لا فضَ فوكَ يا دُكتور بدر العتيبي!

أمضَى مِن النبل ما تُلقيه مِن كَلِمِ

والحُمقُ إن ترمِهِ – بالنبل – ينهزم

يا (بدرُ) جهّز – من النبال – أغلظها

وسُلّ سَيفك للباغين ، وانتقم

واشحذ رماحَك ، واجعلها مُدبّبة

فالحربُ أشهرُ من نار على علم

وشُدّ قوسك ما الجدوى إذا انشرقتْ؟

يا صاح دارت رحى الهيجاء عن أمم

وارقبْ سِهامك في مأوى رمِيّتها

ما نفعُ سهمك لو دون المراد رُمي؟

ألا ترى زمَرَ العادين قد خرجتْ

على الديار بكيدٍ غير مُنبهم؟

ألا تراهم بلا رُشْدٍ ولا سَندٍ

يُلوّثون كِرامَ الناس بالتهم؟

لا يرعوون ، ولا تقوى تُهذبهم

أما الدعاوى كمثل السيل ذي العرم

ألا تراهم وقد هاجَ السعارُ بهم

يدمرون أصول المنهج اللقم؟

فكم يُثيرون بين الناس من بدع

بمَكر مُجترئ ، وخبث مجترم

وكم يذرّون – في التنظير من شُبهٍ

تُصيبُ سامعَها بالوَهْن والسأم

وكم يُعادُون أهل الحق في وضح

ما بين كهل سما فيهم ومُحتلم

وكم يسوقون تضليلاً به عُرفوا

والساحة امتلأتْ بالدس والإزم

يُحْيون ما زال من ماضي أكابرهم

ويَهرفون بما ساقوا من الجُرُم

حتى الأشاعرة الجهال ما اعتدلوا

فيما افتروه ، لعاً للعير والبُهُم

وثم مُرجئة جاؤوا بفتنتهم

من بعد أن عبث الشيطانُ في الذمم

ولستُ أنسى فرى جهميةٍ جبنتْ

عن التناظر جبناً غير منكتم

وللروافض تحريفٌ إليه دعَوْا

كم دافعوا عنه كم تاقوا لسفك دم

والناسُ تدري الذي الصوفية اخترعوا

من الضلال زكا في المَرتع الوَخم

ذي فتنة سُعِرَتْ تجتاحُ صحوتنا

شُواظها مُفعمٌ بالوَهْج والأيُم

يا (بدرُ) أنت لها ، فاصمُدْ لكبّتها

ومَن يُردْ نصرَه بالله يعتصم

ومَن يَرُدّ على البُغاة غيرُ فتى

مستبسل – بهُدى الإسلام – ملتزم

ولا أزكّي – على رب الورى – أحداً

لكنْ نظن بأن (البدر) ذو قِيم

تعقبِ الكل ، مَن غابوا ومَن حضروا

وباغتِ المفتري في كل مصطدم

وأخرسِ البُلهَ مَن فاهوا ومن صمتوا

واثأر لشيخك يا دكتور عن رغم

أوتيت مِن أرج البيان أعذبه

إن قلت نلت ، وإن خططت بالقلم

والشِعرُ عُلمته تعليمَ مُنفتح

عليه مُلتزم بعلمه التمم

والنظمُ أتقنته إتقان مُحترفٍ

أكرمْ بنظم عَلا في السبك منتظم

وللكتابة فحواها وزخرفها

من كل نص بخط (البدر) مُعتلم

أما الخطابة بات (البدر) رائدها

بلفظ فذٍ عفيفِ النفس مُحترم

وللمحاضرة انبريت مُرتجلاً

حتى سبيت عقولَ العُرب والعَجم

ما الظنُ إما أعِدّ النص يسبقه

تحقيقُ فحواه والدليل والكلم؟

يا (بدرُ) عَجّلْ ، فإن الفتنة استعرتْ

وطالتِ اليوم أهلَ العِلم والسلم

أما سمعت بتسفيهٍ وسَفسطةٍ

تَروجُ بين رموز الناس والعِمَم؟

عن (ابن عبد الوهاب) البدءُ كان به

بمنطق ظاهر البهتان ذي جُرُم

تعيبُ تُحفته: (التوحيد) ، عائبُهم

في الجهل ليس له في العالمين سمي

ونال حِصته فيها (ابن قيّمنا)

يا لهفَ نفسي على مُعلم حَشِم

الاثنان هل خرجا على شريعتنا؟

هل خالفا سُنة للمصطفى الهشم؟

أين الدليلُ على ما قيلَ يا سُفها؟

ألا تخافون ثأرَ القاهر الحكم؟

يا من تبعتم مُضِلاً لا يُتابعه

إلا جهولٌ – على التحقيق – جدّ عمي

يا (بدرُ) رُدّ على ما قيلَ مُحتسباً

وأنقذِ الصِيدَ مِن بَراثن القحَم

وفندِ الشبهَ الرعناء مُدّرعاً

بجُنة العلم ، لا الأمثال والحِكَم

وكِلْ عليهم بما كالوا بلا خَوَر

وانزعْ سُموماً سَرتْ في جَفنة الدسم

ولا تكنْ وانياً في الحق تنشره

واذكرْ دعاية (هودِ) الحق في إرم

لم يألُ جهداً ، ولم يخش اللحاقَ به

فرداً ، وأنذرَ عن عِبادة الصنم

واذكرْ نبيك إذ دعا قبيلته

وأنذر القومَ في (البطحا) وفي (إضم)

لم يخشَ باطلهم في أوْج حيرته

بل استعانَ برب الناس ذي النعم

والله حاميك مِن أضغان خندمةٍ

إما زكتْ نارُها ، أو الوطيسُ حمي

يا (بدرُ) خذلْ عن الأفذاذ سادتنا

أسلافنا مَن نرى في الكون كالنجُم

مَن مِثلكم؟ ساحة التنظير قد عقمتْ

مَن لي بمستبصر ذي حجةٍ فهم؟

إفحامُك الخصمَ آمالٌ نتوقُ لها

ونصرة الخصم تُبلِي القلب بالوَصم

دَيْنٌ عليك لأشياخ بلغت بهم

في العلم يا صاحبي ذؤابة الهرم

فوفّ دَينك ، لا تُمْطِلْ إلى أجل

أصحابُ دَينك في شوق وفي نهم

إن الخصومَ تمادَوْا في تطاولهم

كلٌ يلوكُ الفِرى كالمَعز والبُهُم

شتان بين خصيم بات منتصراً

وآخر مِن لظى التنظير مُنفحم

حِمى شيوخِك مَسلوبٌ ومُنتهكٌ

فأرسل السيفَ في أحشاء مُقتحم

لا خيرَ فينا إذا أسلافنا شتموا

إني أرى شتمَهم من أتعس النقم

لا بدَ للأمر من داع يُفجّره

شتان شتان بين الصدْع والبَكَم

يا (بدرُ) أوقدْ سراجَ الذودِ مؤتلقاً

ليذهب النورُ – بعد الذود – بالظلَم

إني أراك على ثغر ، فكن فطناً

لما يُجَهز أهلُ الدس والغشم

حافظ على ثغرك المَقسوم ، إن له

شأناً عظيماً ، فذا من أعظم القِسم

لولا أحبك ما ناصحتُ مُحتملاً

عهدَ الإخاء وما يحوي من اللزم

أراك – في ساحة التنظير – فارسنا

ونحن خلفك فوق الأينق الرسُم

لن نستكين لمن ينالُ سادتنا

أهلَ التصانيف ، أهلَ العلم والشِيَم

أعداؤهم في وهاد الجهل ما رفعوا

رأساً ، وأهل التقى والعلم في شمم

لن نقبل الضيمَ يكوي عِز سُمعتهم

والضيمُ يمحقُ بأس الناس والأمم

ما قيمة العيش إن نيلتْ حنيفتنا؟

أولى بنا رقدة في بائد الرجَم

دِينُ المليك لنا الحياة أجمعها

نعم الحياة على الإسلام والقِيم

وما الحياة إذا مُست دِيانتنا؟

شتان شتان بين العيش والعدم

نحن الأسودُ إذا عشنا لشرعتنا

والدُّورُ إن أسلمتْ أقوى مِن الأجُم

ومَن عِدانا؟ فهم كالشاء إذ رتعتْ

شتان شتان بين الأسْد والغنم

نحن الغطاريفُ إن ذدنا بلا وَجَل

عن الصناديد خير الناس والنسم

يا ابن (العُتيبيّ) أحببناك دون لقا

ودون قربى مَداها بالغ العِظم

فقط سمعنا الذي أسديت مِن زبدٍ

مَن يتبعْها يعشْ فذاً ويستقم

مِن القصائد أشجتنا مقاطعها

وأطربتنا بعذب اللفظ والنغم

مِن الأهازيج يختالُ البديعُ بها

بدتْ كحبات عقدٍ غير منفصم

مِن النصائح بذلُ العلم طابعُها

يا حبذا العلم بين الصِيد من رَحم

أما الوضوحُ فحدّثْ ، ثم لا حرجٌ

فليس مِن مُشكل في النص مُنبهم

كالصبح قولك إن بدتْ نضارتُه

شتان بين ضياء الصُبح والغسم

رعاك ربي ، ونلت الخيرَ أجمعَه

ما ذدت عن دينه بهمّة الفهم

لا فضّ فوك ، وقوّاك الإله على

رسالةٍ عضلتْ بالعُرب والعَجَم

ولا ندمت على ما كنت باذله

فالفارس الفذ لا يأوي إلى الندم

وصل رب على المختار أسوتنا

والآل والصحب أهل الجود والكرم

ها قد فرغتُ من التقصيد أعلنها

وذاك يا (بدرُ) تذييلي ومُختتمي

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات