Skip to main content
search

تَرَكَ السَوادَ لِلابِسيهِ وَبَيَّضا

وَنَضا مِنَ السِتّينَ عَنهُ ما نَضا

وَشآهُ أَغيَدُ في تَصَرُّفِ لَحظِهِ

مَرَضٌ أَعَلَّ بِهِ القُلوبَ وَأَمرَضا

وَكَأَنَّهُ أَلفى الصِبا وَجَديدَهُ

دَيناً دَنا ميقاتُهُ أَن يُقتَضى

أَسيانَ أَثرى مِن جَوىً وَصَبابَةٍ

وَأَسافَ مِن وَصلِ الحِسانِ وَأَنفَضا

كَلِفٌ يُكَفكِفُ عَبرَةً مُهراقَةً

أَسَفاً عَلى عَهدِ الشَبابِ وَما اِنقَضى

عَدَدٌ تَكامَلَ لِلذَهابِ مَجيئُهُ

وَإِذا مُضِيُّ الشَيءِ حانَ فَقَد مَضى

خَفِّض عَلَيكَ مِنَ الهُمومِ فَإِنَّما

يَحظى بِراحَةِ دَهرِهِ مَن خَفَّضا

وَارفُض دَنِيّاتِ المَطامِعِ إِنَّها

شَينٌ يَعُرُّ وَحَقُّها أَن تُرفَضا

قَعقَعتُ لِلبُخَلاءِ أَذعَرُ جَأشَهُم

وَنَذيرَةٌ مِن باتِكٍ أَن يُنتَضى

وَكَفاكَ مِن حَنَشِ الصَريمِ تَهَدُّداً

أَن مَدَّ فَضلَ لِسانِهِ أَو نَضنَضا

لَم يَنتَهِض لِلمَكرُماتِ مُشَيَّعٌ

مِثلَ الوَزيرِ إِذا الوَزيرُ اِستَنهِضا

غَمرٌ مَتى سَخِطَ الخَلائِقَ ساخِطٌ

كانَ الخَليقُ خَليقَةً أَن تُرتَضى

لَو جاوَدَ الغَيثُ المُثَجَّجُ كَفَّهُ

لَأَتَت بِأَطوَلَ مِن نَداهُ وَأَعرَضا

ما كانَ مَورِدُنا أُجاجاً عِندَهُ

ثَمَداً وَلا المَرعى الخَصيبُ تَبَرُّضا

كَم مِن يَدٍ بَيضاءَ مِنهُ ثَنى بِها

وَجهاً تَلَألَأَ لِلبَشاشَةِ أَبيَضا

وَمَعاشِرٍ رَدَّ العُبوسُ وُجوهَهُم

أَوقابَ مَحنِيَةٍ لَبِسنَ العَرمَضا

لا بورِكَت تِلكَ الخِلالُ وَلا زَكَت

تِلكَ الطَرائِقُ ما أَدَقَّ وَأَغمَضا

مازالَ لي مِن عَزمَتي وَصَريمَتي

سَنَداً يُثَبِّتُ وَطأَتي أَن تُدحَضا

لَستُ الَّذي إِن عارَضَتهُ مُلِمَّةٌ

أَلقى إِلى حُكمِ الزَمانِ وَفَوَّضا

لا يَستَفِزُّني الطَفيفُ وَلا أَرى

تَبَعاً لِبارِقِ خُلَّبٍ إِن أَومَضا

وَأَعُدُّ عُدمي لِلكِرامِ وَخَلَّتي

شَرَفاً أُتيحَ لَهُم وَمَجداً قُيِّضا

وَالحَمدُ أَنفَسُ ما تَعَوَّضُهُ اِمرُؤٌ

رُزِئَ التِلادَ إِذا المُرَزَّأُ عُوِّضا

قَد قُلتُ لِابنِ الشَلمَغانِ وَرابَني

مِن ظُلمِهِ لي ما أَمَضَّ وَأَرمَضا

لا تُنكِرَن مِن جارِ بَيتِكَ أَن طَوى

أَطنابَ جانِبِ بَيتِهِ أَو قَوَّضا

فَالأَرضُ واسِعَةٌ لِنُقلَةِ راغِبٍ

عَمَّن تَنَقَّلَ عَهدُهُ وَتَنَقَّضا

لا تَهتَبِل إِغضاءَتي إِذ كُنتُ قَد

أَغضَيتُ مُشتَمِلاً عَلى جَمرِ الغَضا

أَنَ مَن أَحَبَّ مُصَحَّحاً وَكَأَنَّني

فيما أُعاني مِنكَ مِمَّن أَبغَضا

أَغبَبتَ سَيبَكَ كَي يَجِمَّ وَإِنَّما

غُمِدَ الحُسامُ المَشرَفِيُّ لِيُنتَضى

وَسَكَتُّ إِلّا أَن أُعَرِّضَ قائِلاً

نَزراً وَصَرَّحَ جُهدَهُ مَن عَرَّضا

ما صاحَبَ الأَقوامَ في حاجاتِهِم

مَن ناءَ عِندَ شُروعِهِنَّ وَأَعرَضا

إِلّا يَكُن كُثرٌ فَقُلُّ عَطِيَّةٍ

يَبلُغ بِها باغي الرِضا بَعضَ الرِضا

أَو لا تَكُن هِبَةٌ فَقَرضٌ يُسِّرَت

أَسبابُهُ وَكَواهِبٍ مَن أَقرَضا

البحتري

البحتري (205 هجري - 284 هجري): هو أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى التنوخي الطائي، أحد أشهر الشعراء العرب في العصر العباسي. البحتري بدوي النزعة في شعره، ولم يتأثر إلا بالصبغة الخارجية من الحضارة الجديدة. وقد أكثر من تقليد المعاني القديمة لفظيا مع التجديد في المعاني والدلالات، وعرف عنه التزامه الشديد بعمود الشعر وبنهج القصيدة العربية الأصيلة ويتميز شعره بجمالية اللفظ وحسن اختياره والتصرف الحسن في اختيار بحوره وقوافيه وشدة سبكه ولطافته وخياله المبدع.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024