لقد أيقظتِ ضميري! (أمسك يدها فوعظته)

أزرتْ بدمع غفا ، فانساب أنهارا

وكم تجلمد – في عينيَّ – أحجارا

ونبهتْ غافلاً – في العِشق – مُنجدلاً

والعِشقُ يهتكُ إما فاض أستارا

وأيقظتْ هائماً – في حبها – نهماً

كم أشعل الحبُ – في فؤاده – النارا

وناولته – من التذكير – حِصته

حتى تشبَّع أوراداً وأذكارا

وأفحمتْه ، فلم يسطعْ مواجهة

وإن أصرّ – على التبرير – إصرارا

وأعجزتْه ، فدكتْ وقع صَوْلته

وإن يكن قوتها يُلقيه مِدرارا

وأرسلتْ وعظها في قلب مُستعر

فأخمدتْ شهوة تُهدي له العارا

وأشهرتْ سيفَ تقواها ، وإن عملتْ

وكيلة عنده – بالكاد – إشهارا

فغاص سيفُ (هُدى) بدون مرحمةٍ

في صدر عبدٍ غدا – في الهمّ – دَيّارا

أغراه فيها جمالٌ عز خالقه

فما استطاع – عن الجمال – إدبارا

وسَعّر الشوقُ إحساساً وعاطفة

وأصبح الصب مُلتاعاً ومُنهارا

والحُسنُ أذهبَ ما في العقل مِن رَشدٍ

حتى أذاع – عن المفتون – أسرارا

كانت تظن – به – خيراً ، فباغتها

بما أتاه ، ولا لم يُبدِ أعذارا

مَدّتْ اليه ملفاتٍ ليدرُسَها

وأظهرتْ سعيها – للخير – إظهارا

ولم تبيّتْ سوى صلاح مَقصدِها

وأحسنتْ فِعلها قولاً وأفكارا

فأمسكتْ كفه بكفها عبثاً

ليقضيَ الخِب خلف السِتر أوطارا

فما استجابتْ لما يرجوه مِن نزق

وما أقرّتْ سلوكاً يهدمُ الدارا

شأنَ العواهر في سِر وفي عَلن

وأنكرتْ فعله المَرذولَ إنكارا

وألجمته بما ساقته مِن حُجج

فحطمت شبقاً يجُرّ أخطارا

قالت: ألست ترى شيباً بُليتَ به؟

ألست تخشى عذاب الله والآرا؟

ألست تُبصر بالضعف الرهيب غزا

جسماً يُصارعُ أسقاماً وأغيارا؟

ألا يصدك عنها السن قد طعنتْ

وبت مِن طعنها – والله – كُبارا؟

ألا يردك وهْنٌ في العِظام سرى؟

وكنت – قبل مجيء الوهن – جبارا؟

إذ فارقُ السن يا جدّي يُسائلني

يقول: هل يعشقُ الشيوخُ أبكارا؟

واحسبْ سِنيك تلقاني حفيدتكم

أم سوف تنكرُ مَرّ العمر إنكارا؟

خمسون عاماً هي الفرقُ انتصتْ وأفقْ

كم أنذرتْك – عن الأهوال – إنذارا

أنا السجينة ، والسجانُ في يده

قوتي ، وإنّ – وراء السجن – أسوارا

أنا الأسيرة ، والأصفادُ شاخصة

وكم بحثتُ ، فما لقيتُ أحرارا

أنا الغريبة عن داري وعائلتي

وكم قصصت لكم طيفاً وأخبارا

أنا الضعيفة ، لو أكرهتني لهوَتْ

قوايَ ، أو قدْتني يا جدّ إجبارا

فقال: كُفي عن التوبيخ ، ذبتُ أسىً

وصِرتُ أكْبِرُ ما ألقيتِ إكبارا

وأشهدُ اللهَ أني تبتُ مُعتزماً

تركَ المعاصي وأدعو اليوم غفارا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

الجمالُ والقبحُ

الجمالُ قالُوا: – جمعَتِ الطَّبيعةُ عبقريَّتَها فكوَّنتِ الجمالَ (نزار قبّاني). – جمالٌ بلا فضيلةٍ، زهرةٌ بلا عبيرٍ (سقراط). – الجمالُ بسمةُ اللهِ، والموسيقَى صوتُه (جونسون).…

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

بديع الزمان الهمذاني – المقامة الدينارية

حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ هِشامٍ قَالَ: اتَّفَقَ لي نَذْرٌ نَذَرْتُهُ في دِينَارٍ أَتَصَدَّقُ بِهِ عَلى أَشْحَذِ رَجُلٍ بِبَغْدَادَ، وَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَدُلِلْتُ عَلى أَبِي الفَتْحَ الإِسْكَنْدَرِيِّ، فَمضَيْتُ…

تعليقات