يجد الردى فينا ونحن نهازله

يجد الردى فينا ونحن نهازله - عالم الأدب

يَجِدُّ الرَدى فينا وَنَحنُ نُهازِلُه

وَنَغفو وَما تَغفو فُواقاً نَوازِلُه

بَقاءُ الفَتى سُؤلٌ يَعِزُّ طِلابُهُ

وَرَيبُ الرَدى قِرنٌ يَزِلُّ مُصاوِلُه

وَأَنفَسُ حَظَّيكَ الَّذي لا تَنالُهُ

وَأَنكى عَدُوَّيكَ الَّذي لا تُقاتِلُه

أَلا إِنَّ صَرفَ الدَهرِ بَحرُ نَوائِبٍ

وَكُلُّ الوَرى غَرقاهُ وَالقَبرُ ساحِلُه

تَرِثُّ لِمَن رامَ الوَفاءَ حِبالُهُ

وَتُغرى بِمَن رامَ الخَلاصَ حَبائِلُه

وَأَكثَرُ مِن حُزنِ الجَزوعِ خُطوبُهُ

وَأَكبَرُ مِن حَزمِ اللَبيبِ غَوائِلُه

فَما عَصَمَت نَفسَ المُقَدَّسِ دِرعُهُ

وَلا قَصَّرَت بِالمُستَكينِ عَلائِلُه

وَهَل نافِعٌ في المَوتِ أَنَّ اِختِيارَنا

يُنافِرُه وَالطَبعُ مِمّا يُشاكِلُه

وَكَيفَ نَجاةُ المَرءِ أَو فَلَتاتُهُ

عَلى أَسهُمٍ قَد ناسَبَتها مَقاتِلُه

وَأَمّا وَقَد نالَ الزَمانُ اِبنَ غالِبٍ

فَقَد نالَ مِن هَضمِ العُلى ما يُحاوِلُه

أَلَيسَ المَساعي فارَقَتهُ فَأَظلَمَت

كَما فارَقَت ضَوءَ النَهارِ أَصائِلُه

لَقَد لُفَّ في أَكفانِهِ الفَضلُ كُلُّهُ

وَساقَ العُلا جَهراً إِلى التُرَبِ حامِلُه

فَإِن ضَمَّهُ مِن مُستَوي الأَرضِ ضَيِّقٌ

فَكَم وَسِعَ الأَرضَ العَريضَةَ نائِلُه

وَكَم ساجَلَت فيها البِحارَ يَمينُهُ

وَكَم جانَسَت فيها الرِياضَ شَمائِلُه

لَئِن سَوَّدَ الآفاقَ يَومُ حِمامِهِ

لَقَد بَيَّضَت صُحُفَ الحِسابِ فَضائِلُه

وَإِن سَدَّ بابَ الصَبرِ حادِثُ فَقدِهِ

لَقَد فَتَحَت بابَ الجِنانِ وَسائِلُه

وَإِن صَنيَّعَت ماءَ العُيونِ وَفاتُهُ

لَقَد حَفِظَت ماءَ الوُجوهِ نَوائِلُه

وَكَم أَحيَتِ اللَيلَ الطَويلَ صَلاتُهُ

وَكَم قَتَلَت مَحَلَّ السِنينَ فَواضِلُه

فَخَلَّفَ في مُرِّ المُصابِ قُلوبَنا

وَزُفَّت إِلى بَردِ النَعيمِ رَواحِلُه

عَزاءً أَبا بَكرٍ فَلَو جامَلَ الرَدى

كَريمَ أُناسٍ كُنتَ مِمَّن يُجامِلُه

وَما ذَهَبَ الأَصلُ الَّذي أَنتَ فَرعُهُ

وَلا اِنقَطَعَ السَعيُ الَّذي أَنتَ واصِلُه

أَبوكَ بَني العَليا وَأَنتَ شَدَدتَها

بِمَجدٍ يُقَوّي ما بَنى وَيُشاكِلُه

كَما تَمَّ حُسنُ البَدرِ وَهوَ مُكَمَّلٌ

