Skip to main content
search

لِعَينَيكِ ما يَلقى الفُؤادُ وَما لَقي

وَلِلحُبِّ مالَم يَبقَ مِنّي وَما بَقي

وَما كُنتُ مِمَّن يَدخُلُ العِشقُ قَلبَهُ

وَلَكِنَّ مَن يُبصِر جُفونَكِ يَعشَقِ

وَبَينَ الرِضا وَالسُخطِ وَالقُربِ وَالنَوى

مَجالٌ لِدَمعِ المُقلَةِ المُتَرَقرِقِ

وَأَحلى الهَوى ما شَكَّ في الوَصلِ رَبُّهُ

وَفي الهَجرِ فَهوَ الدَهرَ يُرجو وَيُتَّقي

— المتنبي

شرح الأبيات:

1. ما يلقى: مبتدأ بمعنى الذي. ولعينك: خبر مقدم عليه، وكذلك المصراع الثاني يقول: كل شيء لقي قلبي من ألم الشوق فيما مضى، وفيما يلقاه من بعد فهو بسبب عينيك، ولأجل حسنها.
وقيل: يعني حلال لعينيك ما لقيته وما ألقاه، والمراد جعلت قلبي لعينيك، فكل ما يمر عليه معفو عنه.
وقيل: أراد، ظاهر لعينيك ما يلقاه فؤادي وما لقيته، وكذلك في المصراع الثاني. إني ما لقيت من نحول جسمي، وهزال بدني، وما بقى منه، فهو لأجل حبك، أو هو حلال، أو ظاهر للحب.
وقيل: أراد كأن الحب ملكه يتصرف فيه تصرف الملاّك في الأمْلاك، فأذهب بعض جسمه بالهزال، وأبقى بعضه وقيل: أذهب قوّتي وأبقى جسمي.
وقيل: أراد عمري الذي مضى وبقى. وقيل: أراد بما بقي روحه وبما لم يبق جسمه.

2. يقول: لم أكن ممن يميل به أسباب الهوى، ولكني لما أبصرت جفونك، وغُنج عينيك صرت عاشقاً لك.

3. يقول: لا أزال أبكي في حال رضى الحبيب، خوفا من سخطه، وفي حال سخطه، لحصوله، وفي حال القرب، خوفا من النوى، وفي حال النوى لحصولها، فبين كل شيء من هذه الأحوال مجال لدمع السائل.

4. أحلى الهوى: ما يشوبه الخوف والرجاء، حتى يكون العاشق مرة خائفاً ومرة راجياً، فلا يشفى بالوصل، فيزدري ذلك بحلاوته، ويؤدي إلى الملال، ولا ييئس من الوصل رأسا، فيؤدي ذلك إلى شدة الحزن الذي يؤدي إلى الهلاك فحالة الشك والتردد في الهجر والوصل، والوقوف بين حالتي الخوف والرجاء، ألذ أحوال الهوى.

أبو الطيب المتنبي

أبو الطيّب المتنبي (303هـ - 354هـ) (915م - 965م) هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي أبو الطيب الكندي الكوفي المولد، نسب إلى قبيلة كندة نتيجة لولادته بحي تلك القبيلة في الكوفة لا لأنه منهم. عاش أفضل أيام حياته وأكثرها عطاء في بلاط سيف الدولة الحمداني في حلب وكان من أعظم شعراء العرب، وأكثرهم تمكناً من اللغة العربية وأعلمهم بقواعدها ومفرداتها، وله مكانة سامية لم تُتح مثلها لغيره من شعراء العرب. فيوصف بأنه نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، واشتُهِرَ بحدة الذكاء واجتهاده وظهرت موهبته الشعرية مبكراً.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024