Skip to main content
search

لُغامُ المَطايا مِن رُضابِكَ أَعذَبُ


وَنَبتُ الفَيافي مِنكَ أَشهى وَأَطيَبُ


وَما لِيَ عِندَ البيضِ يا قَلبِ حاجَةٌ


وَعِندَ القَنا وَالخَيلِ وَاللَيلِ مَطلَبُ


أَحَبُّ خَليلَيَّ الصَفيَّينِ صارِمٌ


وَأَطيَبُ دارَيَّ الخِباءُ المُطَنَّبُ


ذَليلٌ لِرَيبِ الدَهرِ مَن كانَ حاضِراً


وَحَربٌ لَدى الأَيّامِ مَن يَتَغَرَّبُ


وَلي مِن ظُهورِ الشَد قَميّاتِ مَقعَدٌ


وَفَوقَ مُتونِ اللاحِقِيّاتِ مَركَبُ


لِثامي غُبارُ الخَيلِ في كُلِّ غارَةٍ


وَثَوبي العَوالي وَالحَديدُ المُذَرَّبُ


أُساكِتُ بَعضَ الناسِ وَالقَولُ نافِعٌ


وَأُغمِدُ عَن أَشياءَ وَالضَربُ أَنجَبُ


وَأَطمَعَني في العِزِّ أَنّي مُغامِرٌ


جَريٌ عَلى الأَعداءِ وَالقَلبُ قُلَّبُ


وَعِندِيَ مِمّا خَوَّلَ اللَهُ سابِحٌ


وَأَسمَرُ عَسّالٌ وَأَبيَضُ مِقضَبُ


وَلَيسَ الغِنى في الخُلقِ إِلّا غَنيمَةً


نُحامي عَلَيها وَالمَعالي تَغَلَّبُ


إِذا قَلَّ مالي قَلَّ صَحبي وَإِن نَما


فَلي مِن جَميعِ الناسِ أَهلٌ وَمَرحَبُ


غِنى المَرءِ عِزٌّ وَالفَقيرُ كَأَنَّهُ


لَدى الناسِ مَهنوءُ المِلاطَينِ أَجرَبُ


تُطالِبُني نَفسي بِكُلِّ عَظيمَةٍ


أَرى دونَها جاري دَمٍ يَتَصَبَّبُ


وَيَأمُرُني الذُلّانُ أَن لا أُطيعَها


وَأَعلَمُ مِن طُرقِ العُلى أَينَ أَذهَبُ


إِذا كانَ حُبُّ المَرءِ لِلشَيءِ ضَيعَةً


فَأَضيَعُ شَيءٍ ما يَقولُ المُؤَنِّبُ


أَنا السَيفُ إِلّا أَنَّني في مَعاشِرٍ


أَرى كُلَّ سَيفٍ فيهِمُ لا يُجَرَّبُ


وَلا عِلمَ لي بِالغَيبِ إِلّا طَليعَةً


مِنَ الحَزمِ لا يَخفى عَلَيها المُغَيَّبُ


أُجَرِّبُ مَن أَهواهُ قَبلَ فِرافِهِ


فَيَصدُقُ مِنهُ الغَدرُ وَالوُدُّ يَكذِبُ


تَغَيَّرُ لي أَخلاقُ مَن كُنتُ أَصطَفي


وَتَغدُرُني أَيّامُ مَن كُنتُ أَصحَبُ


فَلَو لَوَّحَت لي بِالبُروقِ سَحابَةٌ


لَأَغضَيتُ عِلماً أَنَّ ما بانَ خُلَّبُ


إِذا شِئتُ فارَقتُ الحَبيبَ وَبَينَنا


مِنَ الشَوقِ ما يُملي عَلَيَّ وَأَكتُبُ


وَلَيسَ نَسيبي أَنَّ في القَلبِ لَوعَةً


وَلَكِنَّني أَبكي زَماني وَأَندُبُ


وَما نافِعي عِندَ البَعيدِ تَقَرُّبي


وَلا ضائِري عِندَ القَريبِ التَجَنُّبُ


قَريبُ الفَتى دونَ الأَنامِ صَديقُهُ


وَلَيسَ قَريباً مِنهُ مَن لا يُقَرَّبُ


وَما في نِجادِ السَيفِ زَينٌ لِحامِلٍ


وَلا الزَينُ إِلّا لِلفَتى يَومَ يَضرِبُ


أَخو الحَربِ مَن لِلسَيفِ فيهِ عَلامَةٌ


وَلِلطَعنِ في جَنبَيهِ طُرقٌ وَمَلعَبُ


وَحَسبُ غُلامٍ شاهِداً بِشَجاعَةٍ


تَغيظُ العِدى أَنَّ القَنا مِنهُ تُخضَبُ


إِلى غايَةٍ تَجري الأَنامُ لِنَحوِها


فَماشٍ بَطيءٌ مَشيُهُ وَمُقَرِّبُ


يَغُرُّ الفَتى ما طالَ مِن حَبلِ عُمرِهِ


وَتُرخي المَنايا بُرهَةً ثُمَّ تَجذِبُ


يَقولونَ عَنقا مُغرِبٍ مُستَحيلَةٌ


أَلا كُلَّ حَيٍّ ماتَ عَنقاءُ مُغرِبُ


يَطولُ عَناءُ العيسِ مادُمتُ فَوقَها


وَما دامَ لي عَزمٌ وَرَأيٌ وَمَذهَبُ


وَهَوَّنَ عِندي ما بِقَلبي مِنَ الصَدى


ظِماءٌ تُجافي مَورِدَ الماءِ لُغَّبُ


فَما أَنا بِالواني إِذا كُنتُ صادِياً


وَلا المَاءُ يُعطيني قُوىً يَومَ أَشرَبُ


وَما الوِردُ بَعدَ الوِردِ بَلّاً لِغُلَّتي


وَإِن بَلَّ ظَمآ الداعِرِيّاتِ مَشرَبُ


وَما لي إِلى غَيرِ الحُسَينِ وَسيلَةٌ


وَفي جودِهِ دونَ الرَغائِبِ أَرغَبُ


جَريءٌ عَلى الأَمرِ الَّذي لا يَرومُهُ


مِنَ القَومِ إِلّا حازِمُ الرَأيِ أَغلَبُ


أَلا إِنَّ فَحلاً ساعَدَتهُ نَجيبَةٌ


فَجاءَ بِنَجلٍ كَالحُسَينِ لَمُنجِبُ


وَإِنَّ مَحَلّاً حَلَّ فيهِ لَواسِعٌ


وَإِنَّ زَماناً عاشَ فيهِ لَطَيِّبُ


لَكَ اللَهُ مِن مُغضٍ عَلى جُرمِ جارِمٍ


وَلَو شاءَ ما اِستَولى عَلى الذَنبِ مُذنِبُ


وَفي كُلِّ يَومٍ أَنتَ طالِبُ غارَةٍ


تُجَرِّرُ أَذيالَ العَوالي وَتَسحَبُ


تَنامُ عَلى أَمرٍ وَهَمُّكَ ساهِرٌ


وَتَنزِلُ عَن أَمرٍ وَعَزمُكَ يَركَبُ


تَحَقَّقَتِ الأَحياءُ أَنَّكَ فَخرُها


وَأَغضَت عَلى عِلمٍ نِزارٌ وَيَعرُبُ


إِذا شِئتَ أَحياناً شَفاكَ مِنَ العِدى


سِنانٌ بَصيرٌ بِالطِعانِ وَمَضرَبُ


وَخَيلٌ لَها في كُلِّ شَرقٍ وَمَغرِبٍ


عَقيرٌ مُدَمّى أَو طَعينٌ مُخَضَّبُ


إِذا طَلَعَت نَجداً أَضاءَت وُجوهُها


وَقُدّامَها مِن سائِقِ النَقعِ غَيهَبُ


يَصيحُ القَنا في كُلِّ حَيٍّ تَرومُهُ


وَيُردي بِكَ الأَعداءَ يَومٌ عَصَبصَبُ


أَلا رُبَّ حالٍ ساعَدَتكَ وَفَتكَةٍ


رَدَدتَ بِها قَرنَ الرَدى وَهوَ أَعضَبُ


رَمَيتَ بِها قَلبَ العَدوِّ بِخيفَةٍ


وَأَعرَضتَ وَالمَغرورُ يَلهو وَيَلعَبُ


كَما خَرَقَ الرامي بِسَهمِ رَميِّهِ


وَأَعرَضَ عِلماً أَنَّهُ سَوفَ يَعطَبُ


عَدوّانِ أَمّا واحِدٌ فَمُكاشِفٌ


