Skip to main content
search

هل أنتَ بطُولِكَ مُسعِدُهُ

يا لَيْلُ فَصُبْحُكَ مَوعِدُهُ

أَسْرَى لِيُصبِّحنَهُ بنَوىً

فلعلّ ظلامَكَ يُنجِده

طُلْ يا لَيْلي فلقد عَزموا

سَيراً وصباحُك مَوعِده

لا كان قَصيراً لَيلُ فتىً

مِيعادُ مَنِيّتهِ غَده

لِيَنزُلْ إن كان كذلك من

بَصَري لا أُفْقِيَ أَسْوده

كي لا يَحتلَّ فِراقُهمُ

ويكونَ بعَيْنِيَ مَشْهَده

لا دامَ لدَهْرٍ فَرَّقَنا

إن صَحّ نوىً يَتَرصّده

في طَرْفِ اللّيلِ تَكَحُّلُه

ولخَدِّ الفَجْرِ تَوُّرده

في صَدْرِيَ من كَلَفٍ بكمُ

جُنْدٌ للشّوقِ يُجَنّدُه

وفؤادي الخافِقُ يَقْدُمُه

فكأنّ فُؤاديَ مِطْرَده

أَعَليلَ اللّحظِ وعِلَّتُه

منها المُتألِّمُ عُوَّده

عيناكَ بسَفْكِ دَمِي جَنَتا

فالصُّدْغُ علامَ تَجعُّده

ودَمي لا يَحسُنُ مَحْمَلُه

في النّاسِ فلِمْ تَتقلَّده

ما ألَهبَ خَدَّك نارُ صِباً

قُدِحَتْ في الوجنةِ أَزْنُده

أضحَى مُتتابِعُ نائلهِ

كالقَطْرِ فليس نُعَدِّده

وغدا مُتموِّجُ خاطِرِه

كالبحرِ يُهابُ تَورُّده

فغنِيً للبائسِ مَسكنُه

ورديً للقامِسِ مُزْبِده

سامٍ في النّاسِ بمَحْتِدِه

وبهِ يتَسامَى مَحْتِده

نصْرُ الإسلامِ حكَى غَرضاً

من بُعْدِ مدىً يَتَعمّده

للهِ بكَفِّ خليفتهِ

سَهْمٌ وإليه تَسَدُّده

بسديدِ الدّولةِ مُرسلِه

يَرْجو أن يَقْرُبَ أَبعَده

مَنْ عَرْضُ الأرضِ لعَزْمتِه

كالغَلْوةِ حين تُحَدِّده

تَتهادى الدّهر ركائبَه

أغوارُ السَّيرِ وأنجُده

لإمامٍ يُحْيِي مَوعِدُه

ويُميتُ القِرْنَ تَوعُّده

مَن لم يَسجُدْ لأوامرِه

فالسَّيفُ الصّارم يُسجِده

أو قامَ لنَصْرِ مُخالِفه

فالجَدُّ الخاذِلُ يُقْعِده

أضحَى لخلافتِه عَضُداً

يُعْنَى بالحَقِّ ويَعْضُده

إن مَدَّ الكَفَّ لها طلَباً

للنّجمِ فما تَستَبْعِده

تاجٌ يا دهْرٌ فضائلُه

من فَوقِ جَبينِك تَعْقِده

وهوىً للجودِ تَملَّكَهُ

فإلامَ يُطيلُ مُفَنّدِه

من قَبلِ خُلُوّ الجَوِّ له

قد ساد وسُلِّمَ سُؤْدَده

فالْلَيثُ غدا يَستأمِنُه

والغَيثُ غدا يَستَرفِده

وتُديرُ أنامِلُه قَلَماً

كَلِفاً بالمُلْكِ يُؤَطّدِه

يَقتًصُّ وقد حصَدوه له

من هامِ عِداهُ فيَحْصُده

ويَزيدُ مَضاءُ مَضاربِه

فَيُقصِّرُ عنه مُهَنَّده

سَيْفٌ للدِيّنِ ونُصْرتِه

في يُمْنَى المُلْكِ مُجَرَّده

والغِمدُ الدِّرْعُ فواعجَباً

من سَيفٍ يَقتُلُ مُغْمَده

ونِجادُ كتابتِه أبداً

بالدُّرِّ تُرصِّعُه يَده

ليكونَ غداةَ الفَخْرِ به

لإمامِ العَصرِ يُقلِّده

بتَوسُّلِه وتَرسُّلِه

في الأُمّةِ شاعَ تَفرُّده

شَرَفانِ اثنانِ له جُمِعا

بهما في الدّهرِ تَوحٌّده

نَفَسٌ للدّينِ يعيشُ به

ولذاك يدومُ تَردُّده

ورسولُ أجَلِّ إمامِ هُدىً

في رُكْنٍ منهُ يُشَيِّده

واللهُ قضَى بالرُّشْدِ له

فَتخَيَّرَه مُستَرشِده

أمّا الأقوامُ فقد عَلِموا

والدّهرُ بأنّك أوْحَده

وحديثُك كُلُّ بني زمَني

عَلّموك إلى مَن تُسْنِده

فأخو تَصْديقِك مُؤمِنُه

وأخو تَكْذيبِك مُلْحِده

يا مَنْ في الدّهرِ على نَظَري

لا شَيءَ سواهُ يَحمَده

كَرمُ الأخلاقِ إذا ذُكِرتْ

كالشّرعِ وأنتَ مُحمّده

فلْيَهْنِك شَهْرٌ مُشتَهِرٌ

قد أمَّ جنابَك يَقْصِده

قد كان حميداً مَصدُرُه

إذ كان حميداً مَورِده

شَهْرٌ طَرفاهُ بك التقَيا

شَرفاً لِعُلاك تَمَهُّده

بولائك يُؤْجَرُ صائِمهُ

وبرِفْدِك سُرَّ مُعَيَده

قد أقبل يَطلُبُ قادِمُه

عَهْداً بنَداكَ يُجَدَده

وأظَلَّ اليومَ مُودِّعُه

للِقاءٍ منك يُزوَّده

ولوعْدٍ منك بعَوْدتِه

في عِز يَخلُدُ سَرْمَده

ولِيشْهَدَ عندَ اللهِ غداً

وسَيصْدُقُ إذْ يَستَشْهِده

بصَلاتِك أو بصِلاتك فيه

فكُلُّ عنّ تَمَدُّده

يا مَن في اليوم يَظَلُّ له

مِما للجود تَعَوّده

إرسالُ يَدٍ ما يُمسِكُها

إلاّ باللّيلِ تَهَجّده

شيطانُ قَريضيَ يَحسَبُه

أمسى والصّومُ يُصفِّده

فجرى خبَباً يَعثّرُ بي

في شَوْطِ القولِ مُقَّيده

وعلى إيقاعِ حوافرِه

في الرَّكْضِ أتَى ما أُنشِده

شِعْرٌ كالرّوضِ فَغائرُه

يَرْويهِ الدّهرَ ومُنْجِده

قد شَرد عن جَفْني غُمضى

حتّى ائتلفَتْ لِيَ شُرَّده

يا مَن ما زال تَكرُّمه

يتَملّكُني وتَودُّده

كم في قُرْبٍ أو في بُعُدٍ

لك من حُرٍّ تَستَعْبِده

لا زال كذِكْرِك عُمْرُك لي

يَبْقَى في الدّهْرِ مُخلَّده

في العزِّ يُظلِّك شامِخُه

والعَيشِ يَخُصُّك أرْغَده

الأرجاني

ناصح الدين الأرجاني، واسمه الكامل ناصح الدين أبو بكر أحمد بن محمد بن الحسين القاضي الأرجاني. ولد في التخوم الشرقية من مدينة أرجان في عام 460 هجرية – 1068 ميلادية، يتميز شعر القاضي الأرجاني بطول نفس و بلطف عبارة وكان غواصاً في المعاني كامل الأوصاف. إذا ظفر على المعنى يستوعبه كاملا و لا يدع فيه لمن بعده فضلاً لذا جاءت قصائده أغلبها طويلة. فقد ابدع في اللفظ والمعنى وأجاد وقد جمعهما بمقدرة وتمكن وقيل انه كان ينظم كل يوم ثمانية أبيات شعرية على الدوام.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024