Skip to main content
search

يَا سَـائِلِي‌ أَيْنَ حَـلَّ الجُـودُ وَالكَـرَمُ

عِنْـدِي‌ بَـيَـانٌ إذَا طُـلاَّبُـهُ قَـدِمُـوا

هَذَا الذي‌ تَعْـرِفُ البَطْـحَاءُ وَطْـأَتَـهُ

وَالبَـيْـتُ يَعْـرِفُـهُ وَالحِـلُّ وَالحَـرَمُ

هَذَا ابْنُ خَيْرِ عِبَادِ اللَهِ كُلِّهِمُ

هَذَا التَّقِي‌ُّ النَّقِي‌ُّ الطَّاهِرُ العَلَمُ

هَذَا الذي‌ أحْمَدُ المُخْتَارُ وَالِدُهُ

صَلَّي‌ عَلَیهِ إلَهِي‌ مَا جَرَي‌ القَلَمُ

لَوْ يَعْلَمُ الرُّكْنُ مَنْ قَدْ جَاءَ يَلْثِمُهُ

لَخَرَّ يَلْثِمُ مِنْهُ مَا وَطَي‌ القَدَمُ

هَذَا علی رَسُولُ اللَهِ وَالِدُهُ

أَمْسَتْ بِنُورِ هُدَاهُ تَهْتَدِي‌ الاُمَمُ

هَذَا الَّذِي‌ عَمُّهُ الطَّيَّارُ جَعْفَرٌ

وَالمَقْتُولُ حَمْزَةُ لَيْثٌ حُبُّهُ قَسَمُ

هَذَا ابْنُ سَيِّدَةِ النِّسْوَانِ فَاطِمَةٍ

وَابْنُ الوَصِيِّ الَّذِي‌ في‌ سَيْفِهِ نِقَمُ

إذَا رَأتْهُ قُرَيْشٌ قَالَ قَائِلُهَا

إلَی‌ مَكَارِمِ هَذَا يَنْتَهِي‌ الكَرَمُ

يَكَادُ يُمْسِكُهُ عِرْفَانَ راحته

رُكْنُ الحَطِيمِ إذَا مَا جَاءَ يَسْتَلِمُ

وَلَيْسَ قُولُكَ: مَنْ هَذَا؟ بِضَائِرِهِ

العُرْبُ تَعْرِفُ مَنْ أنْكَرْتَ وَالعَجَمُ

يُنْمَي‌ إلَی‌ ذَرْوَةِ العِزِّ الَّتِي‌ قَصُرَتْ

عَنْ نَيْلِهَا عَرَبُ الإسْلاَمِ وَالعَجَمُ

يُغْضِي‌ حَيَاءً وَيُغْضَي‌ مِنْ مَهَابَتِهِ

فَمَا يُكَلَّمُ إلاَّ حِينَ يَبْتَسِمُ

يَنْجَابُ نُورُ الدُّجَي‌ عَنْ نُورِ غُرِّتِهِ

كَالشَّمْسِ يَنْجَابُ عَنْ إشْرَاقِهَا الظُّلَمُ

بِكَفِّهِ خَيْزُرَانٌ رِيحُهُ عَبِقٌ

مِنْ كَفِّ أَرْوَعَ فِي‌ عِرْنِينِهِ شَمَمُ

مَا قَالَ: لاَ قَطُّ، إلاَّ فِي‌ تَشَهُّدِهِ

لَوْلاَ التَّشَهُّدُ كَانَتْ لاَؤهُ نَعَمُ

مُشتَقَّةٌ مِنْ رَسُولِ اللَهِ نَبْعَتُهُ

طَابَتْ عَنَاصِرُهُ وَالخِيمُ وَالشِّيَمُ

حَمَّالُ أثْقَالِ أَقْوَامٍ إذَا فُدِحُوا

حُلْوُ الشَّمَائِلِ تَحْلُو عِنْدَهُ نَعَمُ

إنْ قَالَ قَالَ بمِا يَهْوَي‌ جَمِيعُهُمُ

وَإنْ تَكَلَّمَ يَوْماً زَانَهُ الكَلِمُ

هَذَا ابْنُ فَاطِمَةٍ إنْ كُنْتَ جَاهِلَهُ

بِجَدِّهِ أنبِيَاءُ اللَهِ قَدْ خُتِمُوا

اللهُ فَضَّلَهُ قِدْماً وَشَرَّفَهُ

جَرَي‌ بِذَاكَ لَهُ فِي‌ لَوْحِهِ القَلَمُ

مَنْ جَدُّهُ دَانَ فَضْلُ الآنْبِيَاءِ لَهُ

وَفَضْلُ أُمَّتِهِ دَانَتْ لَهَا الاُمَمُ

