Skip to main content
search

رَأَيتُ زِياداً يَجتَويني بِشَرِّهِ

وَأُعرِضُ عَنهُ وَهوَ بادٍ مَقاتِلُه

وَكُلُّ امرىءٍ واللَهُ بِالناس عالِمٌ

لَهُ عادَةٌ قامَت عَلَيها شَمائِلُهُ

تَعَوَّدَها فيما مَضى مِن شَبابِهِ

كَذَلِكَ يَدعو كُلَّ أَمرٍ أَوائِلُه

وَيُعجِبُهُ صَفحي لَهُ وَتَحمُّلي

وَذو الجَهلِ يُحذي الفُحشَ مَن لا يُعاجِلُه

فَقُلتُ لَهُ ذَرني وَشَأنيَ إِنَّنا

كِلانا عَليهِ مَعمَلٌ فَهوَ عامِلُه

فَلَولا الَّذي قَد يُرتَجى مِن رَجائِهِ

لَجَرَّبتَ مِنّي بَعضَ ما أَنتَ جاهِلُه

لَجَرَّبتَ أَنّي أَجلِبُ الغَيَّ مَن غَوى

عَليَّ وَأَجزي ما جَزى وَأُطاوِلُه

كَما كُنتَ لَو آخَيتَني لَوَجَدتَني

أُكارِمُ مَن آخَيتُهُ وَأُباذِلُه

وَذو خَطلٍ في القَولِ ما يَعتَرِض لَهُ

مِنَ القَولِ مِن ذي إِربَةٍ فَهوَ قَائِلُه

ونَمٍّ ظَنونٍ مُستَظَنٍّ مُلَعَّنٍ

لُحومُ الصَديقِ لَهوُهُ وَمآكِلُه

تَجاوَزتُ عَمّا قالَ لي واحتَسَبتُهُ

وَكانَ مِنَ الذَنبِ الَّذي هوَ نائِلُه

فَقُلتُ لِنَفسي والتَذَكُّرُ كَالنُهى

أَتَسخَطُ ما يَأَتي بِهِ وَتُماثِلُه

فَكَدَّ قَليلاً ثُمَ صَدَّ وَقَد بَنَت

عَلى كُرهِهِ أَنيابُهُ وَأَنامِلُه

فَما إِن تَراني ضَرَّني إِذ تَرَكتُهُ

بِظَهري وَأَشقى الناسِ بِالشَرِّ فاعِلُه

وَمُؤتَمَنٍ بِالسِرِّ أَوثَقتُ سِرَّهُ

مَع القَلبِ مَقروناً بِهِ لا يُزايِلُه

وَأَسمَعتُ مَن أَخشى عَليهِ مَغازِلَ ال

حَديثِ وَأَحراسُ الحَديثِ مَغازِلُه

وَصاحِبَ صِدقٍ ذي حَياءٍ وَجُرأَةٍ

يَنالُ الصَديقَ نَصرُهُ وَفواضِلُه

كَريمٍ حَليمٍ يَكسِبُ الحَمدَ والنَدى

إِذا الوَرَعُ الهَيّابُ قَلَّت نَوافِلُه

مَدَدتُ بِحَبلِ الودِّ بَيني وَبينَهُ

كِلانا مُجِدٌّ ما يَليهِ وَواصِلُه

وَغَيثٌ مِن الوَسمِيِّ حُوٌّ تِلاعُهُ

تَمَنَّعَ زَهواً نَبتُهُ وَسَوابِلُه

كَأَنَّ الظِباءَ الأُدمَ في حُجُراتِهِ

وَجُونَ النَعامِ شاجِنٌ وَجَمائِلُه

هَبَطتُ إِذا ما الآلُ آضَ كَأَنَّهُ

عِضاهٌ تَرَدّى بِالمُلاءِ أُطاوِلُه

تَسَمَّعتُ وَاستَوضَحتُ ثُمَّ استَجَزتُهُ

بِأَبيَضَ مَلحوبٍ قَواءٍ مَنازِلُه

عَلى ذاتِ لَوثٍ أَو بِأَهوَجَ وَشوَشٍ

صَنيعٍ نَبيلٍ يَملأُ الرحلَ كاهِلُه

لِأُدرِكَ نُجحاً أَو أُسلّيَ حاجَةً

وَهَمُّ القَصيرِ الباعِ داءٌ يُماطِلُه

يَهُمُّ وَلا يَمضي وَيرتَدُّ أَمرُهُ

إِذا قامَ ناهيهِ عَليهِ وَعاذِلُه

أبو الأسود الدؤلي

أبو الأسود ظالم بن عمرو بن سفيان الدؤلي الكناني (16 ق.هـ. -69 هـ)، من سادات التابعين وأعيانهُم وفقهائهُم وشعرائهُم ومحدثيهُم ومن الدهاة حاضرِي الجواب وهو كذلك نحوي عالِم وضع علم النحو في اللغة العربية وشكّل أحرف المصحف، وضع النقاط على الأحرف العربية.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024