يدافعني الغيران عن طيب لثمها

ديوان ابن نباتة المصري

يدافعني الغيران عن طيب لثمها

فيقنعني لثم التذكر لاسمها

محجبة أبكي ليالي وصلها

بشهبي وحمري وهي تبكي بدهمها

بكيت بلوَّامي عليها وعذَّلي

ولا وصل إلا بين وهمي ووهمها

وصنو أبٍ قد صانَ نقطة خالها

فيا حرباً من خالها ثم عمّها

ويا عجباً حيث اللآلي يتيمة

بفيها وما يبدو بها ذلُّ يتمها

وحيث أرى من جفنها السهم قاتلاً

وما غرضي إلاَّ ملاقاة سهمها

بروحيَ من لا خارجٌ غير ردفها

ثقيلاً ومَن لا باردٌ غير ظلمها

أما وجراحي خدّها ثم أدمعي

لقد وقعت عين المحبّ بجرمها

ودرّ بكائي حين يبسم ثغرها

لقد لاح فرقٌ بين نثري ونظمها

نأى فنأى عنِّي الكرى وتغيبت

فلا طيب أحلامي ولا فضل حلمها

وأفردت بالآلام فيها وقاسمت

لواحظها ما بين سقمي وسقمها

كأنِّيَ ما نزَّهت طرفي ببيضةٍ

إليها ولا روَّيت قلبي بضمِّها

ولا ظنَّنا الواشون حرفاً مشدَّداً

لتوثيق جسمي في العناق وجسمها

يدايَ على الحسناءِ قفلٌ مؤكّدٌ

بآثارِ لثمٍ مثل آثار ختمها

زمان غوايات الصبابة والصبا

أغرّ بنعماها وألهو بنعمها

وليل شباب أيقظ الشيب مقلتي

لديه وكانت في غيابةِ حلمها

وطاوعت نصَّاحي ويا رُبَّ مأثم

قضيت على رغمِ النهى قبل رغمها

وما الشيب إلا كالحسام مجرَّداً

لتعجيل أدواء الضلال لجسمها

تباركَ من أردَى ضلالاً برحمةٍ

وزيَّن آفاق المعالي بنجمها

إمامٌ إذا عاينت سنة وجهه

حكمت على تلك الفخار بعلمها

تهلَّل إذ طارحته بمدائحِي

تهلّل وسميِّ البروق بوسمها

حفيٌّ بطلاَّب الفضائل والندى

فلله ما حيّ عيّها بعدَ عدمها

وفاصل أحكام القضاء بفطنةٍ

كأن سرار الشهب من فتح فهمها

إذا اخْتصمَ الأقوام ضاءَ بفكرةٍ

يقول ضياء الصبح لست بخصمها

ولا عيبَ فيه غير إسراف أنعمٍ

ترى عزمها في الجودِ غاية غنمها

يجانس بالفتوى الفتوَّة جائداً

ويعرب عن فصل الأمور بحزمها

إذا زعماء القوم همَّت بشأوهِ

فقد طلبت شأو النجوم بزعمها

فديناه ندباً زادَ في شأو بيته

إذا نقصت ذات البيوت بجرمها

وقاضي قضاة تعرب الخلق مدحه

فتعجز حتَّى عربها مثل عجمها

فيمدحه حتَّى النسيم بعرفه

وتصغي له حتَّى الجبال بصمّها

له همَّة إن شئت غالية الثنا

فشمها وإن شئت الفخار فشمّها

على حين مسودُّ المفارق حالك

فكيف إذا ضاءَ المشيب بفحمها

وأقلام رشدٍ يتبع الرشد خطّها

ويعمل أنواع الثناء برسمها

يقيم على العادين حدًّا بحدِّها

ويهدي إلى العافين عزًّا بعزمها

وتكتب في حالي نداها وسطوها

بدرياقها طوراً وطوراً بسمِّها

مسدَّدة المرمى مقسَّمة الحيا

فلا زالَ للإسلام وافر سهمها

بكفِّ كريمٍ يملأ العلم والقرى

لديه قلوب الطالبين بشحمها

فتى الدِّين والدُّنيا ينير ظلامها

بكوكبها العالي ويلوي بظلمها

سليل عماد الدِّين إنك بعده

مصاعد ما همَّ الزمان بلثمها

تطوف بمغناه وفود مقاصد

محمّلة جدوى يديه لهمِّها

لتمكين رَجواها وتأمين رَوْعها

وتأثيل نعماها وتفريج غمّها

فما الشهد أحلى من صنائع فضله

ولا المسك أذكى من تضوع كتمها

وما روضة بالحزنِ مخضلَّة الربى

مكاثرة زهر النجوم بنجمها

يجرُّ لديها عاطر الريح ذيلهُ

وتخطر فيها المزهرات بكمّها

بألطفَ من أخلاقِهِ عند شيمِها

وأعطر من أخباره عند شمّها

لجأت إليه والحياة مريرةٌ

فعرَّفني إحسانه حلوَ طعمها

وكنت على قصدِي من الناسِ خائفاً

فألقيته من راحتيه بيمّها

وما هوَ إلاَّ النجم جاورته فلا

مخافة من كلِّ العداة وكلمها

أتمَّت حلا مرآه حليَة حبره

فلا عدِمت منه العلى بدرَ تمّها

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن نباته المصري، شعراء العصر المملوكي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات