أخالد عاد وعدكم خلابا

ديوان جرير

أَخالِدَ عادَ وَعدُكُمُ خِلابا

وَمَنَّيتِ المَواعِدَ وَالكِذابا

أَلَم تَتَبَيَّني كَلَفي وَوَجدي

غَداةَ يُرَدُّ أَهلُكُمُ الرِكابا

أَهَذا الوُدُّ زادَكِ كُلَّ يَومٍ

مُباعَدَةً لِإِلفِكَ وَاِجتِنابا

لَقَد طَرِبَ الحَمامُ فَهاجَ شَوقاً

لِقَلبٍ ما يَزالُ بِكُم مُصابا

وَنَرهَبُ أَن نَزورَكُمُ عُيوناً

مُصانَعَةً لِأَهلِكِ وَاِرتِقابا

فَما بالَيتِ لَيلَتَنا بِنَجدٍ

وَدَمعُ العَينِ يَنحَدِرُ اِنسِكابا

لِذِكرِكِ حينَ فَوَّزَتِ المَطايا

عَلى شَرَكٍ تَخالُ بِهِ سِبابا

أَلا يا قَلبِ مالَكَ إِذ تَصابى

وَهَذا الشَيبُ قَد غَلَبَ الشَبابا

كَما طَرَدَ النَهارُ سَوادَ لَيلٍ

فَأَزمَعَ حينَ حَلَّ بِهِ الذَهابا

سَأَحفَظُ ما زَعَمتِ لَنا وَأَرعى

إِيابَ الوُدِّ إِنَّ لَهُ إِيابا

وَلَيلٍ قَد أَبيتُ بِهِ طَويلٌ

لِحُبِّكِ ما جَزَيتِ بِهِ ثَوابا

أَخالِدَ كانَ أَهلُكَ لي صَديقاً

فَقَد أَمسَوا لِحُبِّكُمُ حِرابا

بِنَفسي مَن أَزورُ فَلا أَراهُ

وَيَضرِبُ دونَهُ الخَدَمُ الحِجابا

أَخالِدَ لَو سَأَلتِ عَلِمتِ أَنّي

لَقيتُ بِحُبِّكِ العَجَبَ العُجابا

سَتَطلُعُ مِن ذُرى شُعَبى قَوافٍ

عَلى الكِندِيِّ تَلتَهِبُ اِلتِهابا

أَعَبداً حَلَّ في شُعَبى غَريباً

أَلُؤماً لا أَبالَكَ وَاِغتِرابا

وَيَوماً في فَزارَةَ مُستَجيراً

وَيَوماً ناشِداً حَلِفاً كِلابا

إِذا جَهِلَ اللَئيمُ وَلَم يُقَدِّر

لَبَعضِ الأَمرِ أَوشَكَ أَن يُصابا

فَما فارَقتَ كِندَةَ عَن تَراضٍ

وَما وَبَّرتَ في شُعَبى اِرتِغابا

ضَرَبتَ بِحَفَّتَي صَنعاءَ لَمّا

أَحادَ أَبوكَ بِالجَنَدِ العِصابا

وَكُنتَ وَلَم يُصِبكَ ذُبابُ حَربي

سَتَلقى مِن مَعَرَّتِها ذُبابا

أَلَم تُخبَر بِمَسرَحَيَ القَوافي

فَلا عَيّاً بِهِنَّ وَلا اِجتِلابا

سَأَجعَلُ نَقدَ أُمِّكَ غَيرَ دَينٍ

وَأُنسيكَ العِتابَ فَلا عِتابا

عَوَيتَ كَما عَوى لي مِن شَقاهُ

فَذاقوا النارَ وَاِشتَرَكوا العَذابا

عَوَيتَ عُواءَ جَفنَةَ مِن بَعيدٍ

فَحَسبُكَ أَن تُصيبَ كَما أَصابا

إِذا مَرَّ الحَجيجُ عَلى قُنَيعٍ

دَبَبتَ اللَيلَ تَستَرِقُ العِيابا

فَقَد حَلَّت يَمينُكَ إِن إِمامٌ

أَقامَ الحَدَّ وَاِتَّبَعَ الكِتابا

تُلاقي طالَ رَغمُ أَبيكَ قَيساً

وَأَهلُ المَوسِمينَ لَنا غِضابا

أَعَنّاباً تُجاوِرُ حينَ أَجنَت

نَخيلُ أَجاً وَأَعنُزَهُ الرُبابا

أَصابوا الجارَ لَيلَةَ غابَ عَنهُم

فَبِئسَ القَومُ إِذ شَهِدوا وَغابا

فَما خَفِيَت هُضَيبَةُ حينَ جُرَّت

وَلا إِطعامُ سَخلَتِها الكِلابا

يُقَطِّعُ بِالمَعابِلِ حالِبَيها

وَقَد بَلَّت مَشيمَتُها الثِيابا

فَقَد حَمَلَت ثَمانِيَةً وَوَفَّت

بِتاسِعِها وَتَحسِبُها كَعابا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان جرير، شعراء العصر الأموي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

أقلي اللوم عاذل والعتابا

أَقِلّي اللَومَ عاذِلَ وَالعِتابا وَقولي إِن أَصَبتُ لَقَد أَصابا أَجَدِّكَ ما تَذَكَّرُ أَهلَ نَجدٍ وَحَيّاً طالَ ما اِنتَظَروا الإِيابا بَلى فَاِرفَضَّ دَمعُكَ غَيرَ نَزرٍ كَما…

بديع الزمان الهمذاني – المقامة الدينارية

حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ هِشامٍ قَالَ: اتَّفَقَ لي نَذْرٌ نَذَرْتُهُ في دِينَارٍ أَتَصَدَّقُ بِهِ عَلى أَشْحَذِ رَجُلٍ بِبَغْدَادَ، وَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَدُلِلْتُ عَلى أَبِي الفَتْحَ الإِسْكَنْدَرِيِّ، فَمضَيْتُ…

تعليقات