المقطوعة الشعرية 

المقطوعة الشعرية  - عالم الأدب

في بعض الأحيان ولأمر ما سنتحدث عن بعضه في ما بعد لا يميل الشاعر إلى كتابة أوقرض قصيدة تامة الأركان واضحة المعالم بحيث يمكننا أن نشير إليها مطمئنين بأنها قصيدة حقيقية ولا غبار عليها في ذلك.فربما اكتفى الشاعر إياه بالبيت الواحد و بالبيتين وربما بالثلاثة أبيات إلى السبعة وربما إلى العشرةلكن لا يتجاوز حد هذا العدد.

ولأن العرب ـ كما يعلم الجميع ـ أولوا فن الشعر اهتماما كبيرا لمعرفتهم أنه ديوانهم كما ذهبوا في القول إلى ذلك ،فقد اعتنوا به من حيث تقسيمه وتعريف كل قسم منه بتعريف جامع مانع له،إذ كل ذلك كان لأنه يحتل عندهم مرتبة عالية الشرف، ويقدرون قيمته في حياتهم اليومية تقديرا كبيرا،فلهذا كان كل ما قيل وما يقال عن شرفه وقيمته ،وما يعد من مناقبه يبدو في نظري أنه مجرد تحصيل حاصل.

نحن اليوم سنتحدث عن المقطوعة الشعرية باعتبارها فنا قائما بذاته،يلجأ الشاعر إلى ممارسته بين الفينة والأخرى لأسباب تدفع الشاعر إياه إليها،ومن هذه الأسباب ميزات المقطوعة الشعرية نفسها التي تتوفر فيها مواصفات الإغراء بها والتعاطي لها.

ولكن قبل الحديث عن المقطوعة الشعرية أود أن ألمّ إلمامة خاطفة بأسماء الأبيات الشعرية من حيث عددها،لما في ذلك من إضافة نوعية إلى الموضوع من جهة ،ولما تدل عليه من عناية الإنسان العربي بهذا الجنس الأدبي الجميل من جهة أخرى.

وإليكم أسماء الأبيات الشعرية من حيث العدد كما يلي:

1 ـ اليتيم:وهو البيت الشعري الواحد الذي ينظمه الشاعر ،ويتميز بقصره وغلبة الطابع الوصفي أو الاستعاري عليه.

2 ـ النتفة:وتتكون من بيتين وهي ذات طابع وصفي و قد يكون طابعها طابعا تعبيريا بحتا.

3 ـ المقطوعة أو القطعة :وهي تتكون من ثلاثة إلى سبعة أبيات وبعضهم أوصلها إلى عشرة، وهي في الغالب ما تكون ذات طابع قصصي أو وصفي أو حواري.

ويهمنا من هذا كله هذه الأخيرة ـ المقطوعة الشعرية ـ التي يعبر بها الشاعر عن تجربته من خلال أبيات لا تزيد عن العشرة ،فإذا زادت عن العشرة أبيات دعيت أو سميت قصيدة.

لقد تأمل نقاد الشعر المقطوعة الشعرية فعزوا سبب القصر فيها إلى أن طبيعة مواضيعها لا قِبَل لها بالتطويل كما هو الحال عليه في القصيدة ،وربما كانت حدة العاطفة وانسياب تدفقها يحولان بين الشاعر وبين الإطالة فيها.

ونحن حين نمعن النظر في المقطوعة الشعرية نجد من صفات تميزها عن القصيدة البساطة والوضوح ،وهما شيئان يكادان يلمسان فيها لمس اليد ،كما أن حدة الشعور التي تعتري الشاعر وهو يباشرها قرضا وتأليفا لها دور في هذا الحؤول دون إطالتها..

إن الشاعر في المقطوعة الشعرية لا يلتفت كثيرا إلى الأناقة في التعبير فيها ولا إلى ممارسة رسم الصور الفنية بقدر ما يقوم بالاكتفاء بتسطير العبارة الموحية ذات الدلالة الواضحة والمؤثرة.

ثم هو نراه ـ أي الشاعر ـ لا يميل إلى استعمال الأوجه البلاغية إلا إذا جاءت هذه الأوجه نابعة من إحساسه وبطريقة عفوية،عكس ما يكون عليه الحال في القصيدة التي يعنى فيها الشاعر بتنوع الأساليب التي يلزمه بها تعدد جوانب الموضوع فيها ويدعوه إلى الإفاضة في التعبيرات المجازية والإكثار من الصور الخيالية.

أتمنى صادقا أن أكون قد أصبت في قولي،وما التوفيق إلا بالله.

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

تعليقات