وصية والدٍ لولده وهدية لولدي عبد الله!
صغيريَ أنصتْ للذي يَسْطرُ الفمُ
ولولا أحبُ الشبلَ ما كنتُ أنظمُ
تذكر وصاتي ، إنها – اليوم – منهجٌ
يسير عليه ابنٌ وفيٌ مُكَرّم
يُحَيّي الهُدى ، لا يستطيلُ سبيله
وليس خذولاً ، إنما الخذلُ عَلقم
يُضحّي لأجل الحق لا يرتضي الخنا
ولكنْ غلامٌ طيّبُ القلب قيّم
يُحب كثيراً والداً كم أرداهُ
عزيزاً أبياً ، بأسُه ليس يُهزم
يُوقرُهُ بين الورى في مشيبهِ
ويعمل بالنصح الأريب ، ويَفهم
ويَعرفُ حق الوالدِ المُحتفي به
ويحفظه ما جنّ ليلٌ وأنجم
ليلطفْ به المولى ، ويحمي جنانه
كأني به يدري الأمور ، ويعلم
تأمل ترى الأخلاق في كل مشهدٍ
يُذكرُك الآباء ، هل ذاك مُبهم؟
فهذا كتاب الله أنعم به هُدى!
وحكمة هادينا ، فداءٌ لها الدم!
فشمّرْ بُنيَ الشهمَ عن كل همّةٍ
فما المهتدي يوماً عن الشر يُحْجم
ولا المهتدي يوماً يُضل بفعله
ولكنه – عند العزائم – ضيغم
يُحبُ المليك البر ، يحيا لدينه
وأفعاله – وفق الهُدى – تتكلم
فأوصيك إني عن قريب مُفارقٌ
ويحمل – ما أوصِي – القريضُ المفخّم
وأنت لما أوصيك أهلٌ ، فغايتي
سماعُك لي ، ثم الرضا والترسم
فأقصرْ ، فإن العمر ماضٍ وراحلٌ
وبين الورى أنت الأشمُ المقدّم
فلا تنتظرْ من أمنياتك ما انطوتْ
على سرده هل – في المنامات – مَغنم؟
تمنيتُ ، حتى قيلَ أنيَ شاعرٌ
وداعبتُ آمالي ، وأمسيتُ أحلم
إلى إن رَمتْ قلبي الأماني بعلةٍ
وبُنيان أحلامي غدا يتهدم
فلما دهاني الشيب أنسِيتُ هاجسي
ونارُ الأسى – في خاطري – تتضرم
وأسعى ، وتسعى العائداتُ تحوطني
وأحبال شوقي – للمُنى – تتصرم
أراها ، فأبكي أنني كنت قيسها
ودمعُ الجوى – فوق الأحاسيس – سَيْجم
لقد كنتُ يوماً – في الخيالاتِ – سابحاً
تناغي فؤادي العف – في الليل – أنجُم
وفرطتُ في جنب المليكِ ، ولم أكنْ
– على ما جنى قلبي من الوزر – أندم
وقصرتُ في ديني فأغضبتُ خالقي
وليلي – بشؤم الموبقات – مُطلسم
شبابي أضعتُ الأمس في غير طاعةٍ
وعُمري – بأوزاري مدى الدهر – مُظلم
هجرتُ القراْن العذب ، لم أتلُ آيَهُ
وقد كان يهدي للتي هيَ أقوم
فأمستْ كلاب الأرض تنهش عزمتي
وأسلمني ذنبي لمن ليس يرحم
فذكّرتُ أيامي بماضي طفولتي
لكيلا يقول الناس: هذا مُحَطم
وجمّلتُ نفسي بادعاءات مُغرض
ولم يَدّكر – صدقاً – فؤادي ولا الفم
لذا لستُ أرجو أن أراك مضيّعاً
لأنك إن زلتْ مساعيك أسْقم
وأنت حُسامي ، إن دهتْني بلية
وأنت سلاحي ، إن دها الدارَ مُجرم
لأنك – في دنيا البرايا – ذخيرتي
وأنت متاريسي وجيشي العرمرم
وأنت رفاقي إن قلا الناسُ ساحتي
وأنت نقودي إن قلا الجيبَ درهم
وأنت قريضي ، واليراعُ ، وفكرتي
وأوزان شعري ، والشعورُ المتيم
وإنك – بعد الله – عوني وناصري
وإنك للعلياء دربٌ وسُلم
أدمْ ذكر رب الناس ، هذي نصيحة
فأرطبْ لسانَ العبدِ بالذكر تسلم
ووحّد إله الكون ، لا تُمسِ غافلاً
وفي ذاك خط الأحاديثَ (مُسْلم)
تعلمْ كتاب الله ، واعملْ بما حوى
وأكثرْ من الخيرات ، تُهْدى وتُلهم
ولا تشركنْ بالله ، أنت موحدٌ
فهل خيّرٌ مِن – بالطواغيت – يُغرم؟
وهل خيّرٌ مَن بالشياطين يقتدي؟
وهل خيّرٌ مَن شِركُه يترنم؟
وهل خيّرٌ – عندَ المَزارات – جاثمٌ
يلوذ ويبكي عندها ، ويُحَمحِم؟
وهل خيّرٌ مَن – للقوانين – راضخ
ويرضى بها ، حتى غدت تتحكم؟
وهل خيّرٌ من باع ديناً ومِلة؟
وأمسى يُحل العُهر ، ثم يُحرّم؟
وهل خيّرٌ من باع داراً عزيزة
لأعدائه ، ثم انبرى يتمسلم؟
وهل خيّرٌ مَن لليهود حمامة
ولكنْ على أهل الحنيفة هيثم؟
وهل خيّرٌ من ذا يغني على المَلا
ويصحب موسيقاه ، والرقصَ يُضرم؟
وهل خيّرٌ من كان يُترع كأسه
بخمر الهوى والقلبُ – بالغِيدِ – مفعم؟
وهل خيّرٌ من سب ديناً وشرعة
ومازال – في سمع الدنا – يتهجم؟
وهل خيّرٌ يفتي بحِل مُحرّم؟
وكائن ترى – في الناس – من يتمعلم!
وهل خيّرٌ من قد تعبّد ماله
ومن يعبد الأموال غِرٌ ومجرم؟
وهل خيّرٌ من صوته بلغ السما
من الفحش بين الناس ، هذا مُذمّم؟
وهل مَن سعى عند الطواغي يدلهم
على المؤمنين الصِيد في السر مُسلم؟
وهل خيّرٌ من عزمه – في الخنا – جثا
وليس له – في ساحة العيش – مندم؟
وهل خيّرٌ من ليس يعرف ربه
ومَن – مِن تكاليف الهُدى – يتبرم؟
وهل خيّرٌ من دينه سَبّ عالم
بغير هُدىً – كلا ، وها ذاك ألأم؟
وهل خيّرٌ من يشتري الصيت بالهوى
ومَن أمرُ تهويلاته ليس يُكتم؟
وهل خيّرٌ من باع – بالمال – دينه
وللطين والأوحال يحيا ويطعم؟
وتلقاهُ ثرثاراً يؤز بقيله
ويقطع في كل الأمور ، ويَجزم
بُنيَ احترسْ ممن نصحتُ موجّهاً
فإن اعتزال الفاسقين مُحتم
وأنت التقيّ الفذ ، فاصحب موحّداً
وإنك – في دنيا البرايا – بُريعِم
وأبشرْ ، فإن الخير عُقبى من اتقى
وإنك – بالخيرات – حيٌ ومُغرم
وجيلُ المخازي – في الأباطيل – غارقٌ
فلا تتبعْهم طرفة ، أنت ضرغم
بُني تمسكْ بالكتاب وسُنةٍ
ولا ترجُ نوماً ، إنما النومُ أرقم
بُني تخلقْ بالتسامي فضيلة
ولا تصحب المِجهال ، هذا غشمشم
ولا تقطع الأرحامَ ، هذي مُصيبة
وفرّجْ كروبَ الأهل ، تسمو وتُكرم
ولا تجتنب إنكار منكر مُعلن
ولا تبق ردحاً – في الأسى – تتهينم
فعُمرك رب الناس مالكُ أمره
ورزقكَ – في جوف السما – يتبسم
وأنت رفيع القدر – صدقاً – ومؤمنٌ
وأنت بصيرٌ ، والطواغيت قد عَمُوا
فخذ من جميع الخلق ما فيه أحسنوا
ورُد عليهم صاح ما فيه أجرموا
على شرط شِرعة الله لا شهوة الهوى
توافقُ ما قال النبي المُعَظم
وتخلصُ – في شأن النوايا – لربنا
وهذا الذي – من شبلنا – أتعشم
أخافُ عليك الموت يأتي مُباغتاً
ألا يومُ موتِ المرء حقاً لأيْوم
وإنْ يدركِ المَرءَ المُقصّرَ حَتفُه
فسوف ترى أطرافه تتلعثم
وينخرس الحرفُ المريضُ مجندلاً
وقد كان لا يرضيه – في الناس – أبكم
تخاف الأذى روحي عليك من الورى
