رأت عيني لمنكرة قواما

ديوان ابن الرومي

رأتْ عيني لمُنْكَرةٍ قواما

ووجهاً يشبه البدرَ التماما

فلم أبرحْ صريع هوىً كأنِّي

شربتُ به معتَّقة مُداما

شكا قلبي جنايةَ طرْفِ عيني

وقال رأى فأغْرى بي غراما

فقلتُ وقد جَنَى شراً عليه

ألستَ تراه قد هجر المناما

فقال الجسم أشكو ذا وهذا

فإنهما أعاراني سقاما

فقلتُ ثلاثةٌ كلٌّ جَناهُ

أقام بِكمْ بلاؤكُمُ وداما

فطرْفي ساهرٌ والجسم مُضْنىً

وقلبي ليس يبرحُ مُستهاما

ومُنكرةٌ تظنُّ الحبَّ لِعْباً

وقد قعدَ الهوى فيها وقاما

أظنُّ اليومَ قد غابتْه شهراً

وشهراً لا أراها فيه عاما

تحل بقرية النعمانِ عَمْداً

تُطيلُ بها على رغمي المُقاما

رمى الرحمنُ مولاها بموْتٍ

وعجَّل لي من الوعد انتقاما

لئن نَعُمَتْ لِما رثَّتْ حبالٌ

لها عندي ولا أمست رِماما

ولكني أجدِّدُ كلَّ يومٍ

بها وجداً وشوقاً واهتماما

بقلبي جمرةٌ للشوقِ تُذكى

تزيدُ على تباعُدِها اضطراما

تُرَى الأيامُ تُدْنِى بعدَ بُعْدٍ

وتُعطينا اجتماعاً والتئاما

وتَشفِي من جَوَى الأبراحِ صبّاً

يكاد يموتُ سُقماً واغتماما

فكُفّا بالذي أبلى وعافى

عن المشغُولِ بالحُبِّ المَلاما

تُراني أبدعَ العشاقِ عِشْقاً

وأولَ هائمٍ في الحب هاما

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن الرومي، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات