Skip to main content
search

قلبٌ كواهُ البينُ حتى أنضجا

ما زال في بحر الغرامِ ملججا

ومدامعٍ سحَّتْ وما شحَّتْ على

خدٍّ بحمرةِ لونها قدْ ضُرِّجا

لمْ لا تضرِّجْ أدمعي خدي وقدْ

أُذكرتُ ظلاً بالمدينةِ سجسجا

لي بالحجازِ وساكنيهِ مآربُ

أرضٌ حكَتْ حللَ الربيعِ مدبَّجا

سقتِ الحجازَ سحائبٌ يحيا بها

ميْتُ النباتِ لكيْ يميسَ تبرُّجا

يا قاعةَ الوعساءِ ما هذا الشذا

أحويتِ شيحاً أمْ حويتِ بنفسجا

أمْ نسمةً هبَّتْ ببانِ طُويلعٍ

هزَّتْ معاطفهُ ففاحَ تأرّجا

ظمأى إلى غدرانِهِ ورياضِهِ

ظمأٌ يزيد القلبَ منهُ تأججا

ما للنياقِ رواقصاً هلْ عاينَتْ

برقَ الأُبيرِقِ تحتَ أزيالِ الدجى

يا سعدُ إنْ عاينْتَ بهجةَ طيبةٍ

فابشرْ بكونِكَ ناجياً فيمن نجا

وانزلْ وقبِّلْ تربَها متورِّعاً

متخضِّعاً متخشِّعاً متفرِّجا

واكحلْ جفونَكَ مِنْ ثراها وابتهجْ

بسنا نبيٍّ ما أعزَّ وأبهجا

أعلى الورى قدْراً وأعظمُهُمْ تقىً

وأتمهمْ جاهاً وأكملُهمْ حِجا

وأحدُّهم سيفاً وأكثرُهُمْ ندى

وأعزُّ منزلةً وأوضحُ منهجا

منْ أينَ في الثقلينِ مثلُ محمدٍ

نرجوهُ في كرباتِنا أَنْ تُفرجا

كمْ للنبيِّ محمدٍ منْ معجزٍ

أوهى قوى مَنْ عاندوهُ وأزعجا

عجبي لنطقِ غزالةٍ للمصطفى

جعلَ الإلهَ لها بذلكَ مخرجا

لو لمْ يُشَقَّ البدرُ معجزةً لهُ

لانشقَّ منهُ غيرةً وتحرّجا

لمْ لا تحنُّ إليه يا قلبي وقدْ

غلبَ الحنينُ الجذعَ فيهِ وهيّجا

سبحانَ منْ أعطاهُ تسبيحَ الحصى

في كفِّهِ المُرْوِي إذا عطشٌ فجا

أوَليسَ بيتُ العنكبوتِ بآيةٍ

في الغارِ لمّا أُلْهِمَت أنْ تنسجا

كم ردَّ عيناً كم برا ذا عاهةٍ

بدعائهِ كمْ شدَّةٍ قدْ فرَّجا

كم قالَ غيباً صادقاً فمقالُهُ

مثلُ الصباحِ إذا بدا متبلِّجا

ولهُ منَ المعراجِ آياتٌ سمَتْ

لما دعاهُ اللّهُ في ليلٍ سجا

مَنْ رامَ يحصي معجزاتِ محمدٍ

فيعدّ موجَ البحرِ حينَ تموَّجا

مَنْ أُنزِلَ القرآنُ في أوصافِهِ

أنا قاصرٌ عَنْ مدحِهِ متلجلجا

هلْ بعدَ يس و طه مدحةٌ

في الهاشميِّ وآلِهِ سفنِ النجا

يا خيرَ خلقِ اللّهِ يا كلَّ المنى

أنا أرتجيكَ وأنتَ نعم المرتجى

يا منْ لواءُ الحمدِ في يدِهِ ومَنْ

تاجُ الكرامةِ في القيامةِ توِّجا

جسمي ضعيفٌ عنْ لظى وعذابُها

حاشاكَ تنسى مَنْ إليكَ قدِ التجا

كنْ لي شفيعاً إنَّ جسمي مثْقل

بالسيِّئاتِ وقدْ شجاني مَنْ شجا

كم ذا أُسوِّفُ بالمتابِ توانيا

حقٌّ لدمعي بالدما أن يُمْزَجا

إني لأحْوَجُ مذنب لشفاعةٍ

إنَّ الكرامَ يقدِّمونَ الأحْوَجا

صلّى عليكَ اللّهُ يا خيرَ الورى

ما نارَ نورٌ مِنْ ضريحكَ في الدجى

ابن الوردي

ابن الوردي شاعر أديب مؤرخ وفقيه ولد في معرة النعمان (بسورية) سنة 691 هـ / 1292 م وتوفي بالطاعون في حلب في سنة 749 هـ / 1349 م. وهو عمر بن مظفر بن عمر بن محمد ابن أبي الفوارس، أبو حفص، زين الدين ابن الوردي المعرّي الكندي المعروف بابن الوردي.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024