أحسين إني واعظ ومؤدب

ديوان علي بن أبي طالب

أَحُسَينُ إِنّي واعِظٌ وَمؤَدِّبٌ

فَاِفهَم فَأَنتَ العاقِلُ المُتَأَدِّبُ

وَاِحفَظ وَصِيَّةَ وَالِدٍ مُتَحَنِّنٍ

يَغذوكَ بالآدابِ كَيلا تُعطَبُ

أَبُنَيَّ إِنَّ الرِزقَ مَكفولٌ بِهِ

فَعَلَيكَ بالإِجمالِ فيما تَطلُبُ

لا تَجعَلَنَّ المالَ كَسبَكَ مُفرَداً

وَتُقى إلَهَكَ فَاِجعَلَن ما تَكسِبُ

كَفِلَ الإِلَهُ بِرِزقِ كُلِ بَرِيَّةٍ

وَالمالُ عارِيَةٌ تَجيءُ وَتَذهَبُ

وَالرِزقُ أَسرَعُ مِن تَلَفُّتِ ناظِرٍ

سَبَباً إِلى الإِنسانِ حينَ يُسَبَّبُ

وَمِنَ السُيولِ إِلى مَقَرِّ قَرارِها

وَالطَيرُ لِلأَوكارِ حينَ تُصَوِّبُ

أَبُنَيَّ إِنَّ الذِكرَ فيهِ مَواعِظٌ

فَمَنِ الَّذي بِعِظاتِهِ يَتَأَدَّبُ

فَاِقرَأ كِتابَ اللَهِ جَهدَكَ واِتلُهُ

فيمَن يَقومُ بِهِ هُناكَ وَيَنصَبُ

بِتَفَكُّرٍ وَتَخَشُّعٍ وَتَقَرُّبٍ

إِنَّ المُقَرَّبَ عِندَهُ المُتَقَرِّبُ

وَاِعبُد إِلَهَكَ ذا المَعارِجِ مُخلِصاً

وَاِنصِت إِلى الأَمثالِ فيما تُضرَبُ

وَإِذا مَرَرتَ بِآيَةٍ وَعظِيَّةٍ

تَصِفُ العَذابَ فَقِف وَدَمعُكَ يُسكَبُ

يا مَن يُعَذِّبُ مَن يَشاءُ بِعَدلِهِ

لا تَجعَلَنّي في الَّذينَ تُعَذِبُ

إِنّي أَبوءُ بِعَثرَتي وَخَطيئَتي

هَرَباً إِلَيكَ وَلَيسَ دونَكَ مَهرَبُ

وَإِذا مَرَرتَ بِآيَةٍ في ذِكرِها

وَصفَ الوَسيلَةِ وَالنَعيمِ المُعجِبُ

فَاِسأَل إِلَهَكَ بِالإِنابَةِ مُخلِصاً

دارُ الخُلودِ سُؤالَ مَن يَتَقَرَّبُ

وَاِجهَد لَعَلَّكَ أَن تَحِلَّ بِأَرضِها

وَتَنالَ روحَ مَساكِنَ لا تَخرَبُ

وَتَنالَ عَيشاً لا اِنقِطاعَ لِوَقتِهِ

وَتَنالَ مُلكَ كَرامَةٍ لا تُسلَبُ

بادِر هَواكَ إِذا هَمَمتَ بِصالِحٍ

خَوفَ الغَوالِبِ أَن تَجيءَ وَتُغلَبُ

وَإِذا هَمَمتَ بِسَيِّءٍ فَاِغمِض لَهُ

وَتَجَنَّبِ الأَمرَ الَّذي يُتَجَنَّبُ

وَاِخفِض جَناحَكَ لِلصَديقِ وَكُن لَهُ

كَأَبٍ عَلى أَولادِهِ يَتَحَدَّبُ

وَالضَيفُ أَكرِم ما اِستَطَعتَ جِوارَهُ

حَتّى يَعُدُّكَ وارِثاً يَتَنَسَبُ

وَاِجعَل صَديقَكَ مَن إِذا آخيتَهُ

حَفِظَ الإِخاءَ وَكانَ دونَكَ يَضرِبُ

وَاِطلُبهُمُ طَلَبَ المَريضِ شِفاءَهُ

وَدَعِ الكَذوبَ فَلَيسَ مِمَّن يُصحَبُ

وَاَحفَظ صَديقَكَ في المَواطِنِ كُلِّها

وَعَلَيكَ بِالمَرءِ الَّذي لا يَكذِبُ

وَاِقلِ الكَذوبَ وَقُربَهُ وَجِوارَهُ

إِنَّ الكَذوبَ مُلَطِّخٌ مَن يَصحَبُ

يُعطيكَ ما فَوقَ المُنى بِلِسانِهِ

وَيَروغُ مِنكَ كَما يَروغُ الثَعلَبُ

وَاِحذَر ذَوي المَلَقِ اللِئامِ فَإِنَّهُم

في النائِباتِ عَلَيكَ مِمَّن يَخطُبُ

يَسعَونَ حَولَ المَرءِ ما طَمِعوا بِهِ

وَإِذا نَبا دَهرٌ جَفَوا وَتَغَيَبوا

وَلَقَد نَصَحتُكَ إِن قَبِلتَ نَصيحَتي

وَالنُصحُ أَرخَصُ ما يُباعُ وَيوهَبُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان علي بن أبي طالب، شعراء صدر الإسلام، قصائد

قد يعجبك أيضاً

بديع الزمان الهمذاني – المقامة الدينارية

حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ هِشامٍ قَالَ: اتَّفَقَ لي نَذْرٌ نَذَرْتُهُ في دِينَارٍ أَتَصَدَّقُ بِهِ عَلى أَشْحَذِ رَجُلٍ بِبَغْدَادَ، وَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَدُلِلْتُ عَلى أَبِي الفَتْحَ الإِسْكَنْدَرِيِّ، فَمضَيْتُ…

تعليقات