وصية أمامة لأم إياس – أرجوزة شعرية!

وصيةٌ من معين الحق تنبثقُ

ونفحة ببريق النور تأتلقُ

ودرسُ عِلم له فقهٌ يُجَمّلهُ

واللفظ مِن ألق الفحوى يُدَلـلهُ

وفقهُ مَن خبرَتْ بحالة ابنتها

فناصحتها لكي تزيدَ فرحتها

ودُربةٌ للتي قلّتْ تجاربُها

فإن عِيشتها لها مطالبُها

ومنحة بعبير الوعي قد صُبغتْ

وفي قلوب الورى طول المدى طبعتْ

وعِبرة عِطرُها في الفكر منتشرُ

وكل مَن قرأوا سطورها اعتبروا

والنصحُ أغلى من الأموال والذهبِ

إذا تضمّخ بالأخلاق والأدبِ

ويَشرُفُ الناسُ إن دَلوا وإن نصحوا

وأرشدوا وعلى الجُهال قد فتحوا

والنصحُ بالوعظ والتذكير مرتبطُ

لأنه بهُدى الإسلام مُنضبط

وكل مُشترع بالحق محترمُ

ويُفلح الناسُ لو للشرعة احتكموا

وعقلُ ناصحةِ الأجيال مُتزنٌ

قد محّصته الرؤى والدينُ والمِحنُ

فذي (أمامة) قد خصّتْ بخير حِجا

من الخبال ومن كل الضلال نجا

عقليةٌ بعُرى الإسلام تدّرعُ

لذاك عاشت بنور الوحي تنتفعُ

حكيمةٌ فاقتِ الأفذاذ والحُكما

وبصّرَتْ كل مَن في ناظريه عمى

وقولُها الفصلُ في الآفاق فاح شذى

وردّ كيدَ التي تنوي جفاً وأذى

فعلمتْ أنفُسا قد أترعتْ غبشا

وفي قرارتها ضلالها انتفشا

وناولتْ كل أجيال النساء هُدى

به عملن فما ضاع الكلامُ سُدى

حتى بُلينا بجيل ما تقولُ أبى!

وحيّر العلمَ والتعليمَ والأدبا

نساؤه ذُبْن فيما ساد مِن شُبَهِ

وفي القلوب أفانينٌ مِن العَمَهِ

وفي الضمائر قبحُ الجهل ينتفضُ

من بعد ما سيطر الإعراضُ والمَضَضُ

وفي الأحاسيس إعجابٌ بمن خرجوا

على الشريعة بئس الطغمةُ الهمجُ!

وفي العواطف حبُّ للألى انحرفوا

فكم من الإثم والفواحش اقترفوا!

وفي المشاعر تعظيمٌ لمَن سفلوا

ومَن لنسف الهُدى من الدنا عملوا

وفي الخواطر إكبارٌ لمن لفظوا

هُدى المليك وما تابوا ولا اتعظوا

يذبْن وجداً إذا ما أزهنّ هوى

فبتن والماجناتُ الساقطاتُ سَوا

شعارُهن الهوى والهزلُ والدنسُ

وكيف تسمو التي فؤادُها نجسُ؟

والهزلُ يقضي على نصاعة القيمِ

حتى يسير الورى في حالك الظُّلمِ

حتى استطلن على الأزواج في صَلَفِ

إن عشن في سعةٍ أو عشن في شظفِ

إن كُن في معزل أو كُن في ملأ

يَبحْن بالسر والعيوب والخطأ

فكل واحدةٍ بالشر تعتصبُ

وليس يمنعُها عُرفٌ ولا أدبُ

تسلحتْ بالأذى والبطش والعنتِ

ثم استطالت على الحليل بالنُّكتِ

وبئس ما اقترفتْ من سيئ العبَثِ

أتته مَن غفلتْ عن رقدة الجَدَثِ!

هل تنشدُ الخيرَ في مسارب العِوَجِ؟

أم تنشدُ النورَ في مُحلولك الدُّلج؟

وحالُها بالنشوز اليومَ ما انصلحا

ووجُهها بلهيب الضنكِ قد لُفِحا

وكيف تُفلحُ مَن في قلبها وسَخُ

وعقدُ طاعتها لله مُنفسِخ؟

وليس يحكمُها في شرّها رَشَدُ

وليس يعقلها إن ناورتْ أحدُ

كأنما صبرُها في شرّها نفذا

أو أن هاجسَها صوابَها أخذا

ألا ترى نفسَها بين الورى بشرا

أم أن ناظرها قد ودع البَصرا؟

أم أن إبليس قد أغرى وقد غمزا

وفي مسامعها قريضه ارتجزا؟

والحق أني أرى معيارها انتكسا

وفي غياهب ما تصبو إليه رسا

وسَمعُها اليومَ قد أودى به الطرشُ

وعينها شَجّها بسيفه العَمَشُ

وعقلُها من دجى تضليلها اختبلا

وقلبُها عن سبيل الله قد غفلا

وفكرُها في هُرا أهل الضلال همى

كأنما شدّه إلى المُجون عمى

فعالجي يا (أمامُ) الطيشَ والنزقا

إن كان يوماً بما ذكرتِناهُ لِقا

وأكثري اللينَ والتيسيرَ والرّخصا

فربما عالجتْ وَصاتك الغصَصا

وربما حقنتْ دماً سُدىً سُفِكا!

وربما أنقذتْ مَن تشتكي الضنكا!

وقدمتْ للنسا القدْواتِ والسلفا

إن اقتدين لحُزن المجدَ والشرفا

وناولت جيلنا أطايبَ الثمرِ

حتى تجَنبه ذرائعَ الضررِ

لعل غاداتِنا في كل مُنطلقِ

يعِين نُصحاً على مَرّ الزمان بقي

يُدركْن ما قد أقمت اليوم من أسُسِ

وكل أس بدنيا الناس كالقبَسِ

ويمتثلن هُدىً للمَكْرُمات دعا

وإن أتى قرية نساءَها نفعا

حياكِ ربُك كم أبنتِ مِن سُبُلِ!

وكم منحتِ بناتِ الجيل مِن أملِ!

وكم أزلتِ من المشاعر الحَزنا!

إذ لفظك اختصرَ المكان والزمَنا

وكم وضعتِ لمن ترجو الهُدى الخططا

كي تستعيد الذي من عقدها انفرطا!

هذا الختامُ وشكراً يا مُعلمتي

على الوصيّة مِن أنقى مُربيةِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات