Skip to main content
search

تُرى نُوَبُ الأَيّامِ تُرجي صِعابَها


وَتَسأَلُ عَن ذي لِمَّةٍ ما أَشابَها


وَهَل سَبَبٌ لِلشَيبِ مِن بَعدِ هَذِه


فَدَأبُكَ يا لَونَ الشَبابِ وَدابُها


شَرِبنا مِنَ الأَيّامِ كَأساً مَريرَةً


تُدارُ بِأَيدٍ لا نَرُدُّ شَرابَها


نُعاتِبُها وَالذَنبُ مِنها سَجيَّةٌ


وَمَن عاتَبَ الخَرقاءَ مَلَّ عِتابَها


وَقالوا سِهامَ الدَهرِ خاطٍ وَصائِبٌ


فَكَيفَ لَقينا يا لِقَومٍ صَيابَها


أَبَت لِقحَةُ الدُنيا دُروراً لِعاصِبٍ


وَيَحلُبُها مَن لا يُعاني عِصابَها


وَقَد يُلقِحُ النَعماءَ قَومٌ أَعِزَّةٌ


وَيَخسَرُ قَومٌ عاجِزونَ سِقابَها


وَكُنتُ إِذا ضاقَت مَناديحُ خِطَّةٍ


دَعَوتُ اِبنَ حَمدٍ دَعوَةً فَأَجابَها


أَخٌ لي إِن أَعيَت عَلَيَّ مَطالِبي


رَمى لِيَ أَغراضَ المُنى فَأَصابَها


إِذا اِستَبهَمَت عَلياءُ لا يُهتَدى لَها


قَرَعتُ بِهِ دونَ الأَخِلّاءِ بابَها


بِهِ خَفَّ عَنّي ثِقلُ فادِحَةِ النُوى


وَحَبَّبَ عِندي نَأيَها وَاِغتِرابَها


ثَمانونَ مِن لَيلِ التَمامِ نَجوبُها


رَفيقَينِ تَكسونا الدَياجي ثِيابَها


نَؤُمُّ بِكَعبِ العامِريِّ نُجومَها


إِذا ما نَظَرناها اِنتَظَرنا غِيابَها


نُقَوِّمُ أَيدي اليَعمَلاتِ وَراؤَهُ


وَنَعدِلُ مِنها أَينَ أَومى رِقابَها


كَأَنّا أَنابيبُ القَناةِ يَؤُمُّها


سِنانٌ مَضى قُدماً فَأَمضى كِعابَها


كَذِئبِ الغَضا أَبصَرتَهُ عِندَ مَطمَعٍ


إِذا هَبَطَ البَيداءَ شَمَّ تُرابَها


بِعَينِ اِبنِ لَيلى لا تُداوى مِنَ القَذى


يُريبُ أَقاصي رَكبِهِ ما أَرابَها


تَراهُ قَبوعاً بَينَ شَرخَي رِحالِهِ


كَمَذروبَةٍ ضَمّوا عَلَيها نِصابَها


فَمِن حِلَّةٍ نَجتابُها وَقَبيلَةٍ


نَمُرُّ بِها مُستَنبِحينَ كِلابَها


وَمِن بارِقٍ نَهفو إِلَيهِ وَنَفحَةٍ


تُذَكِّرُنا أَيّامَها وَشَبابَها


وَلَهفي عَلى عَهدِ الشَبابِ وَلِمَّةٍ


أَطَرَّت غَداةَ الخَيفِ عَنّي غُرابَها


وَمِن دارِ أَحبابٍ نَبُلُّ طُلولَها


بِماءِ الأَماقِيَ أَو نُحَيّي جَنابَها


وَمِن رِفقَةٍ نَجديَّةٍ بَدَويَّةٍ


تُفَوِضُنا أَشجانَها وَاِكتِئابَها


وَنُذكِرُها الأَشواقَ حَتّى تُحِنَّها


وَتُعدي بِأَطرافِ الحَنينِ رِكابَها


إِذا ما تَحَدّى الشَوقُ يَوماً قُلوبَنا


عَرَضنا لَهُ أَنفاسَنا وَاِلتِهابَها


وَمِلنا عَلى الأَكوارِ طَربى كَأَنَّما


رَأَينا العِراقَ أَو نَزَلنا قِبابَها


نُشاقُ إِلى أَوطانِنا وَتَعوقُنا


زِياداتُ سَيرٍ ما حَسِبنا حِسابَها


وَكَم لَيلَةٍ بِتنا نُكابِدُ هَولَها


وَنَمزُقُ حَصباها إِذا الغَمرُ هابَها


وَقَد نَصَلَت أَنضاؤُنا مِن ظَلَمِها


نَصُلُ بَنانِ الخَودِ تَنضو خَضابَها


وَهاجِرَةٍ تُلقي شِرارَ وَقودِها


عَلى الرَكبِ أَنعَلنا المَطيَّ ظِرابَها


إِذا ماطَلَتنا بَعدَ ظَمءٍ بِمائِها


وَعَجَّ الظَوامي أَورَدَتنا سَرابَها


تَمَنّى الرِفاقُ الوِردَ وَالريقُ ناضِبٌ


فَلا ريقَ إِلّا الشَمسُ تُلقي لُعابَها


إِلى أَن وَقَفنا المَوقِفَينِ وَشافَهَت


بِنا مَكَّةٌ أَعلامَها وَهِضابَها


وَبِتنا بِجَمعٍ وَالمَطيُّ مُوَقَّفٌ


نُؤَمِّلُ أَن نَلقى مِنىً وَحِصابَها


وَطُفنا بِعادِيِّ البِناءِ مُحَجَّبٍ


نَرى عِندَهُ أَعمالَنا وَثَوابَها


وَزُرنا رَسولَ اللَهِ ثُمَّ بُعَيدَهُ


قُبورَ رِجالٍ ما سَلَونا مُصابَها


وَجُزنا بِسَيفِ البَحرِ وَالبَحرُ زاخِرٌ


بِلُجَّتِهِ حَتّى وَطِئنا عُبابَها


خُطوبٌ يُعِنَّ الشَيبَ في كُلِّ لِمَّةٍ


وَيُنسينَ أَيّامَ الصِبا وَلِعابَها


عَسى اللَهُ أَن يَأوي لِشُعثٍ تَناهَبوا


هِبابَ المَطايا نَصَّها وَاِنجِذابَها


وَجاسوا بِأَيديها عَلى عِلَلِ السُرى


حِرارَ أَماعيزِ الطَريقِ وَلابَها


فَيَرمي بِها بَغدادَ كُلُّ مُكَبِّرٍ


إِذا ما رَأى جُدرانَها وَقِبابَها


فَكَم دَعوَةٍ أَرسَلتُها عِندَ كُربَةٍ


إِلَيهِ فَكانَ الطولُ مِنهُ جَوابَها

الشريف الرضي

محمد بن الحسين بن موسى، أبو الحسن. شاعر وفقيه ولد في بغداد وتوفي فيها.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024