وليت مآسينا – مِن الخلق – تُحسم
وإني لمَا يُضنيك آسى ، وأشتكي
وفرحُك – عندي – عنبرٌ مُتقوم
فلا ينفطرْ – منك – الفؤادُ على البلا
فإن انفطارَ القلب يكوي ويُؤلم
وإن ابتلاء الله – للخلق – سُنة
وليس بلا قصدٍ ، كما تتوهم
فلا بد مِن تمحيص صفٍ موحّدٍ
لكي ينتفي – منه – البغيضُ المُذمم
فإن تصطبرْ ، تلق الجزاءَ مُضاعفاً
وهذا الذي – في صاحبي – أتوسم
تمرّستُ في دنياي ، حتى خبرْتها
فكل الذي – بالدار – وردٌ مُعندم
وسرعان ما ترميه بعد ذبوله
وصِنوان فيها ذو رياش ، ومُعدم
ويمضي قويّ القوم ، مثلَ ضعيفهم
كما ينزوي تيسٌ ، ويذهب ضرضم
فلا تبتئسْ ، إن فاتك العز يا فتى
فللعز أقوامٌ ، له تترسم
وما قيمة العز الذي يُذهِب الهُدى؟
وظني بأن العِز – بالجهل – مَأثم
وما قيمة المال الذي يُذهِب الإبا؟
ولو أن أهل الأرض – للمال – يمّموا
وطالعتُ أفكاراً وعتْها قريحتي
وناقشتُ أقواماً ، فضجّوا وأحجموا
وما كان حِلمي – في النقاش – بنافع
ولا كان لطفي – في الجدال – يُقدِم
حلمتُ كثيراً ، فاستحالوا أوابداً
وهاج كبير القوم – كالليث – يهجم
فلم أنتحب كيلا يقولوا بنصرهم
ولكنْ غسلتُ العار – عمداً – ليعلموا
وأطفأتُ غيظي في مغاني غرورهم
وأظهرتُ كيداً لفقوهُ ، وأبرموا
وأعلمتُ قومي ، أنني اليوم واثقٌ
بنصر المليك الحق إن هم تشرذموا
وكابدتُ ، حتى جاءني النصر باسماً
وليس انتصارٌ – للمهازيل – يبسُم
وعانيتُ – في داري – تحديَ أهلها
وإنّ معاناة الأقارب أشأم
وكان اعتزامي حزمَ أمري وحُرقتي
وإن لبيب الناس – في التو – يحزم
بُنيَ اغتربْ تلق الحياة لذيذة
ويعرفك مَن يسمو ، ومَن يتأقلم
كثيرون ذموا غربة وتغرّباً
ولكنني – في غربتي – أتنغم
نعم أحرقتني غربتي دون رحمةٍ
وما كنتُ – مِن أشواكها – أتظلم
وأثر – في قلبي – نفاقُ أحبتي
ومَن هم – وأجنادُ الفراعين – توأم
ولكنني – عبر الدجُنّات – لم أهِنْ
فقد كان شعري – للمآسي – يُترجم
فكنتُ عزيزاً ، لم تمَس كرامتي
وكيف يُدسّى مَن – له الله – يعصِم
وأقوالُ أهل الحق نورٌ ونعمة
تنير – مِن الهَدي – الذي بات يعجُم
لقد صغتُ أشعاراً تَناغى أوارُها
وكانت حُساماً نصله ليس يُثلم
وكانت مناراً – في اغترابي – مُغرداً
وكانت رماحاً ، إن دَهى الدارَ ديلم
وكانت صُيودي مِن بحار عميقةٍ
طرحتُ شباكي ، ثم في العين مِرقم
فلمّا رأيتُ الصَيدَ يُلقِي طيوفهُ
ويُرسل أنساماً حياءً تتمتم
نظمتُ قريضي ، وادّهنتُ بعطره
وفيهِ تَخِذتُ الكوخ ، فالشعرُ قمقم
فإن القريض العفّ داري ، ورفقتي
وزورقُ أشجاني – به – متهيّم
هو الشعرُ لا يحيا بغير مَرارةٍ!
قروحٌ وأدواءٌ ، رياضٌ ومَأزم
عذابٌ وأفراحٌ ، وجرحٌ ومَوئلُ!
رماحٌ وأسيافٌ ، وطلحٌ وشبرُم
ونخلٌ ورمانٌ ، وشِيحٌ وكندرٌ!
وموزٌ وتفاحٌ ، وسَلقٌ وحِصرم
وليلى وقيسٌ وابن عوفٍ رسولهُ!
ونوقٌ وأكواخ ، وبيدٌ وشيهَم
ويومٌ كحيلُ الطرف صافٍ غديرُهُ!
