Skip to main content
search

ظلمات تقدرت تقديرا

من قديم وصورت تصويرا

وعلا بعضها المرتَّبَ بعضٌ

هكذا طبق ما أتى تحريرا

واسمها الكائنات علواً وسفلاً

كاملات لا نقص لا تغييرا

كاشف حيث لا بداية عنها

نور حق يعرِّفُ التنكيرا

فهي بالنور وهو محض وجود

مطلق عن قيودها تكبيرا

وعهدنا النور المنفر للظل

مة في الحال إن بدا تنفيرا

ثم إنا لما رأيناه أبقى

وصفها طبق ما اقتضته قريرا

وهي لا شك أنها عدم صر

ف قديماً قلنا مقالاً شهيرا

رحمة منك عمت الكل حتى

أثرت في ظهورهم تأثيرا

ولهم ههنا الظهور وخاف

هو عنهم بهم يرى التستيرا

وهو رأى العوام من أهل دين ال

له حظ النفوس فيهم أثيرا

ولنا ههنا مقالة صدق

حبرتها أئمتي تحبيرا

إنما الظاهر الذي ليس يخفى

نور حق وسل بذاك خبيرا

والتي لم تكن ولا هي كانت

لاح فيها نور الغيوب منيرا

ظلمات على الذي هي فيه

أزلاً لم تزل ولا تنويرا

إنما النور وحده هو باد

في ظلام مقدر تقديرا

فيرى نفسه برؤيتنا في

كل شيء لذاك كان بصيرا

ونرى نفسنا به ويرانا

هو أيضا بنا فكان قديرا

ونراه برؤية هي منه

جاءنا وعده بها تبشيرا

ثم في الأربع المراتب كشف

هو هذا للنور ثم استعيرا

واعترته مراتب وإضافا

ت فسمى عقلاً وحساً كثيرا

وإذا حقق المحقق هذا

ونفى عنه بالسوى تغريرا

قال أوصاف ربنا وكذا الأس

ماء بالكائنات فاحت عبيرا

فهو منها الأوصاف وهو المسمى

عندها باعتبارها تقريرا

ولهذا نقول تلك قديما

ت وعين الذات التي لا نظيرا

وهي ذات حقيقة موصوف

ومسمى شريعة توقيرا

ثم بالشرع والحقيقة نأتي

ظاهراً باطناً ولا تخييرا

ونقول الذي به الكل قالوا

فنساوي المحقق النحريرا

إنهم عند ربهم درجات

كلهم لا تشيين لا تعييرا

والبرايا قسمان أهل نعيم

في جنان ومن يرون السعيرا

والذي قلبه المصدق ناج

وسواه مكفّر تكفيرا

ثم أهل الجنان قسمان أدنى

ثم أعلى يرى بها التصديرا

والذي فاته الذي نحن فيه

ههنا من علومنا تقصيرا

إن يكن مؤمناً به مذعناً لا

هو ناف له يراه حقيرا

فهو في جنة النعيم ولكن

لا يرى الرفع والمقام الخطيرا

وإذا كان جاحداً مسلماً في

ظاهر الشرع يلتقي تيسيرا

وهو في مذهب الحقيقة شخصٌ

كافر لا يرى الغداة نصيرا

وبحكم الحقيقة الله فينا

حاكم في غد فكن مستجيرا

وهنا الشرع لانتظام أمور ال

ناس وافى مبشراً ونذيرا

فاغتنم ما أقوله لك واعرف

وتذكر بفهمه تذكيرا

وتبين مقالتي فهي نصح

لك جاءت فحذرت تحذيرا

عبد الغني النابلسي

عبد الغني بن إسماعيل بن عبد الغني النابلسي الدمشقي الحنفي (1050 هـ - 1143 هـ / 1641 - 1731م) شاعر سوري وعالم بالدين والأدب ورحالة مكثر من التصنيف. ولد ونشأ وتصوف في دمشق. قضى سبع سنوات من عمره في دراسة كتابات "التجارب الروحيّة" لِفُقهاء الصوفية.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024