يا دار فوز لقد أورثتني دنفا

ديوان العباس بن الأحنف

يا دارَ فَوزٍ لَقَد أَورَثتِني دَنَفا

وَزادَني بُعدُ داري عَنكُمُ شَغَفا

حَتّى مَتى أَنا مَكروبٌ بِذِكرِكُمُ

أُمسي وَأُصبِحُ صَبّاً هائِماً دَنِفا

لا أَستَريحُ وَلا أَنساكُمُ أَبَداً

وَلا أَرى كَربَ هَذا الحُبِّ مُنكَشِفا

ما ذُقتُ بَعدَكُمُ عَيشاً سُرِرت بِهِ

وَلا رَأَيتُ لَكُم عِدلاً وَلا خَلَفا

إِنّي لَأَعجَبُ مِن قَلبٍ يُحِبُّكُمُ

وَما رَأى مِنكُمُ بِرّاً وَلا لَطَفا

لَولا شَقاوَةُ جَدّي ما عَرَفتُكُمُ

إِنَّ الشَقِيَّ الَّذي يَشقى بِمَن عَرَفا

مازِلتُ بَعدَكُمُ أَهذي بِذِكرِكُمُ

كَأَنَّ ذِكرَكُمُ بِالقَلبِ قَد رُصِفا

يا لَيتَ شِعري وَما في لَيتَ مِن فَرَجٍ

هَل ما مَضى عائِدٌ مِنكُم وَما سَلَفا

إِصرِف فُؤادَكَ يا عَبّاسُ مُنصَرِفاً

عَنها يَكُن عَنكَ كَربُ الحُبِّ مُنصَرِفاً

لَو كانَ يَنساهُمُ قَلبي نَسيتُهُمُ

لَكِنَّ قَلبي لَهُم وَاللَهِ قَد أَلِفا

أَشكو إِلَيكِ الَّذي بي يا مُعَذِبَتي

وَما أُقاسي وَما أَسطيعُ أَن أَصِفا

يا هَمَّ نَفسي وَيا سَمعي وَيا بَصَري

حَتّى مَتى حُبُّكُم بِالقَلبِ قَد كَلِفا

ما كُنتُ أَعلَمُ ما هَمٌّ وَما جَزَعٌ

حَتّى شَرِبتُ بِكَأسِ الحُبِّ مُغتَرِفا

ثارَت حَرارَتُها في الصَدرِ فَاِشتَعَلَت

كَأَنَّما هِيَ نارٌ أُطعِمَت سَعَفا

طافَ الهَوى بِعِبادِ اللَهِ كُلِّهِمُ

حَتّى إِذا مَرَّ بي مِن بَينِهِم وَقَفا

إِذا جَحَدتُ الهَوى يَوماً لِأَدفِنَهُ

في الصَدرِ نَمَّ عَلَيَّ الدَمعُ مُعتَرِفا

لَم أَلقَ ذا صِفَةٍ لِلحُبِّ يَنعَتُهُ

إِلّا وَجَدتُ الَّذي بي فَوقَ ما وَصَفا

يُضَحّي فُؤادي بِهَذا الحُبِّ مُلتَحِماً

وَقفاً وَيُمسي عَلَيَّ الحُبُّ مُلتَحِفا

ما ظَنُّكُم بِفَتىً طالَت بَلِيَّتُهُ

مُرَوَّعٍ في الهَوى لا يَأمَنُ التَلَفا

يا فَوزُ كَيفَ بِكُم وَالدارُ قَد شُحَطَت

بي عَنكُمُ وَخروجُ النَفسِ قَد أَزَفا

قَد قُلتُ لَمّا رَأَيتُ المَوتَ يَقصِدُني

وَكادَ يَهتِفُ بي داعيهِ أَو هَتَفا

أَموتُ شَوقاً وَلا أَلقاكُمُ أَبَداً

يا حَسرَتا ثُمَّ يا شَوقا وَيا أَسَفا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان العباس بن الأحنف، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات