مُراودة النذل! (راحَ النذلُ الخايسُ يُراود زوجة أخيه المسافر عن نفسها!)

ما لي أراكِ تُحَطمين كياني

وتُمارسين تمرّدَ النسوانِ؟

وتُعذبين مُتيماً ، إحساسُه

يهتاجُ في سرٍ وفي إعلان؟

أحيا ، وتجرحُني سِياط صَبابتي

وجوى الفؤاد يَؤزني بطِعان

ونوازعُ الإعجاب تحرقُ مُهجتي

بلهيبها ، والشوقُ بعضُ دُخان

والعشقُ أودى بالفؤاد ، وبالنهى

فظلِلتُ أشكو سَطوة الهذيان

وطغى الهُيامُ عليّ دون ترفق

فذللتُ ذلَ المُعجب الهيْمان

والحبُ أدمى خاطري وجوانحي

ليُزيدَ ذلَ العاشق الولهان

وسبا الغرامُ تشامُخي وسَريرتي

فأزال – بين العالمين – كياني

فطفقتُ أنشدُ مِن غرامِك جُنة

وسَعيتُ سعيَ العاجز الحَيران

قسماتُ وجهكِ أضرمتْ فيّ الهوى

ما حِيلتي في كِبة النيران؟

ويَمينُكِ الوضاءة اصطادت فتىً

أمسى أسيرَ جمالها الفتان

وعذوبة الصوت الرخيم لها صدىً

إنْ شقَ حاجزه إلى الآذان

وأخي نأى عنا ، وطالتْ غربة

والدارُ تشكو قِلة الجيران

أوَلا يَسرّكِ أنْ أتيتُك لاهثاً

وتملقي وتزلفي برهاني؟

أوَلا يَشوقكِ إلفُ ليل يرعوي

لمُرادِ أنثى منه دون توان؟

عجباً ألستِ صبية عنها نأى

زوجٌ سقاها حُبّه بحنان؟

عجباً أليستْ تستذلك شهوة

وقادَةً كتسعّر البُركان؟

عجباً ألستِ ككل أنثى ، تشتهي

زوجاً ليُخمد جذوة الهيَجان؟

عجباً ألستِ وحيدة تشكو الجفا

وأنا كذلك ها هنا وحداني؟

أوَلم يؤثرْ فيكِ ما أنشدتُه

بين العواذل مِن رطيب أغان؟

أعنى صغاركِ مَن إذا جئتُ انتشَوْا

طرَباً ، وكلٌ منهمُ حَيّاني

وأراكِ تبتعدين دون مُبرّر

وتقابلين الوُدّ باستهجان

وكأننى إذ جئتُ أخدمُ طائعاً

مُتودداً أخطات في العنوان

أتُقابلين مَودتي وتلطفي

بالصدّ والتعنيف والهجران؟

هل هذه الصفعاتُ رَدّ جمائلي؟

إن الجميل يُرَدّ بالعِرفان

مُدّي – إلى الولهان – كفّ خليلةٍ

واستمتِعي – بالحب – كل أوان

والأمرُ مَستورٌ سيطويه الخفا

ويَبوءُ ما نأتيه بالكِتمان

أنا لستُ – في هذا الصنيع – بأولٍ

كلا ، ولا أنا – في الغرام – بثان

وكذاك لستُ بآخر حتى أرى

منكِ الصدودَ مُضمّخاً بهواني

فيم احتفالكِ بالظنون ، كأنها

ستلفنا في حُلة الخسران؟

فيم التخوّفُ مِن أخ هجرَ الحِمى

ونأى عن الأهلين والأوطان؟

فيم ارتجافكِ مِن خلوّكِ بالذي

يهواكِ؟ أم هذا دلالُ غوان؟

فيم التوجّسُ مِن هلاكٍ مُحدق

بكِ؟ يا حبيبة إننا سيّان

أترينني يوماً سأخذل حبنا؟

فمتى وُصِفتُ بنوبة الخذلان؟

لا تُمْطِلي ، فالعمرُ يستبقُ الخطا

وأنا – إليكِ – مَدَدْتُ كف العاني

أهفو إلى لقياكِ في جُنح الدجى

حتى ولو كان اللقاء ثوان

لأبُث شكوى هائم لمن ارتضتْ

تجريحَ صَب ، لا يَزال يُعاني

لمَ تطعنين بكل لفظٍ جارح

وأنا أجُودُ – هنا – بعذب مَعان؟

لمَ تطرحين بذا اللسان قذائفاً

وأنا أتوقُ إلى رضاب لسان؟

لمَ تنصحين؟ ألِلنصائح وقعُها؟

إن النصيحة والهوى ضدّان

لم تعتبين؟ وهل عِتابكِ صَارفي

عن حُسنكِ المُتناغم الفينان؟

لم تزجُرين؟ وهل لزجركِ أذعنتْ

نفسٌ رَغائبُها اللئامُ دوان؟

لم تذكرين النارَ إنْ قلتُ: ارفقي

وتُحببين إليّ حُورَ جنان؟

لم تعمَدين إلى المواعظ غضة؟

ألها – بقلب الصبّ – أيُ مكان؟

لم تطمحين إلى النجاة ، كأنني

أرنو إليكِ يقودني شيطاني؟

لم تشعرين بأنني عِبءٌ على

فضلى تُرَجّحُ جانب الإيمان؟

لم تنفخين لظى الجدال كأننا

في ساحة التنظير والعُدوان؟

لم تهربين مِن اللذائذ أقبلتْ

تُلقي سعادتها على الإنسان؟

لم تلجئين إلى التمسّك بالتقى

بعد الدعا والدمع والقرآن؟

لم تشمَخِين بعزةٍ وتعاظم

وتُغلبين بواعثَ الإحسان؟

لم تلبسين الدّرعَ أسودَ سابغاً؟

هل يا ترى هذا من الرجْحان؟

لم تسترين الوجهَ عمن يشتهي

رؤياه؟ هذا الوجهُ كم أغراني

وإذا مَددتُ يدي أصافحُ ما ارتوتْ

مِن كفّ مَن فاقت جمالَ حِسان

ماذا جرى لكِ؟ أفصحي ، وتكلمي

أسُحرتِ؟ أم آثارُ مَسّ الجان؟

أنا ما عهدتُكِ هكذا يا غادتي

يوماً ، وليس الحال في حُسباني

ولئن بقيتِ على احْتشامكِ هكذا

بعباءةٍ وتستر وصِيان

وبلا مُصافحةٍ وأنس مَقالةٍ

نبراتها أحلى مِن الألحان

وبستر وجهٍ لا أطيقُ بقاءه

خلفَ النقاب ، بدتْ فقط عينان

وفلانة من خلف هذا كله

لا تحتفي – عند اللقا – بفلان

فلسوفَ أبحثُ في الصبايا جاهداً

عن عُطبُل تهوى فتى الفتيان

وأحبها ، وتحبني بتفحش

ونسيرُ خلف (النابغ الذبياني)

أنا لن أضِيعَ العُمر خلف حَشيمةٍ

إذ قلبها – في الحب – كالصَوان

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات