Skip to main content
search

أَهلَكَ وَاللَيلَ أَيُّها الرَجُلُ

قَد طالَ هَذا الرَجاءُ وَالأَمَلُ

عَوِّل عَلى الصَبرِ وَاِتَّخِذ سَبَباً

إِلى اللَيالي فَإِنَّها دُوَلُ

ما أَبعَدَ المَكرُماتِ عَن رَجُلٍ

عَلى سُؤالِ الرِجالِ يَتَّكِلُ

وَما يُريدُ الفَتى بِهِمَّتِهِ

بُلِّغَهُ مِن وَرائِهِ أَجَلُ

لَيسَ الثَرى وَالثَرِيَّ وَالعِزَّةَ ال

قَعساءَ إِلّا السُيوفُ وَالصَلُ

كُلُّ إِمرِئٍ شُغلُهُ بِقِصَّتِهِ

وَلِلفَزارِيِّ بِالقَنا شُغلُ

فَكُن عَلى الدَهرِ فارِساً بَطَلاً

فَإِنَّما الدَهرُ فارِسُ بَطَلُ

هَل هُوَ إِلّا سَبيلُ أَوَّلِكَ ال

ماضينَ أَينَ الجَحاجِحُ الأُوَّلُ

كانوا فَبانوا وَبانَ ذِكرُهُمُ

فَلَيسَ إِلّا الرُسومُ وَالطَلَلُ

لا بُدَّ لِلخَيلِ أَن تَجولَ بِنا

وَالخَيلُ أَرماحُنا الَّتي تَصِلُ

فَمَرَّةً بِاللُجَينِ تَنعَلُها

وَمَرَّةً بِالدِماءِ تَنتَعِلُ

حَتّى تَرى المَوتَ تَحتَ رايَتِنا

تُطفَأُ نيرانُهُ وَتَشتَعِلُ

فَأَقنى حَياءً فَلَستُ مِن غَزَلٍ

فَلَيسَ مِنّي النِساءُ وَالغَزَلُ

طارَ غُرابُ الشَبابُ مُرتَحِلاً

وَحَلَّ شيبٌ فَلَيسَ يَرتَحِلُ

هَذا لِهَذا وَالدَهرُ لِلغِنى سَبَبٌ

وَالمَرءُ في نَفسِهِ لَهُ عِلَلُ

تَنَقَّلُ الدَهرِ لِلغِنى سَبَبٌ

وَالمَرءُ وَالدَهرَ حَيثُ يَنتَقِلُ

فَدُم عَلَى صَبرِكَ الجَميلِ لَهُ

وَاِعمَل فَإِنَّ المُلوكَ قَد عَمِلوا

إِيّاكَ وَالناسُ أَن تُحَمِّلَهُم

فَوقَ الَّذي الآدَمِيُّ يَحتَمِلُ

إِيّاكَ وَالبُخلَ عِندَ مَكرُمَةٍ

وَإِن رَأَيتَ الرِجالَ قَد بَخِلوا

وَاِرغَب إِلى اللَهِ لا إِلى أَحَدٍ

فَإِنَّهُ خَيرُ واصِلٌ تَصِلُ

البحتري

البحتري (205 هجري - 284 هجري): هو أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى التنوخي الطائي، أحد أشهر الشعراء العرب في العصر العباسي. البحتري بدوي النزعة في شعره، ولم يتأثر إلا بالصبغة الخارجية من الحضارة الجديدة. وقد أكثر من تقليد المعاني القديمة لفظيا مع التجديد في المعاني والدلالات، وعرف عنه التزامه الشديد بعمود الشعر وبنهج القصيدة العربية الأصيلة ويتميز شعره بجمالية اللفظ وحسن اختياره والتصرف الحسن في اختيار بحوره وقوافيه وشدة سبكه ولطافته وخياله المبدع.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024