Skip to main content
search

أَراحَ الحَيُّ مِن إِرَمِ الطِرادِ

فَما أَبقَوا لِعَينِكَ مِن سَوادِ

أُرائي الكاشِحينَ وَأَتَّقيهِم

كَأَنّي كاشِحٌ لَهُمُ مُعادي

تَقَرَّبنا فَلا طَمَعٌ قَريبٌ

وَباعَدنا فَزِدتِ عَلى البِعادِ

وَما بالَيتِ يَومَ رَأَيتِ دَمعي

لَهُ سَبَلٌ يَفيضُ عَلى نِجادي

فَيا لَكَ إِذ تُجاوِرُ خَيرَ جاراً

وَإِذ وادي سُلَيكَةَ خَيرُ وادي

إِلى عَبدِ العَزيزِ شَكَوتُ جَهداً

مِنَ البَيضاءِ أَو زَمَنِ القَتادِ

سِنينَ مَعَ الجَرادِ تَعَرَّقَتنا

فَما تُبقي السُنونُ مَعَ الجَرادِ

وَلَولا فَضلُ نائِلِهِ عَلَينا

لَما أَحيا بَنِيَّ وَلا تِلادي

وَلَم يَعشُر نَداكَ أَبو عَدِيٍّ

وَلا كَعبُ بنُ مامَةَ مِن إِيادِ

سَنَشكُرُ مَن لَهُ أَثَرٌ عَلَينا

كَآثارِ الوَلِيِّ عَلى العِهادِ

دَعَوتُكَ وَاليَمامَةُ دونَ أَهلي

وَلَولا البُعدُ أَسمَعَكَ المُنادي

عَلى عَلياءَ تَرفَعُ خَيرَ نارٍ

وَتَقدَحُ بِالوَرِيِّ مِنَ الزِنادِ

إِذا ما خِفتُ رَدَّ إِلَيَّ نَفسي

وَصارَ إِلى مَساكِنِهِ فُؤادي

بَدَأنا في الزِيارَةِ ثُمَّ عُدنا

فَلا بَدئي جَفَوتَ وَلا مَعادي

وَقَد كُنّا نُحِبُّ جِمادَ رَهبى

وَما بينَ الوَريعَةِ وَالمَقادِ

وَسُلمانينَ نَذكُرُ مِن هَوانا

إِلى الدورِ الدَواخِلِ في الجِمادِ

وَوَدَّعا الحَفايِرَ مِن فُلَيجٍ

وَحَيّاً يَسكُنونَ رَحا الثِمادِ

لَقَد طَيَّبتَ نَفسي عَن صَديقي

وَقَد طَيَّبتَ نَفسي عَن بِلادي

فَأَصبَحنا وَكُلُّ هَوىً إِلَيكُم

يُقَعقِعُ نَحوَ أَرضِكُمُ عِمادي

تُقَرِّبُنا مِنَ اليَمَنِ المَهاري

لِعيدِيٍّ مِنَ النُجُبِ التِلادِ

يُجاذِبنَ البُرينَ وَهُنَّ خوصٌ

يُطِرنَ شَوابِكَ الزَبَدِ الجِعادِ

إِذا اِفتَرَّ الحُداةُ مَضَينَ قُدماً

وَفي الخِمسِ الجُموحُ لَهُنَّ حادي

يُصادينَ الهَواجِرَ حينَ تَحمى

وَحِرباءُ الفَلاةِ أَحَمُّ صادِ

دَأَبنَ اللَيلَ نَحوَكُمُ فَلَمّا

تَجَلَّت مِن أَواخِرِهِ الهَوادي

وَقَعنَ جَوانِحاً في ظِلِّ لَيلٍ

عَلى مَطوِيَّةٍ وَالصُبحُ بادي

كَأَنَّ الصُبحَ أَبلَقُ ذو حُجولٍ

يَشِبُّ وَراءَ قَنبَلَةٍ وِرادِ

وَسَيَّرنا قَوافِيَ آبِداتٍ

غَلَبنَ مُهَلهِلاً وَأَبا دُوادِ

وَجِنُّ الخافِقَينِ يَسِرنَ فيهِم

سِراعَ السَيرِ نازِحَةَ المَعادِ

يُشَبَّهُ وَقعَهُنَّ مُصَمِّماتٍ

سُيوفاً هَزَّها أَخَوا مُرادِ

جرير

جرير بن عطية الكلبي اليربوعي التميمي. من أشهر شعراء العرب في فن الهجاء وكان بارعًا في المدح أيضًا. كان جرير أشعر أهل عصره، ولد ومات في نجد، وعاش عمره كله يناضل شعراء زمنه ويساجلهم فلم يثبت أمامه غير الفرزدق والأخطل. كان عفيفاً، وهو من أغزل الناس شعراً.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024