Skip to main content
search

يا ليت شعري حين فارقتكم

هل أخذ البصري في حَطْمي

أم هلْ حماهُ غيبتي سيدٌ

يحْمي إذا ما قلَّ من يَحْمي

قُولا له إن كان لا ينتهي

عن أكل لحمي طالباً عظمي

مائدةُ السيد مشحونةٌ

تُغنيك باللُّحمان عن لحمي

فإن أبيتَ السلم فاعزم بنا

فإن حربي في قفا سِلمي

أضربُ من يضربُني سادراً

وتارةً أرمي الذي يرمي

فلْيخْشَ مني من دنا مُنْصُلي

وليخش مني من نأى سهمي

ولستُ بالظالم إخوانَه

لكنني أمنع من ظُلمي

سيفي لساني والهدى قائدي

والحقُّ محتجٌّ على خَصمي

أعذر من أنذر فليحتنِكْ

غِرٌّ وعزمي بعدها عزمي

فلا يشِم عِرضي على غرَّة

من لا ينافي وشْمُهُ وشمي

وسَوْسِيَ الحلمَ ويا ربَّما

أصبح يحكي كَلْمُهُ كَلمي

قد جعل الله الذي سبَّني

شيخاً يتمياً وأبى يتمي

فامسح بكفِّ الرُّحم يا فوخه

وادعُ بأن يُدركه رُحْمِي

فرُب ذي حَيْنٍ غدا حينُهُ

مستملحاً في جلده رقمي

أشْعرتُه من قَذعي مُرْمضاً

صار به الحائنُ طِلَّسْمِي

أضحى لمن أبصرهُ آيةً

تبصِّرُ الآية أو تُعمي

وناثرٍ أعجبه نثْرُهُ

أذهلهُ عن نثره نَظْمِي

وسار محمولاً على مَنْطِقِي

يجري عليه صاغراً حُكمي

نقيصةٌ في الشعر من ذكره

أقبحُ في شِعْريَ من خرمِ

يا ويحَ حسَّادي ويا ويلهُم

من ذا أراهم قسْمَهُمْ قَسْمي

ثعالبٌ أطمعها حَتْفُها

في قَسْورٍ لَحْظَتُه تُصْمي

أحلف بالله وآلائه

ما فهم الزاري على فهمي

أَعْيُنُ أعدائي على غيبهم

طلائعي تُوحي إلى وهمي

فكيف لا أعرف أضغانهم

مع الأقاويل التي تَنْمِي

فريسةُ الليثِ له وحدَهُ

فلْيَبْأسِ الجاهلُ من غَشْمِي

ورُبَّما كَفْكَفَ من غايتَيْ

بطشِ لساني ويدِي علمي

إنّي بنانِي مَنْ بنى يَذْبُلاً

فليس تسطيعُ يدٌ هَدْمِي

وإنني ما زلتُ مُسْتَحْسِناً

مَغْفِرتي مُسْتقبِحاً نَقْمي

والحزمُ في نَقْمي ولكنني

أُوثرُ إحساني على حزمي

فلْيقُلِ البصْريُّ ما يَشْتهي

سوّغْتُه المعسولَ من طَعمي

سوّغْتُه القولَ ولو أنه

يُعرِّقُ الجبهةَ أو يُدْمي

ولا يَخَلْها جاهلٌ نُهْزَةً

فلا يُمْهِلُ داءه حَسمي

قد يَفْرقُ المجنون من كَيَّتي

ويصعقُ العِفريت من رجمي

ولو نجا أقْسمَ لا يأتلي

أنْ ما رأى أثقبَ من نَجْمي

لولا قضاءُ الله في مَعْشرٍ

ما طمع الطامِعُ في هَضْمي

طُفتُ بأكنافك لا هاجماً

وداءُ عمروٍ أمّنهُ هَجْمي

وليس شأْني الجهلَ لكنني

قد يَقْدَحُ الإحراجُ في حِلْمي

واعلم إذا استخفَفْت بي أنه

قد تَحْقِر الشيءَ وقد ينمي

ابن الرومي

هو أبو الحسن علي بن العباس بن جريج، المعروف بابن الرومي شاعر من شعراء القرن الثالث الهجري في العصر العباسي، تميز ابن الرومي بصدق إحساسه، فأبتعد عن المراءاة والتلفيق، وعمل على مزج الفخر بالمدح، وفي مدحه أكثر من الشكوى والأنين وعمل على مشاركة السامع له في مصائبه، وتذكيره بالألم والموت، كما كان حاد المزاج، ومن أكثر شعراء عصره قدرة على الوصف وابلغهم هجاء،

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024