جَريٌّ وَأَمّا آخَرٌ فَمُؤَلِّبُ


يُمَسِّحُ خَلفَ الشَرِّ ذاكَ بِخيفَةٍ


وَهَذا طَويلُ الباعِ يَمري فَيَحلُبُ


يَرومونَ غَيّاً وَالعَوائِقُ دونَهُم


وَيَرمونَ بَغياً وَالمَقاديرُ تَحجُبُ


سَما بِكَ طَلّاعاً إِلى العُمرِ مَشرِقٌ


وَأَدبَرَ بِالباغي إِلى المَوتِ مَغرِبُ


فَذاكَ كَما شاءَ الفُسوقُ مُبَغَّضٌ


وَأَنتَ كَما شاءَ العَفافُ مُحَبَّبُ


أُهَنّيكَ بِالعيدِ الجَديدِ تَعِلَّةً


وَغَيرُكَ بِالأَعيادِ وَاللَهوِ يُعجَبُ


فَلا زالَ مَمدوداً عَلَيكَ ظِلالُهُ


وَلا زِلتَ في نَعمائِهِ تَتَقَلَّبُ


وَلا ظَفِرَ الباغي عَلَيكَ بِفُرصَةٍ


وَلا طَلَبَ الأَعداءُ ما كُنتَ تَطلُبُ


غَمامُكَ فَيّاضٌ وَريحُكَ غَضَّةٌ


وَحَوضُكَ مَلآنٌ وَرَوضُكَ مُعشِبُ


إِذا قُلتُ فيكَ الشِعرَ جَوَّدَ مادِحٌ


وَأَكثَرَ وَصّافٌ وَأَعرَقَ مُطنِبُ


وَغَيرُكَ لا أُطريهِ إِلّا تَكَلُّفاً


وَغَيرُ حَنيني عِندَ غَيرِكَ مُصحِبُ


بَغيضٌ إِلى الأَيّامِ أَنَّكَ لي حِمىً


وَغَيظُ بَني الأَيّامِ أَنَّكَ لي أَبُ


أَبَعدَ النَبيِّ وَالوَصيِّ تَروقُني


مُناسِبُ مَن يُعزى لِمَجدٍ وَيُنسَبُ


يُقِرُّ بِفَضلي كُلُّ بادٍ وَحاضِرٍ


وَيَحسُدُني هَذا العَظيمُ المُحَجَّبُ


وَمَن لي بِأَن يَشتاقَ ما أَنا قائِلٌ


وَيَسمَعَ مِنّي ما يَروقُ وَيُعجِبُ


وَلَولا جَزاءُ الشِعرِ مِمَّن يُريدُهُ


وَجَدتُ كَثيراً مَن أُغَنّي وَيَطرَبُ


أَلا إِنَّ راعي الذَودِ يُعنى بِذَودِهِ


حِفاظاً وَراعي الناسِ حَيرانُ مُغرِبُ


أُحِبُّكُمُ ما دُمتُ أُعزى إِلَيكُمُ


وَما دامَ لي فيكُم مُرادٌ وَمَطلَبُ


وَإِنّي عَنِ الرُبعِ الَّذي لا يَضَمُّكُم


عَلى كُلِّ حالٍ نازِحُ الوِدِّ أَجنَبُ


فَلا تَترُكَنّي عاطِلاً مِن مُروَّةٍ


وَلا قانِعاً بِالدونِ أَرضى وَأَغضَبُ


فَما أَنا بِالواني إِذا ما دَعَوتَني


وَلا مَوقِفي عَمّا شَهِدتَ مُغَيَّبُ


أَما لي قَرارٌ في نَعيمٍ وَلَذَّةٍ


فَإِنِّيَ في الضَرّاءِ أَطفو وَأَرسُبُ


أُريدُ مِنَ اللَهِ القَضاءَ بِحالَةٍ


تَقَرُّ بِها عَينٌ وَقَلبٌ مُعَذَّبُ


وَأَسأَلُ أَن يُعطيكَ في العُمرِ فَسحَةً


لِعِلمِيَ أَنَّ العُمرَ يُعطى وَيوهَبُ

الشريف الرضي

محمد بن الحسين بن موسى، أبو الحسن. شاعر وفقيه ولد في بغداد وتوفي فيها.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024