عيوب القافية المتعلقة بالروي 

عيوب القافية المتعلقة بالروي  - عالم الأدب

كنت أود في هذا المقال أن أتحدث عن أسماء القافية وعن ضابط كل اسم منها ،ولكن بدا لي من الأحسن أن أتحدث عن العيوب المتعلقة بالقافية ،فالشاعر الحقيقي مطالب بمعرفة الموضوع وقتله اطلاعا وتحقيقا وفهما حتى يحترز حتى من العيوب التي أجازها علماء الشعر في القافية للمتأخرين ،وأن يحاول ألا يقع فيها ،ويمتنع امتناعا كليا عن العيوب التي منعوها فيها ـ في القافية ـ لأنها تعتبر عيبا مشينا لا يجدر بالشاعر الحقيقي ارتكابه،وهي ولو جاءت في شعر الأقدمين فهي منهم تعد زلات لا تصلح أبدا لأن تكون مثالا يحتذى ولا لأن تكون منوالا ينسج عليه.

فالشاعر يعرف ـ وعليه أن يعرف ـ أنه لا بد له من أن يلتزم في القافية حروفا معينة في قصيدته،وبما أن للحروف حركاتٍ معينة فعليه أيضا أن يلتزم بهذه الحركات ،وعليه أن يدرك أن أي إخلال بها هو عيب من عيوب القافية ،وتفريط منه في جنب الشعر.

وقبل البدء في عد عيوب القافية لا بد من الإشارة إلى أن عيوبها هي نوعان،أولهما ما يتعلق بالروي وحركته التي تسمى المجرى،وثانيهما ما يتعلق بما قبل الروي من الحروف والحركات ،وهو ما يسميه العروضيون ب”السناد”.

ولكن أرى أن أبدأ بعيوب القافية التي لا تسامح في ارتكابها حتى مع المولدين ،لأنها في نظري تذهب بطلاوة الشعر ورونقه،وتفقده الرواء الذي ينبغي أن يكون عليه،وهذه العيوب تتعلق بالروي وقد حددها العروضيون في أربعة أنواع وهي كما يلي:

1 ـ الإقواء:وهو أن ينتقل الشاعر بحركة الروي من الكسر إلى الضم،وسمي بالإقواء تشبيها له بفتل الحبل بعضه غليظ وبعضه رفيع،إذ مع مرور الوقت سرعان ما يبلى وينقطع.

ومثاله قول النابغة الذبياني:

أَمِــنْ آلِ مَــيَّــةَ رَائِــحٌ أَوْ مُــغْــتَـدِ**عَـــجْـــلَانَ ذَا زَادٍ وَغَـــيْــرَ مُــزَوَّدِ

زَعَــمَ البوارح أنَّ رِحْـلَـتَـنَـا غَـدًا**وَبِــذَاكَ خَــبَّـرَنَـا الْـغُـرابُ الْأَسْـوَدُ

وكما نلاحظ فالروي في البيت الأول مكسور وفي البيت الثاني مضموم.

(هناك رواية أخرى للبيت الثاني لا يبقى معها الإقواء وهي:

زَعَــمَ الْــبوارح أَنَّ رِحْـلَـتَـنَـا غَـدًا**وَبِــذَاكَ تنعابُ الْـغُـرابِ الْأَسْـوَدِ).

2 ـ الإصراف:وهو أن ينتقل الشاعر بحركة الروي من الفتح إلى ضم أو إلى كسر.وهذا العيب يعتبر خفيفا مع ما فيه من قبح.وقد سمي هذا العيب في القافية إصرافا لأن الشاعر فيه يصرف الروي عن طريقه إلى طريق آخر،أي يغير اتجاهه.

ومثاله قول الشاعر :

أريتك إذ منعت كلام يحيى**أتمنعني على يحيى البكاءَ

ففي طرفي على يحيى سهاد**وفي قلبي على يحيى البلاءُ

ومثاله أيضا قول الشاعر:

ألم ترني رددت على ابن ليلى**منيحته وعجلت الأداءَ

فقلت لشاته لما أتتنا**رماك الله من شاءٍ بداءِ

3 ـ الإكفاء:وهو أن ينوّع الشاعر الروي بحرفين متقاربين في المخرج.

ومثاله قول الشاعر:

أقبلت فلاح لها**عارضان كالبردِ

هل عليّ ويحكما**إن عشقت من حرجِ

4 ـ الإجازة:وهو أن ينوع الشاعر الروي بحرفين متباعدين في المخرج.

ومثاله قول أحدهم(لا أقول قول الشاعر لأن ما استشهدنا به ليس شعرا أصلا):

رب أخ بت به مغتبطا**أشد كفي بعرى صحبتهِ

تمسكا مني بالود ولا**أحسبه يزهد في أمل

وهذه النوع من عيوب القافية سمي ب”الإجازة”لأنها تتجاوز الحدود المرسومة للشعر وتتعداها سواء كانت هذه الحدود مألوفة أو غير مألوفة.

هذه هي عيوب الروي ،وأما العيوب التي تكون في القافية ما قبل الروي من حروف وحركات والمسماة ب” السناد”فسنخصها بمقال آخر بإذن الله تعالى.

وما توفيقي إلا بالله.

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

تعليقات