Skip to main content
search

في مِثلِ حُبِّكُمُ لا يَحسُنُ العَذَلُ

وَإِنَّما الناسُ أَعداءٌ لِما جَهِلوا

رَأَوا تَحَيُّرَ فِكري في صِفاتِكُمُ

فَأَوسَعوا القَولَ إِذ ضاقَت بِيَ الحِيَلُ

وَأَنَّهُم عَرَفوا في الحُبِّ مَعرِفَتي

بِشَأنِكُم عَذَروا مِن بَعدِ ما عَذَلوا

يا جاعِلي خَبَري بِالهَجرِ مُبتَدَأً

لا عَطفَ فيكُم وَلا لي مِنكُمُ بَدَلُ

رَفَعتُ حالي وَرَفعُ الحالِ مُمتَنِعٌ

إِلَيكُمُ وَهوَ لِلتَمييزِ يَحتَمِلُ

كَم قَد كَتَمتُ هَواكُم لا أَبوحُ بِهِ

وَالأَمرُ يَظهَرُ وَالأَخبارُ تَنتَقِلُ

وَبِتُّ أُخفي أَنيني وَالحَنينَ بِكُم

تَوَهُّماً أَنَّ ذاكَ الجُرحَ يَندَمِلُ

كَيفَ السَبيلُ إِلى إِخفاءِ حُبِّكُمُ

وَالقَلبُ مُنقَلِبٌ وَالعَقلُ مُعتَقَلُ

يا مُلبِسي القَلبِ ثَوبَ الحُزنِ بَعدَهُمُ

حُزني قَشيبٌ وَصَبري بَعدَكُم سَمِلُ

لِذا بَواكِرُ أَيّامي لِبُعدِكُمُ

أَصائِلٌ وَضُحاها بَعدَكُم طَفَلُ

أَحسَنتُمُ القَولَ لي وَعداً وَتَكرِمَةً

لا يَصدُقُ القَولُ حَتّى يَصدُرَ العَمَلُ

حَتّى إِذا وَثِقَت نَفسي بِمَوعِدِكُم

وَقُلتُ بُشرايَ زالَ الخَوفُ وَالوَجَلُ

حَمَّلتُموني عَلى ضُعفي لِقُوَّتِكُم

مالَيسَ يَحمِلُهُ سَهلٌ وَلا جَبَلُ

لِلَّهِ أَيّامُنا وَالدارُ دانِيَةٌ

وَالشَملُ مُجتَمِعٌ وَالجَمعُ مُشتَمِلُ

شَفَيتُ غُلَّةَ قَلبي وَالغَليلَ بِها

فَاليَومَ لا غُلَّتي تَشفى وَلا الغَلَلُ

يا حَبَّذا نَسمَةُ السَعدِيِّ حينَ سَرَت

مَريضَةً في حَواشي مِرطِها بَلَلُ

لا أَوحَشَ اللَهُ مِن قَومٍ لِبُعدِهِمُ

أَمسَيتُ أَحسُدُ مَن بِالغَمضِ يَكتَحِلُ

غابوا وَأَلحاظُ أَفكاري تُمَثِّلُهُم

لِأَنَّهُم في ضَميرِ القَلبِ قَد نَزَلوا

ساروا وَقَد قَتَلوني بَعدَهُم أَسفاً

يا لَيتَهُم أَسَروا في الرَكبِ مَن قَتَلوا

وَخَلَّفوني أَعُضُّ الكَفَّ مِن نَدَمٍ

وَأَكثِرُ النَوحَ لَمّا قَلَّتِ الحِيَلُ

أَقولُ في إِثرِهِم وَالعَينُ دامِيَةٌ

وَالدَمعُ مُنهَمِرٌ مِنها وَمُنهَمِلُ

ما عَوَّدوني أَحِبّائي مُقاطَعَةً

بَل عَوَّدوني إِذا قاطَعتُهُم وَصَلوا

وُسِرتُ في إِثرِهُم حَيرانَ مُرتَمِضاً

وَالعيسُ مِن طَلِّها تَحفى وَتَنتَعِلُ

تُريكَ مَشيَ الهُوَينا وَهيَ مُسرِعَةٌ

مَرَّ السَحابَةِ لا رَيثٌ وَلا عَجَلُ

لا تَنسِبَنَّ إِلى الغِربانِ بَينَهُمُ

فَذاكَ بَينَ غَدَت غِربانُهُ الإِبِلُ

وَفي الهَوادِجِ أَقمارٌ مُحَجَّبَةٌ

أَغَرَّةٌ حَمَلَتها الأَينُقُ الذَلُلُ

تِلكَ البُروجُ الَّتي حَلَّت بُدورُهُمُ

فيها وَلَيسَ بِها ثَورٌ وَلا حَمَلُ

وَحَجَّتِ العيسَ حادٍ صَوتُهُ غَرِدٌ

بِنَغمَةٍ دونَها المَزمومُ وَالرَمَلُ

حَدا بِهِم ثُمَّ حَيّا عيسَهُم مَرَحاً

وَقالَ سِر مُسرِعاً حُيّيتَ ياجَمَلُ

لَيتَ التَحَيَّةَ كا نَت لي فَأَشكُرَها

مَكانَ يا جَمَلٌ حُيِّتَ يا رَجُلُ

صفي الدين الحلي

صَفِيِّ الدينِ الحِلِّي (677 - 752 هـ / 1277 - 1339 م) هو أبو المحاسن عبد العزيز بن سرايا بن نصر الطائي السنبسي نسبة إلى سنبس، بطن من طيّ. وهو شاعر عربي نظم بالعامية والفصحى، ينسب إلى مدينة الحلة العراقية التي ولد فيها.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024