البلبل الصامت

صَبَـاحٌ نَـدِيٌّ والسَمـاءِ غَـائمةً

       والطيورِ ذاهبةً تُغَرِد وتترحَلِ

ذَهبَ عن مَسمعيَّ كُلَّ صُوتٍ

       لَكِنِّي لَـم أسمَـعُ صُـوتَ بُلبُلِـي

ظَننتُ أنَّ النَوّمَ طَالَ بِغفوَتِهِ

       فَوَجدتُـهُ مُستِيقِضاً ومُـثكَـلِ

سَألتُهُ هَـل بِـهِ سَـقَـمٌ أو ألـمُ

فَلمْ يَجِبْ ولـمْ يُحَرِك مَفصِلِ

أخذتُهُ لِأتَفَقدُ مَاذا قَد حَلَ بِهِ

فَلمْ أجِدُ أيَّ شيءٍ بِـهِ حَاصِلِ

فَتنَهـدَ ثَـلاثٌ وعَينِّيهِ نَشِفَاتُ

وقالَ تَوارىٰ عَنِّيَ ولا تَـسـألِ

كَيفَ يُجِيبُكَ مَيِّتاً مِن رُوحِهِ

وَحِـيداً وحَبِيبَهُ عَنهُ مُنعَـزِلِ

كَيفَ يُغَرِدُ مَـن كَسَاهُ الحُـبْ

ثَـوبَ الشَـوقِ عَليِّـهِ مُفَصَـلِ

كَيفَ يَنامُ الليلِ الذِي عَاشقٌ

فِي عينهِ سَهَرٌ وجَفنُهُ مُثقَلِ

فَواللّٰهِ وإن أطلقتَني بالهوىٰ

فهَوىٰ الغَرامُ أسَـرَنِي بِأكمَلِي

أرجُـوكَ دَعنِّي هُـنَـا وَحِـيـداً

لأُنَاجيَّ صَمتِي وأرىٰ مُنزَلِي

فقلتُ ويّحُكَ مَا هَذا الهُـراء

فَمَن ذا الذي قَلبُكَ بِهِ مُشغَلِ

هل قَفَصِي هوَ حَاجِزُ وصلِكَ

وكَيفَ لَكَ حَبيبَ لَـهُ مَوصِلِ

قَالَ ما يُدريكَ بِحُبِ الصَدىَ

في تَغريدِ بُلبُلٍ وهَدِيلِ زَاجِلِ

ومَـا يُدرِيَـكَ يا فتـىٰ بِعشقِنَا

الذي نَحنُ بِهِ في الجوِ نَعتَلي

نَحِبُ بِصمتِنا وـنرىٰ بِهِ ذاتنا

ونلتقي بالأرواحُ وفي تأملٍ

فَلـو كـان حَجزُكَ لـيّ سببي

لَما بَقِيتُ وَهـوَ لِيس مُقفَـلِ

لن أبـوحُ لك بِسِرٍ فيهِ حُبي

فـأنا مُـحِـب لِـزاجِـلٍ مُكَّبَلِ

دعني وصمتي في الجوى

ففـي الحُـبِ عَـذابٌ مُـذبِـلٌ

أحِـبُ الشَـوقٌ والحنيـن لَـهُ

فكيف لا أصمت من تخيلي

دعني وشاني فأنا عاشق

لأجله أنا رضـيـتُ بِمقتلي

فالموت لأجلهِ حياةُ خُلدٍ

والبقاءُ مَـعـهُ عُـمـراً أزل

الشاعر #محمد السنان#

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

بديع الزمان الهمذاني – المقامة الدينارية

حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ هِشامٍ قَالَ: اتَّفَقَ لي نَذْرٌ نَذَرْتُهُ في دِينَارٍ أَتَصَدَّقُ بِهِ عَلى أَشْحَذِ رَجُلٍ بِبَغْدَادَ، وَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَدُلِلْتُ عَلى أَبِي الفَتْحَ الإِسْكَنْدَرِيِّ، فَمضَيْتُ…

هذا من فضل وفتح الله على إبن الورديحارت الافكار في حكمة من قد هدانا سبلنا عز وجل – لامية ابن الوردي/ من روائع الحكم

اعتـزلْ ذِكـرَ الأَغَاني والغـَزَلْ * * * وقُلِ الفَصْـلَ وجانبْ مـَنْ هـَزَلْ ودَعِ الـذِّكـرَى لأيـامِ الصِّبـا * * * فَـلأَيـامِ الصِّبـا نجَـمٌ أفَـلْ إنْ أَهنـا…

تعليقات