عَمَّ البَرِيَّةَ بِالإحْسَانِ وَانْقَشَعَتْ

عَنْهَا العِمَأيَةُ وَالإمْلاَقُ وَالظُّلَمُ

كِلْتَا يَدَيْهِ غِيَاثٌ عَمَّ نَفْعُهُمَا

يُسْتَوْكَفَانِ وَلاَ يَعْرُوهُمَا عَدَمُ

سَهْلُ الخَلِيقَةِ لاَ تُخْشَي‌ بَوَادِرُهُ

يَزِينُهُ خَصْلَتَانِ: الحِلْمُ وَالكَرَمُ

لاَ يُخْلِفُ الوَعْدَ مَيْمُوناً نَقِيبَتُهُ

رَحْبُ الفِنَاءِ أَرِيبٌ حِينَ يُعْتَرَمُ

مِنْ مَعْشَرٍ حُبُّهُمْ دِينٌ وَبُغْضُهُمُ

كُفْرٌ وَقُرْبُهُمُ مَنْجيً وَمُعْتَصَمُ

يُسْتَدْفَعُ السُّوءُ وَالبَلْوَي‌ بِحُبِّهِمُ

وَيُسْتَزَادُ بِهِ الإحْسَانُ وَالنِّعَمُ

مُقَدَّمٌ بَعْدَ ذِكْرِ اللَهِ ذِكْرُهُمْ

فِي‌ كُلِّ فَرْضٍ وَمَخْتُومٌ بِهِ الكَلِمُ

إنْ عُدَّ أهْلُ التُّقَي‌ كَانُوا أئمَّتَهُمْ

أوْ قِيلَ: مَنْ خَيْرُ أَهْلِ الارْضِ قِيلَ: هُمُ

لاَ يَسْتَطِيعُ جَوَادٌ بُعْدَ غَأيَتِهِمْ

وَلاَ يُدَانِيهِمُ قَوْمٌ وَإنْ كَرُمُوا

هُمُ الغُيُوثُ إذَا مَا أزْمَةٌ أزَمَتْ

وَالاُسْدُ أُسْدُ الشَّرَي‌ وَالبَأْسُ مُحْتَدِمُ

يَأبَي‌ لَهُمْ أَنْ يَحِلَّ الذَّمُّ سَاحَتَهُمْ

خِيمٌ كَرِيمٌ وَأيْدٍ بِالنَّدَي‌ هُضُمُ

لاَ يَقْبِضُ العُسْرُ بَسْطاً مِنْ أكُفِّهِمُ

سِيَّانِ ذَلِكَ إنْ أثْرَوْا وَإنْ عَدِمُوا

أيٌّ القَبَائِلِ لَيْسَتْ فِي‌ رَقَابِهِمُ

لاِوَّلِيَّةِ هَذَا أوْ لَهُ نِعَمُ

مَنْ يَعْرِفِ اللَهَ يَعْرِفْ أوَّلِيَّةَ ذَا

فَالدِّينُ مِنْ بَيْتِ هَذَا نَالَهُ الاُمَمُ

بُيُوتُهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ يُسْتَضَاءُ بِهَا

فِي‌ النَّائِبَاتِ وَعِنْدَ الحُكْمِ إنْ حَكَمُوا

فَجَدُّهُ مِنْ قُرَيْشٍ فِي‌ أُرُومَتِهَا

مُحَمَّدٌ وَعليّ بَعْدَهُ عَلَمُ

بَدرٌ له‌ شَاهِدٌ وَالشِّعْبُ مِنْ أُحُدٍ

والخَنْدَقَانِ وَيَومُ الفَتْحِ قَدْ عَلِمُوا

وَخَيْبَرٌ وَحُنَيْنٌ يَشْهَدَانِ لَهُ

وَفِي‌ قُرَيْضَةَ يَوْمٌ صَيْلَمٌ قَتَمُ

مَوَاطِنٌ قَدْ عَلَتْ فِي‌ كُلِّ نائِبَةٍ

علی‌ الصَّحَابَةِ لَمْ أَكْتُمْ كَمَا كَتَمُو

الفرزدق

الفرزدق (38 هـ / 641م - 114 هـ / 732م) شاعر عربي من شعراء العصر الأموي من أهل البصرة، واسمه همام بن غالب بن صعصعة الدارمي التميمي. وكنيته أبو فراس وسمي الفرزدق لضخامة وتجهم وجهه، ومعناها الرغيف، اشتهر بشعر المدح والفخرُ وَشعرُ الهجاء.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024