منانة و مهران.

حدثتني يوما احدى السيدات القينات تدعى منانة، كانت قد امتهنت حرفة العزف و الغناء بقصر الملك الرستمي عبد الرحمان، قبل فراره من القيروان باتجاه تيهرت بالمغرب الأوسط( الجزائر)، و ذلك بعد طرده من قبل الأغالبة العباسيين.

و في سياق الحديث اردفت منانة قائلة: كنت لا أفارق البلاط الملكي، لما كانت تدره حنجرتي الدافئة من أعذب الألحان و التواشيح، حتى انتشرت الأقاويل أن الملك قد أغرم بصوتي و لا محالة سيظمني لحريمه بالقصر، لكن في الحقيقة، كانت نيران الحب بيني و بين الأمير التيهرتي المكنى مهران قد ولعت بيننا، لولا أن اهله عارضوا ارتباطنا كوني غازية بلا حسب و لا نسب، لذا كتمت غيضي، و اكتفيت ببعض اللقاءات السرية التي كانت تجمعنا بدهاليز القصر بعيدا عن الانظار.

دامت الحالة على ما هي لبعض السنين، حتى ارتحلت و بعض الجواري من القيروان باتجاه تيهرت كما ذكرت آنفا، فصرت قريبة منه ولا افارقه بالمرة، فهام الفتى و بلغ به الوله مصرعيه، حتى حار عبد الرحمان من حاله بعد أن أهمل شؤونه، و قعد يتغزل بي و لا يفارق معازفي و ليالي الملاح. حتى خلت أني قد اوقعته بشباكي، و لا مفر له مني و سأصبح عروسه طال أو قصر الأمد.لكن تجري الرياح بما لا تشتهيه السفن، فلم يمر غير شهران، حتى زفت له قريبته من أعمامه خوفا من اهله مني، فاعتصر قلبي حزنا لفراقه و هجرت العزف و الطرب، حتى ذبلت اوصالي و غابت المباهج بقصر الملك عبد الرحمان.

في هذه الظروف العصيبة، رزق مهران بعد مرور تسع شهور بالتمام بمولودة بهية الطلعة، آثر  تسميتها على إسمي أي منانة، فدبت الغيرة بقلب زوجته و علمت أن حبه لي قد ترصع بقلبه و ما فارقه بتاتا، فجاءت عندي حاملة رضيعتها و قالت غاضبة: أيا سحقا لمهران و حبه لمنانة، إني قد ندمت على زواجه، و اهبك هذه الطفلة، و اني غادية للتعبد بالبقاع أشكو همي و قلة حيلتي، و سبحان مغير الأحوال، لم تمر إلا بعض الايام حتى يأتي اهله بيتي، و هم يبكون حسرة و ندما على ما فعلوه بنا، و كتب لنا القران رغم أنف الغزال. أما ابنة عمه فسمعنا أنها اتخذت منزلا قرب الحرم و ما فارقته من حينها، فما رأيك بالحديث؟

فأقول: من قال أن الحب لا ينتصر في النهاية، فمهران صار لمنانة شاءت ام ابت العوازل، و الاقدار تنصاع لجنون العشاق في أحيان كثيرة.

Recommended1 إعجاب واحدنشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

تعليقات