءِ مَدَامِعِي

فَأَوْرَثَ لِي فِيهَا شَقَائِقَ نُعْمَانِ

إِذَا مَا حَدَتْ رِيحُ الزَّفِيرِ سَحَابَهَا

ثِقَالاً سَقَى مِنْهَا المَعَاهِدَ عِهْدَانِ

وَقَدْ كَانَ قَبْلَ الْيَوْم دَمْعِيَ خَالِصاً

وَلَكِنَّ إِدْمَانِي عَلَى الدَّمْعِ أَدْمَانِي

لَقَدْ كُنْتَ لِي رُكْناً شَدِيداً وَسَاعِداً

مَدِيداَ وَمَذْ خُوراً لِسِرِّي وَإِعْلاَنِي

كَسَا لَحْدَكَ الرَّيْحَانُ وَالرَّوْحُ وَالرِّضَى

فَقَدْ كُنْتَ رَوْحِي فِي الْحَيَاةِ وَرَيْحَانِي

وَجَادَتْ عَلَى مَثْواكَ مُزْنَةُ رَحْمَةٍ

يُحَيِّيكَ مِنْهَا كُلُّ أَوْطَفَ هَتَّانِ

وَمَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ إِلاَّ حَدِيقَةً

مِنَ الْفَضْلِ تُوتِي أَكْلَهَا كُلَّ إِبَّانِ

أَمِينٌ عَلَى السِّرِّ المَصُونِ مُحَافِظٌ

عَلَى كَتْمِهِ إِنْ ضَاقَ صَدْرٌ بِكتْمَانِ

لِئَنْ بَلِيَتْ تِلْكَ المَحَاسنُ في الثَّرَى

فَحُزْنِي جَدِيدٌ ما اسْتَمَرَّ الْجَدِيدَانِ

وَآهٍ عَلَيْهَا مِنْ نعيمٍ ونَضْرَةٍ

وَلَهْفاً عَلَيْهِ من شَبَابٍ وَرَيْعَانِ

ذَكَرْتُكَ وَالأَيَّامُ سَلْمٌ وَشَمْلُنَا

جَمِيعٌ وَطَرْفُ الدَّهْرِ لَيْسَ بِيَقْظَانِ

وَللنَّرْجِسِ المَطْلُولُ تَحْدِيقُ أَعْيُنٍ

وَللآسَةِ الغَنَّاءِ تَحْدِيدُ آذَانِ

وَلِلشَّمْسِ مَيْلٌ لِلْغُرُوبِ مُرَنَّحٌ

كَما رجَحَ الدِّينَارُ فِي كَفِّ مِيزَانِ

بِسَاطٌ طَوَاهُ الدَّهْرُ إِلاَّ تَذَكّراً

فَمَا تَنْقَعُ الرَّمْضَاءُ غُلَّةَ ظَمْآنِ

وَإِنْ ذُكِرَ الإِخْوَانُ مَنْ مثِلُ أحمَدٍ

ألاَ كُلّ مَرْعىً بَعْدَهُ غَيْرُ سَعْدَانِ

ذَخِيرَة أيَّامِي وَوُسْطَى قِلاَدتي

وَنُكْتَةُ إِخْلاَصِي وَحِكْمَةُ دِيوَانِي

وَمَنْ إِنْ ضَلِلْتُ القَصْدَ يَوْمَ اسْتِفَادَةٍ

هَدَانِي إِلَى نَهْجِ السَّبِيلِ وَهَادَانِي

شَهِيدٌ مَرَتْ عَيْنِي عَلَيْهِ نَجِيعَهَا

كَأَنَّهُمْ وارَوْهُ مَا بيْنَ أَجْفَانِي

أَخِلاَّءً كَانُوا فِي الشَّدَائِدِ عُدَّةً

إِذَا أَثْمَرَتْ هُوجُ الخُطُوبِ بِخُطْبَانِ

تَمَّناهُمُ مَثْوَى الرَّدَى فَتَحَمَّلُوا

وَحَلَّوا جوَارَ اللهِ أَكْرَمَ ضِيفَانِ

يَحِقُّ لَهَمْ أنْ يُغْبَطُوا إِذْ تنَقَلُوا

إِلَى العَالمِ البَاقِي منَ العَالمِ الفَانِي

وَمَا أَكْفَتِ اللَّقُيا وَإِنْ بعُدَ المَدَى

ويَا قُرْبَ مَا بَيْنَ المُعَجِّلِ والوَانِي

سَكَنْتُمْ فَحَرَّكْتُمْ جحِيمَ جَوَانِحِي

وَغِبْتُمْ فَأَحْضَرْتُمْ لَوَاعِجَ أَحْزَانِي

وَيمَّمتُم خُلْدَ النَّعِيمِ فَإِنَّنِي

لأشْقَى فَيَا بُؤْسِي بِسُكَّانِ نَعْمَانِ

وَلو أنَّنِي أَعْطَيْتُ نَفْسِيَ حَقَّهَا

فَمَا أنَا لِلْعَهْدِ الكَرِيمِ بِخَوَّانِ

بَكَيتُ عَلَى أَجْدَائِكُمْ غَيْرَ مُقْلِعٍ

إِلَى أنْ يَقُولَ النَّاسُ عَابدَ أَوْثَانِ

وصِحْتُ بِرَكْبِ العَدْلِ لا تَنْوِ خَطْرَةً

عَلَى حُسْنِ عَهْدِي فَهْوَ توأَمُ إِيمَانِي

ولاَ عَارَ في وِرْدِ الحَمَامِ فَإِنَّهُ

سَبيلُ الوَرَى مَا بَيْنَ شِيبٍ وشُبَّانِ

لَعَمْرُكَ مَا يَصْفُو الزَّمَانُ لِوَراِدٍ

وَإِنْ طَالَ مَا أحْمَى لَظَى الْحَرْبِ صَفَّانِ

وَقِس آتِياً مِنْ أَمْرِهِ بالَّذِي مَضَى

فَرُبَّ قِيَاسٍ كَانَ أَصْلاً لِبُرْهَانِ

أَمَا تَرَكَتْ كسْرَى كَسيراً صُرُوفُهُ

وَلانَ عَلَى صَوْلاَتِهِ مَلِكُ الَّلانّ

وَمَدَّ إِلَى سَيْفٍ أَكُفَّ اعْتِدَائِهِ

فَأَخْرَجَهُ بالرَّغْم مِنْ غَمْدِ غُمْدَانِ

وهَلْ داَفَعَتْ خَطْباً تَوَابعُ تُبَّعٍ

وَهَلْ دَرَأَت كَرْباً ِسَياسَةُ سَاسَانِ

وَكانَ قِيَادُ الصَّعْبِ صَعْبَاً مُمَنَّعَاً

فَأَلقَى إِلَى الدُّنْيَا مَقَادَةَ إِذْعَانِ

جَلَتْ لِبَنِي العَبَّاسِ وَجْهَ عُبُوسِهَا

وَقَبْلُ أَمَرَّتْ شِرْبَ أَبْنَاءِ مَرْوَانِ

وَكَمْ أَخْلَفَتْ شَتَّى المُنَى مِنْ خَلِيفَةٍ

وَأَذوَتْ رِيَاحُ الدَّهْرِ أَدْوَاءَ تِيجَانِ

وَغَادَرَتِ القَصر الْمَشِيدَ بِنَاؤُهُ

بِسَنْدَاد قُفْرا بَلْقَعاً بَعْدَ عُمْرَان

وَلو تُبْق يَوْماً لِلْخَوَرْنق رَونَقاً

وَلاَ شَعَبَتْ مَا اخْتَلَّ مِنْ شِعْبِ بَوَّانِ

وَكَمْ مِنْ أَبِيٍّ سَامَهُ القَسْرَ دَهْرُهُ

فَأَبْدَى لهُ بَعْدَ الرَّضَا وَجْهَ غَضْبَانِ

وَمُحْتَقِبٍ مَاضِي الذُّبَابَيْنِ فِي الوَغَى

سَطَا مِنْهُ بِالأَنْفِ الحَمِّي ذُبَابَانِ

وَأَيَّ سُرُورٍ لَمْ يَعُدْ بِمَسَاءَةٍ

وأي كمال لم يعاقب بنقصان

وَمَنْ بَاعَ مَا يَبْقَى بِفَانٍ فَإِنَّمَا

تَعَجَّلَ فِي دُنْيَاهُ صَفْقَةَ خُسْرَانِ

خُذُوهَا عَلَى بُعْدِ النَوَى مِن مُسَهَّدٍ

حَلِيفِ أسىً هَا فِي الجَوَانحِ لَهْفَانِ

وَوَاللهِ مَا وَفَّيِتُ حَقَّ مَوَدَّةٍ

وَلكَنَّهُ ُوسْعِي وَمَبْلَغُ إِمْكَانِي

وَمَهْمَا تسَاَوى مُطْنِبٌ وَمُقَصِّرٌ

بِحَالٍ فَحُكْمُ النُطْقِ وَالَّصْمِت سِيَّانِ

وَلا لَوْمَ لِي فِي العَجْزِ عَنْ نَيْل فَائِتٍ

فَإِنَّ الذِي أعْيَ البَرِيَّةَ أَعْيَانِي

لسان الدين بن الخطيب

محمد بن عبد الله بن سعيد بن عبد الله بن سعيد بن علي بن أحمد السّلماني الخطيب و يكنى أبا عبد الله، هو شاعر وكاتب وفقيه مالكي ومؤرخ وفيلسوف وطبيب وسياسي من الأندلس

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024