Skip to main content
search

أما الديار فتلك عين ظبائها

لكن سمر الخط من رقبائها

يسفرن فالأقمار في هالاتها

ويسمن فالأغصان في أنقائها

هب أن للأقمار مثل بعادها

من أين للأقمار مثل ضيائها

من كل فاتكة بعيني مغزل

أداء متلعة إلى أطلائها

تحيي النفوس بوصلها ويعودها

عجب الصبا فتميتها بجفائها

كلفي بغيداء المعاطف رودها

ظمياء مخطفة الحشا هيفائها

لاحت ومارس قوامها فالشمس تحـ

ـت قناعها والغصن تحت ردائها

يذكي غليل القلب ماء شبابها

وتفيض ماء العين نار حيائها

وعدت فنادى عاشقيها غدرها

لكم البقاء على وفاة وفائها

خذ لي ذمام جفونها ولحاظها

فحشاشتي لم يبق غير ذمائها

ولكم منيت بليلة مسودة

ما دار ذكر البدر في أحشائها

طالت وما ضر الصبابة والأسى

لو أنها قصرت كيوم لقائها

سمحت بمن أهوى ولولا خيفة الإع

دام ما بخلت ببدر سمائها

ذي وجنة ما لاح ماثل خالها

بل لاح أسود مقلتي في مائها

حنت الهلال فسورته بها كما

نظمت عليه العقد من جوزائها

عاطيته كأس المدامة غانياً

برضابه المعسول عن صبائها

حتى بدا ضوء الصباح كطلعة ال

ملك العزيز سطت على ظلمائها

الفاضح الأنواء تفهق بالندى

ومجدل الأقران يوم ندائها

غيث إذا ما شيم عام جدوبها

ليث إذا ما هيج في هيجائها

حتم على الأعناق طاعة سيفه

والحرب شامسة على أبنائها

من أسرة أصفى موارد ملكها

بأيائه المعروف من آيائها

فإذا وائل طغتكين تذوكرت

أغنت سمات الجود عن أسمائها

ما احمر وجه البرق إلا أنه

خجل غداة الوفد من أنوائها

فليعلم اليمن القصي بأنه

دار فناء العدم عند فنائها

لكسوتها حبر السماح فاخجلت

كفاك ما صنعت يدا صنعائها

ظمئت فكان ذاك ضامن نقعها

وشكت فكان السيف حاسم دائها

وصرفت صرف الدهر عنها ساخطاً

وعففت عن أموالها ودمائها

لهي السماء فرعت هضب سماكها

لا جاهداً ورفعت سمك بنائها

وكتبت أطراس الفلا بكتائب

أبداً يسير النصر تحت لوائها

أطلعت بيض ظبي وسود قساطل

فجمعت بين صباحها ومسائها

فاليوم قر الملك فوق سريره

وصفت مياه العدل من أقذائها

ما كان إلا كالحسام جلوته

وكذا السيوف تروق عند جلائها

فالمجد قلب قد حللت سواده

والهر عين أنت في سودائها

مهدتم الدنيا فكم من منة

مشكورة لكم على خلفائها

ورددتم الحق المضاع بأنفس

تنبو سيوف الهند دون مضائها

ومواقف مشهورة مشهودة

سقم الرجاء فصح في أرجائها

فلأنتم أطوادها يوم الحبى

وغيوثها السمحاء يوم حبائها

آساد حومتها حماة ذمارها

أقمار حندسها شموس ضحائها

شيدتم ما هد من أركانها

وحملتم ما جل من أعبائها

كانت مروعة فكنتم أمنها

وعلى شفا فمننتم بشفائها

فلربما جود سننتم نهجه

وفروض مجد قمتم بأدائها

ومآثر أثلتموها يا بني أيوب

كل العد عن إحصائها

فالدولة العذراء بعد نشوزها

رفت كما شاءت إلى أكفائها

إن أوحشت منك الشآم فطالما

آنست يومي بؤسها ورخائها

ألبستها حلل الكآبة في النوى

وسلبت ثوبي حسنها وبهائها

فإليك من دون الورى صرفت

قصائد قصدها وثنت عنان ثنائها

من كل مطلقة الروي إذا احتبت

في الطرس جلى البشر طلق روائها

تضاءل الأموال عند جلائها

ونواظر الآمال من نظرائها

طوت البلاد وكلما داست ثرى

أثرى وكان يعد من فقرائها

فأتتك ترفل في خصيب النبت ما

سحبت عليه ذيل ملائها

دانت لها الأفهام حتى أنه

من حقها ما خيل من خيلائها

تطغى فيقصرها الحياء وتارة

تمضي إذا خطبت على غلوائها

إن لم يكن أفضى إليك وليها

فقد استناب إليك حسن ولائها

وكفى فتى وقفت عليك ظنونه

إن السماحة والغنى بإزائها

ابن الساعاتي

علي بن محمد بن رستم بن هَردوز، أبو الحسن، بهاء الدين بن الساعاتي. (1158 - 1207) م شاعر مشهور، خراساني الأصل، ولد ونشأ في دمشق. وكان أبوه يعمل الساعات بها. قال ابن قاضي شهبة: برع أبو الحسن في الشعر، ومدح الملوك، وتعانى الجندية وسكن مصر. وتوفي بالقاهرة. وأخوه الطبيب ابن السَّاعاتي (618 هـ 1221 م)

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024