Skip to main content
search

أبَي الزّمان سوى ما يكره الشّرفُ

والدّهرُ صَبٌّ بإسخاطِ العُلا كَلفُ

لو كان شخصٌ تفوت الحزنَ مهجتُهُ

لكنتَ ذاك ولكنْ ليس تنتصفُ

إذا بَقِيتَ فمن يعدوك مُحتَسبٌ

في الشّمسِ ما أشرقت عن كوكبٍ خَلَفُ

إذا تيقَّنتِ الأرواحُ بِعْثَتَها

إلى الحِمامِ فماذا ينفع الأسفُ

وَكيف تُخطِي سهامُ الموت مُفْلِتَةً

مَنْ نَحرُهُمْ لحنِيّاتِ الرّدى هدفُ

يسعى الفتى وخيولُ الموت تطلبه

وإنْ نوى وقفةً فالموتُ ما يقفُ

نَلقى من الدّهر ما يُدمِي محاجرَنا

وما لنا عن هوَى رؤياه مُنْصَرَفُ

أفعالُنا للرَّزايا فيه مُنكِرةٌ

ونطقُنا باِرتحالٍ عنه معترِفُ

إِنْ لم توفِّ لياليه مكارهَها

فقد تقدّم في أرزائها سَلَفُ

كلُّ المواطن من كفّ الرّدى كَثَبٌ

وكلُّ أرضٍ على هول الرّدى شَرَفُ

لا دَرَّ دَرُّ اللّيالِي أخذُها فُرَصٌ

ومنعُها غُصَصٌ بل جودها سَرَفُ

إذا حزنتَ فقلبُ المجد مكتئبٌ

وإنْ قُذِيتَ ففي وجه الضُّحى سَدَفُ

ولو علمتَ ببسطِ الدّهرِ قبضتَهُ

إلى فِنائِك ما طالتْ له كَتِفُ

لكنّه سارقٌ يُخفِي زيارتَه

وليس من سطوةِ السّرّاقِ مُنتَصَفُ

إنْ كل أطلق فيك الدّهرُ منطقَه

فقد دعاك لسانٌ حشوُهُ كَفَفُ

أو كان ألْهَبَ في مَغناك سابقَهُ

فقد ثناه برجلٍ ملؤُها حَنَفُ

يُهدِي العزاءَ إلى المفقودِ مُفتَقِدٌ

مؤزَّرٌ بثيابِ الموتِ مُلتحفُ

ويصرف الهمَّ عن قلبٍ أطاف به

مَن قلبُهُ لنواصي الهمّ مكتنفُ

إنّ الّتي أضرمتْ أحشاءَنا جَزَعاً

تلقاك منها غداً في الجنّةِ الزُّلفُ

ولن يُذكّرك المُسلون موعظةً

وأنت تعلم منها فوق ما وصفوا

الشريف المرتضى

ابوالقاسم السيد علي بن حسين بن موسی المعروف بالشريف المرتضى هو مرتضی علم الهدی (966 – 1044 م) الملقب ذي المجدين علم الهدي، عالم إمامي من أهل القرن الرابع الهجري. من أحفاد علي بن أبي طالب، نقيب الطالبيين، وأحد الأئمة في علم الكلام والأدب والشعر يقول بالاعتزال مولده ووفاته ببغداد.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024