Skip to main content
search

بَدَت فَلَم يَبقَ سِترٌ غَيرَ مُنهَتِكِ

مِنّا وَلَم يَبقَ سِرٌّ غَيرَ مُنهَتِكِ

وَأَقبَلَت وَقَميصُ اللَيلِ قَد نَحَلَت

أَسمالُهُ وَرِداءُ الصُبحِ لَم يُحَكِ

تَبَسَّمَت إِذ رَأَت مَبكايَ فَاِشتَبَهَت

مَدامِعي بِلَآلي الثَغرِ في الضَحِكِ

فَحِرتُ مِن دُرِّ عَبراتي وَمَبسِمِها

ما بَينَ مُشتَبِهٍ مِنها وَمُشتَبِكِ

مَلَكتِ قَلبي وَجِسمي في يَديكِ هَوىً

إِن شِئتِ فَاِنتَهِبي أَو شِئتِ فَاِنتَهِكي

أفنَت لِحاظُكِ أَربابَ الغَرامِ وَما

عَلَيكَ في قَتلَةِ العُشّاقِ مِن دَرَكِ

يَذِلُّ كُلَّ عَزيزٍ في هَواكِ كَما

يَعِزُّ كُلَّ ذَليلِ في حِمى المَلِكِ

مَلكٌ لَوَ اَنَّ يَدَ الأَقدارِ تُنصِفُهُ

لَما أَحَلَّتهُ إِلّا ذُروَةَ الفَلَكِ

يَستَعظِمُ الناسُ ما نَحكيهِ عَنهُ فَإِن

لاذوا بِهِ اِستَقلَلوا ما كانَ عَنهُ حُكي

تَشارَكَ الناسُ في إِنعامِ راحَتِهِ

وَمَجدُهُ في البَرايا غَيرُ مُشتَرَكِ

بَحرٌ وَلَكِنَّهُ طابَت مَشارِعُهُ

وَالبَحرُ يَجمَعُ مِن طيبٍ وَمِن سَهَكِ

في كَفِّهِ قَلَمٌ تَهمي مَشافِرُهُ

في نَفعِ مُعتَكَرٍ أَو وَقعِ مُعتَرَكِ

قُل لِلمُنَكِّبِ عَنُ كَي يَنالَ غِنىً

لَقَد سَلَكتَ طَريقاً غَيرَ مُنسَلِكِ

يا قاصِدي البَحرَ إِنّي في ذَرى مَلِكٍ

لَديهِ أَصبَحتُ جارَ البَحرِ وَالمَلِكِ

يا ناصِرَ الدينِ يا مَن شُهبُ عَزمَتِهِ

مُنيرَةٌ في سَماءِ المَجدِ وَالحُبُكِ

لا يُقدِمُ الدَهرُ يَوماً أَن يَميلَ عَلى

عَبدٍ بِحَبلِ وَلاءٍ مِنكَ مُمتَسِكِ

ما إِن حَطَطتُ رِحالي في رُبوعِكُمُ

إِلّا وَكُنتُم لَنا كَالماءِ لِلسَمَكِ

ما زِلتَ تَمنَحُني وُدّاً وَتَرفَعُني

حَتّى ظَنَنتُ مَحَلّي ذُروَةَ الفَلَكِ

وَدَّعتُ مَجدَكَ وَالأَقدامُ تَنكُصُ بي

كَأَنَّني حافِياً أَمشي عَلى حَسَكِ

وَكَيفَ تَدرُجُ بي عَن ظِلِّكُم قَدَمٌ

أَمسى لَها جودُكُم مِن أَوثَقِ الشَرَكِ

فَاِسلَم عَلى قُلَلِ العَلياءِ مُرتَفِعاً

عِزّاً وَشانِئُكُم في أَسفَلِ الدَرَكِ

صفي الدين الحلي

صَفِيِّ الدينِ الحِلِّي (677 - 752 هـ / 1277 - 1339 م) هو أبو المحاسن عبد العزيز بن سرايا بن نصر الطائي السنبسي نسبة إلى سنبس، بطن من طيّ. وهو شاعر عربي نظم بالعامية والفصحى، ينسب إلى مدينة الحلة العراقية التي ولد فيها.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024