Skip to main content
search

إِنَّ التَجارُبَ طَيرٌ تَألَفُ الخَمَرا

يَصيدُها مَن أَفادَ اللُبَّ وَالعُمرا

كَم جُزتُ شَهراً وَكَم جَرَّمتُ مِن سَنَةٍ

وَما أَرانِيَ إِلّا جاهِلاً غُمُرا

وَالغَيُّ كَالنَجمِ عُرياناً بِلا سُتُرٍ

وَلِلحُقوقِ وُجوهٌ أُلبِسَت خُمُرا

أَلا سَفينَةَ أَو عِبراً أَمُدُّ لَهُ

كَفّي فَأَنجُوَ مِن شَرٍّ لَها غَمَرا

فَلا يَغُرَّنكَ مِن قُرّائِنا زُمَرٌ

يَتلونَ في الظُلَمِ الفُرقانَ وَالزُمَرا

يُقامِرونَ بِما أوتوهُ مِن حِكَمٍ

وَصاحِبُ الظُلَمِ مَقمورٌ إِذا قَمَرا

يُبدي التَدَيُّنَ مُحتالاً ضَمائِرُهُ

غَيرُ الجَميلِ إِذا ماجَسمُهُ ضَمَرا

يَشدو مَزاميرَ داوُدٍ وَيُفَضِّلُهُ

في النُسكِ نافِخُ مِزمارٍ لَهُ زُمَرا

وَلا تُشيفَن عَلى دارٍ لِتَنظُرَها

فَمَن أَشافَ عَلى قَومٍ كَمَن دَمَرا

يوفي عَلى المِنبَرِ العالي خَطيبُهُمُ

وَإِنَّما يَعِظُ الآسادَ وَالنُمُرا

هُمُ السِباعُ إِذا عَنَّت فَرائِسُها

وَإِن دَعَوتَ لِخَيرٍ حُوِّلوا حُمُرا

قَد صَدَقَّ الناسُ ما الأَلبابُ تُبطِلُهُ

حَتّى لَظَنّوا عَجوزاً تَحلُبُ القَمَرا

أَناقَةٌ هُوَ أَم شاةٌ فَيَمنَحَها

عُسّاً تَغيثُ بِهِ الأَضيافَ أَو غُمَرا

وَحَدَّثَتكَ رِجالٌ عَن أَوائِلِها

فَاِسمَع أَحاديثَ مَينٍ تُشبِهُ السَمَرا

رَجَوتُ أَغصانَ سِدرٍ أَن تُظَلِّلَني

وَقَد تَقَلَّصَ مِنها الظِلُّ وَاِنشَمَرا

يُخالِفُ الطَبعَ مَعقولٌ خُصِصتَ بِهِ

فَاِقبَل إِذا ما نَهاكَ العَقلُ أَو أَمَرا

وَالدارُ تَدمُرُ مِن كُلٍّ وَما غَرَضي

كَونٌ بِتَدمُرَ لَكِن مَنزِلٌ دَمَرا

وَالإِنسُ أَشجارُ ناسٍ أَثمَرَت مَقِراً

وَأَكثَرُ القَومِ شاكٍ يَفقِدُ الثَمَرا

وَما التَقِيُّ بِأَهلٍ أَن تُسَمِّيَهُ

بَرّاً وَلَو حَجَّ بَيتَ اللَهِ وَاِعتَمَرا

وَالقَلبُ يَغرى بِما تُهدي الرِياحُ لَهُ

كَحَملِها الريحَ مِن زَيدٍ إِلى عُمَرا

ثِب مِن طِمارٍ إِذا لَم تَستَطِع سَرَباً

وَثِب شَبيهَ التَميمِيِّ الَّذي طَمَرا

أبو العلاء المعري

أبو العلاء المعري (363 هـ - 449 هـ) (973 -1057م) هو أحمد بن عبد الله بن سليمان القضاعي التنوخي المعري، شاعر ومفكر ونحوي وأديب من عصر الدولة العباسية، ولد وتوفي في معرة النعمان في محافظة إدلب وإليها يُنسب. لُقب بـرهين المحبسين أي محبس العمى ومحبس البيت وذلك لأنه قد اعتزل الناس بعد عودته من بغداد حتى وفاته.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024