وليلٌ كسيرُ القلب ثاوٍ وأسحم
هو الشعرُ – كالدنيا – يُضاحك تارة
وأخرى يؤز النفس أزاً وينقم
وإن ينفعلْ ، يعصفْ بحشدٍ يحوطه
وإن يتبسم ، فهْو الربابُ المرَخم
وإن يرض ، فالدنيا جميعاً عشيرُهُ
كأم رؤوم تمنح العطف ، ترحم
بُنيَ احترفْ شعر اليعارب ، إنه
إذا حاطك الأعداءُ درعٌ وصَيلم
وجاهدْ – به – أهل التحلل والخنا
عساهم بما أنشدت أن يتفحموا
ونقح قريضاً قلته دون عدةٍ
فإن القريض العذب تمرٌ وغيلم
وخصمك مهزوم ، فعُدتك الهُدى
وشِعرُك – عبْرَ الحرب – سهمٌ ومِخذم
ومنْ يرتزقْ بالشعر يكسرْ يراعهُ
ومَن يتأدمْ – بالشعر – أمسى يُخمخم
بُنيَ التمس في الناس زوجاً حصينة
تصون الوفا ، تسمو ، ولا تتمسلم
عليها حجابُ الخير عفٌ وسابغ
فلا ينظر العصماءَ ذي متجرم
تسير وسربالُ الحياء يلفها
وجلبابُها كث القماشة أيهم
تُصَلي ، فتكويها دموعُ ذنوبها
ودمعٌ لترتيل التقية مُسجم
لها روحُ صدّيق ، وتقوى مُوحدٍ
وعِز عليها ، ما رأى ذاك (رستم)
بُني اصطحب – في كل حال – مقاله!
وزايلْ مقاماً فيه صرعى وخوّم
فإن لم تفاصلهم ملئتَ سَفالة
عسيرٌ – على الأنذال – أن يتفهموا
نفوسٌ على الأوهام أرغتْ وأزبدتْ
وقومٌ على الأعفان عاشوا ورمرموا
وإياك والهلكى ، فقاطعْ جموعَهم
فليلُ الكُسالى مُكْفهرٌ وحُلكُم
وحافظ على عمر يمر مودّعاً
وإن اجتهاد المرء – للخير – يلزم
وإياك والصرعى على المال ، إنهم
صريعٌ جهولٌ ، ثم آخرُ غيشم
تلاقت – على الدينار – فيه ضمائرٌ
فبئس الورى والمنطقُ المتوخم!
فماتت قلوبٌ – في أساها – صريعة
إذ المالُ إنْ ولى ، لقد تتدمدم
فليست من الأخلاق تدرك ظلها
وأغلبها – في حَمأة الذل – يبصم
وكالمرأة الحُبلى تراهم تشوّقوا
لدينارهم ، والعز إذ تتوحم
ولم يشبعوا ، كلا ، ولم يتورعوا
ولم تُتخذ خوفاً – لديهم – جهنم
أراني أطلت النصحَ ، والنصحُ واجبٌ
سأمضي ، ويُبلي الجسمَ دودٌ وكِلحِم
وحسبي نصحتُ الشبلَ والشبلُ منصتٌ
ونصحي غداً يعلو ضحىً ، ويُعمم
فلا تستطلْ نصحي بُني ، فحيرتي
بأن ينزوي خلف الدجى ، ويُؤمم
فكم من شعور صُغته في مواقفي!
وكم – عن شعوري – دفقة النور تنجم!
وكم من طيوب من سنا الذكر حِكتها!
وأطيافُ شعري – من سنا العطر – هُيّم
أُحذرُ أقوامي ، وألهبُ عزمهم
ولكنّ قومي – من أسى القهر – سُوّم
أسلي – بشعري – مَن بكربي تعللوا
وأصرخ وحدي ، فالمشاليل نوّم
أعيدُ على الأسماع ذكرى (ابن حنبل)
ولا يسمع الذكرى – هنا – متنعم
وأطلبُ منهم أن يُواروا عَوارَهم
إذ القدوة المثلى – لقومي – بَلعَم
إذِ المال أودى بالنوايا وبالمضا
ولم يكُ جباراً ، ولم يكُ يُرغم
بُنيَ تخلقْ بالحنيفة تنتصرْ
فإن العُلا صرحٌ بها لا يُهَدّم
نصحتك ، فاعملْ بالذي قلتُ ، واعتبرْ
وحاذرْ مجاراة الغثا ، أنت أكرم
رجائي بأن تحيا لدين وشِرعةٍ
وإياك والنوكى ، فهم جدّ هُوّم
ختاماً لك الحبُ الكريمُ وقُبلة
وأبشرْ بخير يحتويك ، فتسلم
Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء
تعليقات