Skip to main content
search

رُدّي عَلى المُشتاقِ بَعضَ رُقادِهِ

أَو فَاِشرِكيهِ في اِتِّصالِ سُهادِهِ

أَسهَرتِهِ حَتّى إِذا هَجَرَ الكَرى

خَلَّيتِ عَنهُ وَنِمتِ عَن إِسعادِهِ

وَقَسا فُؤادُكِ أَن يَلينَ لِلَوعَةٍ

باتَت تَقَلقَلُ في صَميمِ فُؤادِهِ

وَلَقَد عَزَزتِ فَهانَ طَوعاً لِلهَوى

وَجَنَبتِهِ فَرَأَيتِ ذُلَّ قِيادِهِ

مَن مُنصِفي مِن ظالِمٍ مَلَّكتُهُ

وُدّي وَلَم أَملِك عَشيرَ وِدادِهِ

إِن كُنتُ أَعرِفُ غَيرَ سالِفِ حُبِّهِ

فَبَليتُ بَعدَ صُدودِهِ بِبِعادِهِ

قَد قُلتُ لِلغَيمِ الرُكامِ وَلَجَّ في

إِبراقِهِ وَأَلَحَّ في إِرعادِهِ

لا تَعرِضَنَّ لِجَعفَرٍ مُتَشَبِّهاً

بِنَدى يَدَيهِ فَلَستَ مِن أَندادِهِ

اللَهُ شَرَّفَهُ وَأَعلى ذِكرَهُ

وَرَآهُ غَيثَ عِبادِهِ وَبِلادِهِ

مَلِكٌ حَكى الخُلَفاءَ مِن آبائِهِ

وَتَقَيَّلَ العُظَماءَ مِن أَجدادِهِ

إِن قَلَّ شُكرُ الأَبعَدينَ فَإِنَّهُ

وَهّابُ عُظمِ طَريفِهِ وَتِلادِهِ

يَزدادُ إِبقاءً عَلى أَعدائِهِ

أَبَداً وَإِفضالاً عَلى حُسّادِهِ

أَمَرَ العَطاءَ فَفاضَ مِن جَمّاتِهِ

وَنَهى الصَفيحَ فَقَرَّ في أَغمادِهِ

يا كالِئَ الإِسلامَ في غَفَلاتِهِ

وَمُقيمَ نَهجى حَجِّهِ وَجِهادِهِ

تَهنيكَ في المُعتَزِّ بُشرى بَيَّنَت

فينا فَضيلَةَ هَديِهِ وَرَشادِهِ

قَد أَدرَكَ الحُلمُ الَّذي أَبدى لَنا

عَن حِلمِهِ وَوَقارِهِ وَسَدادِهِ

وَمُبارَكٌ ميلادُ مُلكِكَ مُخبِرٌ

بِقَريبِ عَهدٍ كانَ مِن ميلادِهِ

تَمَّت لَكَ النَعماءُ فيهِ مُمَتَّعاً

بِعُلُوِّ هِمَّتِهِ وَوَريِ زِنادِهِ

وَبَقيتَ حَتّى تَستَضيءَ بِرَأيِهِ

وَتَرى الكُهولَ الشيبَ مِن أَولادِهِ

البحتري

البحتري (205 هجري - 284 هجري): هو أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى التنوخي الطائي، أحد أشهر الشعراء العرب في العصر العباسي. البحتري بدوي النزعة في شعره، ولم يتأثر إلا بالصبغة الخارجية من الحضارة الجديدة. وقد أكثر من تقليد المعاني القديمة لفظيا مع التجديد في المعاني والدلالات، وعرف عنه التزامه الشديد بعمود الشعر وبنهج القصيدة العربية الأصيلة ويتميز شعره بجمالية اللفظ وحسن اختياره والتصرف الحسن في اختيار بحوره وقوافيه وشدة سبكه ولطافته وخياله المبدع.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024