Skip to main content
search

أُشَرِّقُ أَم أُغَرِّبُ يا سَعيدُ

وَأَنقُصُ مِن زَماعي أَم أَزيدُ

عَدَتني عَن نَصيبَينَ العَوادي

فَنُجحي أَبلَهٌ فيها بَليدُ

أَرى الحِرمانَ أَبعُدُهُ قَريبٌ

بِها وَالنُجحَ أَقرَبُهُ بَعيدُ

تَقاذَفَ بي بِلادٌ عَن بِلادي

كَأَنّي بَينَها خَبَرٌ شَرودُ

وَبِالساجورِ مِن ثُعَلِ بنِ عَمرٍو

صَناديدٌ مِنَ الفِتيانِ صيدُ

إِذا سَجَعَ الحَمامُ هُناكَ قالوا

لِفَرطِ الشَوقِ أَينَ ثَوى الوَليدُ

وَأَينَ يَكونُ مَرتَهَنٌ بِدَهرٍ

شَريدٌ في حَوادِثِهِ طَريدُ

وَخَلَّفَني الزَمانُ عَلى أُناسٍ

وُجوهُهُمُ وَأَيديهِم حَديدُ

لَهُم حُلَلٌ حَسُنَّ فَهُنَّ بيضٌ

وَأَفعالٌ سَمُجنَ فَهُنَّ سودُ

وَأَخلاقُ البِغالِ فَكُلَّ يَومٍ

يَعِنُّ لِبَعضِهِم خُلُقٌ جَديدُ

وَأَكثَرُ ما لِسائِلِهِم لَدَيهِم

إِذا ما جاءَ قَولُهُمُ تَعودُ

وَوَعدٌ لَيسَ يُعرَفُ مِن عُبوسِ اِن

قِباضِهِمِ أَوَعدٌ أَم وَعيدُ

أُناسٌ لَو تَأَمَّلَهُم لَبيدٌ

بَكى الخَلفَ الَّذي يَشكو لَبيدُ

أَلا لَيتَ المَقادِرَ لَم تُقَدَّر

وَلَم تَكُنِ الأَحاظي وَالجُدودُ

فَنَنظُرَ أَيَّنا يُضحي وَيُمسي

لَهُ هَذي المَواكِبُ وَالعَبيدُ

فَلَو كانَ الغِنى حَظّاً كَريماً

لَأَخطَأَهُ النَصارى وَاليَهودُ

وَلَكِنَّ الزَمانَ زَمانُ سوءٍ

سِجالُ الأَمرِ يَفعَلُ ما يُريدُ

فَأَسعُدُهُ عَلى قَومٍ نُحوسٍ

وَأَنحُسُهُ عَلى قَومٍ سُعودُ

البحتري

البحتري (205 هجري - 284 هجري): هو أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى التنوخي الطائي، أحد أشهر الشعراء العرب في العصر العباسي. البحتري بدوي النزعة في شعره، ولم يتأثر إلا بالصبغة الخارجية من الحضارة الجديدة. وقد أكثر من تقليد المعاني القديمة لفظيا مع التجديد في المعاني والدلالات، وعرف عنه التزامه الشديد بعمود الشعر وبنهج القصيدة العربية الأصيلة ويتميز شعره بجمالية اللفظ وحسن اختياره والتصرف الحسن في اختيار بحوره وقوافيه وشدة سبكه ولطافته وخياله المبدع.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024