Skip to main content
search

كعهدِكَ باناتُ الحِمى فوقَ كُثْبِها

ودارُ الهَوى تحمي العِدا سرحَ سِرْبها

أقولُ وسُمْرُ الخَطِّ حُجْبٌ لحجُبِها

سقى طَلَلَ الدّارِ التي أنتمُ بها

حَناتِمُ وَبْلٍ صَيِّفٌ وربيعُ

بِدارِكِ ما بي من بِلَى الشَّوقِ والهَوى

وبي ما بِها من وحشةِ البينِ والنَّوى

سأُرْوِي ثَراها من دُموعي إنِ ارتَوى

وخَيْماتُكِ اللاتي بمُنعرَج اللِّوَى

بَلِينَ بِلىً لم تُبْلَهُنّ رُبوعُ

وما الجَوْرُ عن نهجِ السُّلُوِّ أَعاجَني

على ذي أَثافٍ كالحَمامِ الدَّواجِنِ

ولكنْ وفاءٌ وِرْدُهُ غيرُ آجِن

ولو لم يَهِجْني الظّاعنونَ لَهاجَني

حمائمُ وُرْقٌ في الدّيار وُقوعُ

هَواتِفُ يُذْكِرْنَ الشَجِيَّ أَخا الجَوى

زمانَ التّداني قبلَ رائعةِ النّوَى

وطيبَ لياليهِ الحميدةِ بالِلّوى

تداعَيْنَ فاستَبْكَيْنَ مَنْ كانَ ذا هوىً

نوائحُ لم تُذْرفْ لهنّ دُموعُ

إذا ما نسيمٌ هبّ من جانِب الحِمَى

أَقولُ وأَشواقي تَزيدُ تَضَرُّما

عسى وطنٌ يدنو بِهم ولَعَلَّمَا

وإنَّ انهمالَ الدّمعِ يا ليلُ كلّما

ذكرتُكِ وحدي خالياً لَسَريعُ

ولَوْ عادَ يومٌ منكِ يا ليلَ قَدْ خَلا

بِعُمْريَ أو شرخِ الشبيبةِ ما غَلا

وقد عزَفَت نفسي عَن الهَجْرِ والقِلى

وسوفَ أُسلِّي النَّفسَ عنكِ كما سَلا

عن البلدِ النّائِي المخوفِ نَزيعُ

أَيَرْجو ليَ اللاّحي من الحبِّ مَخْلَصَاً

وقَلبي إذا ما رُضْتُهُ بِالأُسى عَصَى

وَلَوْ أَنَّ ما بي بالحَصى فُلِقَ الحَصى

إلى اللهِ أشكو نِيّةً شَقّت العَصا

هيَ اليومَ شَتّى وهيَ أَمْسِ جَميعُ

أطاعَتْ بنا لَيلى افتراءَ التَكذُّبِ

وصَدُّ التّجَنّي غيرُ صَدِّ التّعَتُّبِ

فَيا لَكَ من دَهرٍ كثيرِ التّقَلُّبِ

مَضى زمنٌ والناسُ يَسْتَشْفِعونَ بي

فَهَل لي الى لَيْلى الغَداةَ شَفيعُ

أَلا نَغْبَةٌ من بَرْدِ أَنْيابَها العُلى

وردُّ زمانٍ كالأَهِلَّةِ يُجْتَلى

فَقولا لَها جادَتْكِ واهيةُ الكُلى

أراجِعةٌ يا ليلُ أيامُنَا الأُلى

بِذي الرّمْثِ أمْ لا ما لَهُنّ رُجوعُ

أعاذِلَتي مالي هُديتِ وَمَالَكَ

لَقَدْ ساءَني أَني خَطَرْتُ ببالِكِ

ذريني فَلَوْمي ضّلّةٌ من ضَلالِكِ

لَعَمْرُكِ إني يومَ جرعاءِ مالكٍ

لَعاصٍ لأمرِ العاذلاتِ مُضيعُ

أَعِدْ ذكرَها أَحْبِبْ إليَّ بذِكرِها

وَدَعْ ذَنْبَها فَالحُبُّ مُبْدٍ لِعُذْرِها

فَما زِلْتُ في حالَيْ وفائي وغَدْرِها

إذا أَمَرَتْني العاذلاتُ بهجرِها

هَفَتْ كَبِدٌ عمّا يَقُلْنَ صَديعُ

يَزيدُ هوى ليلى رضاها وعُتْبُها

وبُعدُ نَواها إِن تناءَتْ وقُرْبُها

ولَمْ يَنْهَني صِدقُ اللَّواحي وكذْبُها

وكيفَ أطيعُ العاذلاتِ وحُبُّها

يُؤرِّقُني والعاذلاتُ هُجوعُ

أسامة بن منقذ

أسامة بن منقذ (1095 - 1188م)، الملقب بـ مؤيد الدولة، وكذلك عز الدين أسامة، يُكّنى أبو المظفر، هو فارس ومؤرخ وشاعر، وأحد قادة صلاح الدين الأيوبي. قام ببناء قلعة عجلون على جبل عوف في عام 580هـ / 1184م بأمر من صلاح الدين الأيوبي. ولد في شيزر لبنو منقذ (أمراء شيزر). ألف آخر حياته العديد من المصنفات.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024