Skip to main content
search

أحباءَنا ما كان لي عنكُمُ صبرُ

وهل لِصبورٍ عن أحبَّتِه عذرُ

فيا ليتَ شِعري عنكُمُ كيف كنتُمُ

وكيف التي من وجهها يطلعُ البدر

ومَن نشرها مِسْكٌ وألحاظها سحرُ

ومَبسِمُها درٌّ وريقتها خمر

وقد زَعَمتْ ألّا تزالَ كعهِدنا

وإن طال بي غَيْب وطال بها العُمْر

وإني لأخشى والزمانُ مُغيِّرٌ

على النأْي يوماً أن يميل بها الغدر

وكيف بمُشتاقٍ تضمَن جسمَه

على شوقِه مِصرٌ ومُهجَتَه مِصْر

أقام لحرب الزَنج في دار غربة

حوادثُها في أهلها القتل والأسر

ومن دونه هولٌ ومن تحته ردىً

ومن فوقه سيفٌ ومن تحته بحر

إذا شام برقاً لاح من نحو أرضه

تَضايقَ عما ضَمَّ من وَجدِه الصبر

وبَلَّتْ دماً مِنْ بعد دمع رداءه

لدى خلوات منه أجفانُه الغُزر

وإن رام من حَدِّ البطيحة مَطلعاً

ثَنَتْ شأوَهُ عنه المواصير والجِسر

كفى حزناً أن المُقِلَّ مُشَرَّدٌ

وذو الخفض في أحبابه مَن له وَفر

إذا كان مالي لا يقوم بهمَّتي

سماحاً وإن أوفَى على عُسرتي اليُسر

ففيمَ اجتهادي في محاولة الغنى

وما للغنى عند الجواد به قَدْر

يفوز بجمع المال من كان باخلاً

وما ليَ إلا الحمدُ من ذاك والشكر

وما أنا إلا محرزُ المجد والعلا

وذلك كَنزي لا اللُجَيْنُ ولا التبر

فإن يقض لي اللَهُ الرجوعَ فإنه

علَيَّ له أن لا أفارقَكُمْ نذر

ولا أبتغي عنكم شُخوصاً وفُرقةً

يَدَ الدهر إلا أن يُفرِّقَنا الدهر

فما العيش إلا قربُ من أنت آلِفٌ

وما الموتُ إلا نأيُهُ عنكَ والهجر

ابن الرومي

هو أبو الحسن علي بن العباس بن جريج، المعروف بابن الرومي شاعر من شعراء القرن الثالث الهجري في العصر العباسي، تميز ابن الرومي بصدق إحساسه، فأبتعد عن المراءاة والتلفيق، وعمل على مزج الفخر بالمدح، وفي مدحه أكثر من الشكوى والأنين وعمل على مشاركة السامع له في مصائبه، وتذكيره بالألم والموت، كما كان حاد المزاج، ومن أكثر شعراء عصره قدرة على الوصف وابلغهم هجاء،

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024