مشاعر تهويمة السحر الفوّاح! – جبلة بن الأيهم

إني اتخذتُ من الجمال ركابا

لأسابق العُشاق والأحبابا

سِحرُ المليحة نالني بحُسامه

فأزال عني حكمة وصوابا

فرضتْ على عينيّ حُسنَ قوامها

ولِحاظها يستأثرُ الألبابا

طعنتْ فؤادي بالتغنّج ، فارعوى

لمُرادها ، والعشقُ دق البابا

والعقل قد سحرته من لم تلتزمْ

خلقاً ، ولمّا تعرفِ الآدابا

ولصوتها تهويمة سحرية

أمست لروح المستهام عِقابا

ولكل رمش سِحره وجماله

وكأنه يُهدي العشيق شِهابا

وإذا تكلمتِ المليحة أفصحتْ

فحديثها يتضمّنُ الإعرابا

هيَ لا تُعَقد لفظها برطانةٍ

ولذاك تُفهم أحمقاً يتغابى

وأنا ضحية قدّها وبيانها

ولذاك قد أهديتُها الإعجابا

عزباءُ لا زوجٌ يُجرّعها العنا

إذ مثلُ ذي تستهجنُ الخطابا

مِلكٌ مُشاعٌ للرجال ، من ابتغى

وطئ الديارَ ، وفي المليحة ذابا

وكِراؤها كفرٌ بدين محمدٍ

شيء يسيرٌ لا يُعدّ مُصابا

ثم اتباع هوى النصارى كله

إما سألت ، فذا يكون جوابا

سِحرٌ يُكلّف من يتوق لنيله

ليعود مِن لقيا الغرام شبابا

سِحرٌ حياة المرء في أحضانه

وسِنيّه تغدو به أحقابا

سحر يؤانسُ – في البرايا – وَحْشتي

وإذا انفعلتُ يُهدئ الأعصابا

سحرٌ ملوكُ الروم تحسُده على

حُسن يُزايلُ سُترة وحجابا

سحرٌ يُفتق – في النفوس – لهيبها

ويزيدها – من هوله – استغرابا

سحرٌ تفلّت من ديانة قومه

إذ إنه بالعُرْي ليس مُعابا

سحرٌ يُصارع من يُناوئ عُهْرهُ

بذوائب أمست – لديه – حِرابا

سحرٌ تُصدّق أخذه آياته

هو ليس دجّالاً ولا كذابا

سحرٌ تذرّع بالمفاتن تزدهي

في العالم المشهود ليس سرابا

سحرٌ يُخادعُ من يروم خِداعه

يُزجي الصبا ، وأراه لا يتصابى

لمّا تبدّى لم أطقْ قسَماتِه

حتى سطرتُ بما اشتهيتُ خِطابا

أفصحتُ فيه عن الذي أضمرته

وقد انتويتُ – إلى الجمال – ذِهابا

أدليتُ دلوي ، وارتضيتُ شروطه

وتركتُ ديني سُنة وكِتابا

وقد ارتميتُ – على الجمال – مفضلاً

متع الحياة وغِيدَها وكِعابا

وأخِذتُ ، لم أدرسْ مغبّة فعلتي

كلا ، ولم أحسب لذاك حسابا

ونسبتُ نفسي للنصارى أرتجي

رُومية خلعتْ حيا وثِيابا

وطفِقتُ أوسِعُها بعذب تشبّبي

وطرحتُ – تحت نعالها – الأنسابا

ولفظتُ – فوق سريرها – آي الهدى

ووضعتُ – تحت بساطها – الألقابا

ورأيتُ نفسي في ملامح وجهها

ورأيتُ كل المؤمنين ذِئابا

ونظرتُ للأحياء من قدّاسها

وعشقتُ – من أخواتها – أترابا

ورُزقتُ منها صِبية أحببتهم

والمالُ فاض ، فأطربوا إطرابا

ورأيتُهم – في العالمين – أماجداً

ورأيتُ أتباع القراْن ترابا

ونسيتُ قرآناً حفظتُ جميعه

وغدوتُ – فيما أدّعي – مُرتابا

تهويمة السحر العظيم بلية

جعلتْ أسوداً – في القتال – ذبابا

لعن المليكُ السحرَ يُزري بالورى

ويُحيلهم – بين الأنام – كِلابا

لو أن أمر الساحرين يؤول لي

لضربتهم – بالسمهري – غِلابا

إن المهيمن سوف يُبطلُ سحرهم

ولكل سحار أعَدّ عذابا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات