أجارة بيتينا أبوك غيور

ديوان أبو نواس

أَجارَةَ بَيتَينا أَبوكِ غَيورُ

وَمَيسورُ مايُرجى لَدَيكِ عَسيرُ

وَإِن كُنتِ لا خِلماً وَلا أَنتِ زَوجَةٌ

فَلا بَرَحَت دوني عَلَيكِ سُتورُ

وَجاوَرتُ قَوماً لا تَزاوُرَ بَينَهُم

وَلا وَصلَ إِلّا أَن يَكونَ نُشورُ

فَما أَنا بِالمَشغوفِ ضَربَةَ لازِبٍ

وَلا كُلُّ سُلطانٍ عَلَيَّ قَديرُ

وَإِنّي لِطَرفِ العَينِ بِالعَينِ زاجِرٌ

فَقَد كُدتُ لا يَخفى عَلَيَّ ضَميرُ

كَما نَظَرَت وَالريحُ ساكِنَةٌ لَها

عُقابٌ بِأَرساغِ اليَدَينِ نَدورُ

طَوَت لَيلَتَينِ القوتَ عَن ذي ضَرورَةٍ

أُزَيغِبَ لَم يَنبُت عَلَيهِ شَكيرُ

فَأَوفَت عَلى عَلياءَ حينَ بَدا لَها

مِنَ الشَمسِ قَرنٌ وَالضَريبُ يَمورُ

تَقَلَّبُ طَرفاً في حِجاجَي مَغارَةٍ

مِنَ الرَأسِ لَم يَدخُل عَلَيهِ ذَرورُ

تَقولُ الَّتي عَن بَيتِها خَفَّ مَركَبي

عَزيزٌ عَلَينا أَن نَراكَ تَسيرُ

أَما دونَ مِصرٍ لِلغِنى مُتَطَلَّبٌ

بَلى إِنَّ أَسبابَ الغِنى لَكَثيرُ

فَقُلتُ لَها وَاستَعجَلَتها بَوادِرٌ

جَرَت فَجَرى في جَريِهِنَّ عَبيرُ

ذَريني أُكَثِّر حاسِديكِ بِرِحلَةٍ

إِلى بَلَدٍ فيهِ الخَصيبُ أَميرُ

إِذا لَم تَزُر أَرضَ الخَصيبِ رِكابُنا

فَأَيَّ فَتىً بَعدَ الخَصيبِ تَزورُ

فَتىً يَشتَري حُسنَ الثَناءِ بِمالِهِ

وَيَعلَمُ أَنَّ الدائِراتِ تَدورُ

فَما جازَهُ جودٌ وَلا حَلَّ دونَهُ

وَلَكِن يَصيرُ الجودُ حَيثُ يَصيرُ

فَلَم تَرَ عَيني سُؤدُداً مِثلَ سُؤدُدٍ

يَحِلُّ أَبو نَصرٍ بِهِ وَيَسيرُ

وَأَطرُقُ حَيّاتِ البِلادِ لِحَيَّةٌ

خَصيبِيَّةُ التَصميمِ حينَ تَسورُ

سَمَوتَ لِأَهلِ الجورِ في حالِ أَمنِهِم

فَأَضحَوا وَكُلٌّ في الوِثاقِ أَسيرُ

إِذا قامَ غَنَّتهُ عَلى الساقِ حِليَةٌ

لَها خُطوَةٌ عِندَ القِيامِ قَصيرُ

فَمَن يَكُ أَمسى جاهِلاً بِمَقالَتي

فَإِنَّ أَميرَ المُؤمِنينَ خَبيرُ

وَما زِلتَ توليهِ النَصيحَةَ يافِعاً

إِلى أَن بَدا في العارِضينَ قَتيرُ

إِذا غالَهُ أَمرٌ فَإِمّا كَفَيتَهُ

وَإِمّا عَلَيهِ بِالكِفاءِ تُشيرُ

إِلَيكَ رَمَت بِالقَومِ هوجٌ كَأَنَّما

جَماجِمُها فَوقَ الحِجاجِ قُبورُ

رَحَلنَ بِنا مِن عَقرَقوفَ وَقَد بَدا

مِنَ الصُبحِ مَفتوقِ الأَديمِ شَهيرُ

فَما نَجَدَت بِالماءِ حَتّى رَأَيتُها

مَعَ الشَمسِ في عَينَي أَباغَ تَغورُ

وَغُمَّرنَ مِن ماءِ النُقَيبِ بِشَربَةٍ

وَقَد حانَ مِن ديكِ الصَباحِ زَميرُ

وَوافَينَ إِشراقاً كَنائِسَ تَدمُرٍ

وَهُنَّ إِلى رَعنِ المُدَخِّنِ صورُ

يُؤَمَّمنَ أَهلَ الغوطَتَينِ كَأَنَّما

لَها عِندَ أَهلِ الغوطَتَينِ ثُؤورُ

وَأَصبَحنَ بِالجَولانِ يَرضَخنَ صَخرَها

وَلَم يَبقَ مِن أَجراحِهِنَّ شُطورُ

وَقاسَينَ لَيلاً دونَ بَيسانَ لَم يَكَد

سَنا صُبحِهِ لِلناذِرينَ يُنيرُ

وَأَصبَحنَ قَد فَوَّزنَ مِن نَهرِ فُطرُسٍ

وَهُنَّ عَنِ البَيتِ المُقَدَّسِ زورُ

طَوالِبَ بِالرُكبانِ غَرَّةَ هاشِمٍ

وَفي الفَرَما مِن حاجِهِنَّ شُقورُ

وَلَمّا أَتَت فُسطاطَ مِصرٍ أَجارَها

عَلى رَكبِها أَن لا تَزالَ مُجيرُهُ

مِنَ القَومِ بَسّامٌ كَأَنَّ جَبينَهُ

سَنا الفَجرِ يَسري ضَوءُهُ وَيُنيرُ

زَها بِالخَصيبِ السَيفُ وَالرُمحُ في الوَغى

وَفي السِلمِ يَزهو مِنبَرٌ وَسَريرُ

جَوادٌ إِذا الأَيدي كَفَفنَ عَنِ النَدى

وَمِن دونِ عَوراتِ النِساءِ غَيورُ

لَهُ سَلَفٌ في الأَعجَمَينِ كَأَنَّهُم

إِذا استُؤذِنوا يَومَ السَلامِ بُدورُ

وَإِنّي جَديرٌ إِذ بَلَغتُكَ بِالمُنى

وَأَنتَ بِما أَمَّلتُ مِنكَ جَديرُ

فَإِن تولِني مِنكَ الجَميلَ فَأَهلُهُ

وَإِلّا فَإِنّي عاذِرٌ وَشُكورُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان أبو نواس، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات