Skip to main content
search

بِأَبي جُفونُ مُعَذِّبي وَجُفوني

فَهِيَ الَّتي جَلَبَت إِلَيَّ مَنوني

ما كُنتُ أَحسَبُ أَنَّ جَفني قَبلَها

يَقتادُني مِن نَظرَةٍ لِفُتونِ

يا قاتَلَ اللَهُ العُيونَ لِأَنَّها

حَكَمَت عَلَينا بِالهَوى وَالهونِ

وَلَقَد كَتَمتُ الحُبَّ بَينَ جَوانِحي

حَتّى تَكَلَّمَ في دُموعِ شُؤوني

هَيهاتَ لا تَخفى عَلاماتُ الهَوى

كادَ المُريبُ بِأَن يَقولَ خُذوني

وَبِمُهجَتي أَلحاظُ ظَبيَةِ وَجرَةٍ

حُرّاسُ مَسكِنِها أُسودُ عَرينِ

سَدّوا عَلَيَّ الطُرقَ خَوفَ طَريقِهِم

فَالطَيفُ لا يَسري عَلى تَأمينِ

أَوَما كَفاهُم مَنعُهُم حَتّى رَمَوا

مِنها مُبَرَّأَةً بِرَجمِ ظُنونِ

وَتَوَهَّموا أَن قَد تَعاطَت قَهوَةً

لَمّا رَأَوها تَنثَني مِن لينِ

وَاِستَفهِموها مَن سَقاكِ وَما دَرَوا

ما اِستودِعَت مِن مَبسِمٍ وَجُفونِ

وَمِنَ العَجائِبِ أَنَّهُم قَد عَرَّضوا

بي لِلفُتونِ وَبَعدَهُ عَذَلوني

خَدَعوا فُؤادي بِالوِصالِ وَعِندَما

شَبّوا الهَوى في أَضلُعي هَجَروني

لَو لَم يُريدوا قَتلَتي لَم يُطعِموا

في القُربِ قَلبَ مُتَيَّمٍ مَفتونِ

لَم يَرحَموني حينَ حانَ فِراقُهُم

ما ضَرَّهُم لَو أَنَّهُم رَحَموني

وَمِنَ العَجائِبِ أَن تَعَجَّبَ عاذِلي

مِن أَن يَطولَ تَشَوُّقي وَحَنيني

يا عاذِلي ذَرني وَقَلبي وَالهَوى

أَأَعَرتَني قَلباً لِحَملِ شُجوني

يا ظَبيَةً تَلوي دُيوني في الهَوى

كَيفَ السَبيلُ إِلى اِقتِضاءِ دُيوني

بَيني وَبَينَكِ حينَ تَأخُذُ ثَأرَها

مَرضى قُلوبٍ مِن مِراضِ جُفونِ

ما كانَ ضَرَّكِ يا شَقيقَةَ مُهجَتي

أَن لَو بَعَثتِ تَحِيَّةً تُحيِيني

زَكّي جَمالاً أَنتِ فيهِ غَنِيَّةٌ

وَتَصَدَّقي مِنهُ عَلى المِسكينِ

مُنّي عَلَيَّ وَلَو بِطَيفٍ طارِقٍ

ما قَلَّ يَكثُرُ مِن نَوالِ ضَنينِ

ما كُنتُ أَحسَبُ قَبلَ حُبِّكِ أَن أَرى

في غَيرِ دارِ الخُلدِ حورَ العينِ

قَسَماً بِحُسنِكِ ما بَصُرتُ بِمِثلِهِ

في العالَمينَ شَهادَةً بِيَمينِ

ابن سهل الأندلسي

أبو إسحاق إبراهيم بن سهل الإسرائيلي الإشبيلي (605 هـ / 1208 - 649 هـ / 1251)، من أسرة ذات أصول يهودية. شاعر كاتب، ولد في إشبيلية واختلف إلى مجالس العلم والأدب فيها.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024