وأَيَّدَهُ دُرّيُّ سَعدٍ يُقابِلُه

وَإِن أَصبَحَ المَجدُ التَليدُ لِفَقدِهِ

يَتيماً فَلا يَحزَن فَإِنَّكَ كافِلُه

إِذا ثَبَتَت أُخرى النَدى في مُحَمَّدٍ

فَلَم تَتَزَحزَح بِالحِمامِ أَوائِلُه

فَتىً كَثَّرَ الحُسّادَ في مَكرُماتِهِ

كَما قَلَّ فيها شِبهُهُ وَمُماثِلُه

حَليفُ جِلادٍ لَيسَ تُكسى سُيوفُهِ

وَثَوبُ طِرادٍ لَيسَ تَعرى صَواهِلُه

فَما خَمرُهُ إِلّا دِماءُ عُداتِهِ

وَلا طَرَبٌ حَتّى تُغَنّي مَناصِلُه

تُضَمُّ عَلى لَيثِ الكِفاحِ حُروبُه

وَتُسفِرُ عَن بَدرِ التَمامِ مَحافِلُه

سَما بِعُلىً لا يَستَريحُ حَسودُها

وَسادَ بِجودٍ لَيسَ يَتعَبُ آمِلُه

تَوَدُّ الغَوادي أَنَهُنَّ بَنانُهُ

وَتَهوى الدَراري أَنَهُنَّ شَمائِلُه

تَساوى مَضاءً رَأيُهُ وَحُسامُهُ

وَلانَ مَهَزّاً مِعطَفاهُ وَذابِلُه

رُبوعُ المَساعي عامِراتٌ بِسَعيِهِ

وَيُقفِرُ مِنهُ غِمدُهُ وَحَمائِلُه

وَفَلَّلَ حُبُّ الهامِ شَفرَةَ عَضبِهِ

وَإِن لَم تَزَل في كُلِّ يَومٍ تُواصِلُه

تَوَقَّدَ ذِهناً حينَ سالَ سَماحَةً

كَما شَبَّ بَرقاً حينَ فاضَت هَواطِلُه

تَلَوذَعَ حَتّى يُحسَبَ الأُفقُ مَنشأً

لَهُ وَالنُجومُ النَيِّراتُ قَبائِلُه

تَحَيَّرتُ فيهِ وَالمَعاني غَرائِبٌ

أَأَفكارُهُ أَمضى شَباً أَم عَوامِلُه

إِذا كانَ خَطبٌ أَو خِطابٌ فَأَينَ مَن

يُجالِدُهُ في مَشهَدٍ وَيُجادِلُه

تَرى فيهِ فَيضَ النيلِ وَالبَدرَ كامِلاً

إِذا لاحَ مَرآهُ وَجادَت أَنامِلُه

كَريمٌ إِذا ما عُمِّرَ الوَعدُ ساعَةً

أُتيحَ لَهُ مِنهُ اِبتِسامٌ يُعاجِلُه

لَئِن سَبَقَتهُ بِالزَمانِ مَعاشِرٌ

فَكَم سَبَقَت فَرضَ المُصَلّي نَوافِلُه

وَإِن شارَكَتهُ في العُلى هَضبَةٌ فَقَد

تَبايَنَ زُجُّ الرُمحِ قَدراً وَعامِلُه

حَجَرتَ أَبا بَكرٍ عَلى الدَهرِ جانِبي

وَوَطَّنتَني إِذ أَزعَجَتني زَلازِلُه

فَلا شارِدٌ إِلّا نَداكَ عِقالُهُ

وَلا خائِفٌ إِلّا عُلاكَ مَعاقِلُه

وَكُنتَ العِياذَ الأَمنَ كَالمُزنِ إِنَّهُ

يُظِلُّ وَتُروي العاطِشينَ هَواطِلُه

وَإِن كُنتَ سَيفاً لِلمُريبينَ مُرهَفاً

فَبورِكتَ مِن سَيفٍ وَبورِكَ حامِلُه

أَراكَ بِعَينَي مَن أَقَلتَ عِثارَهُ

بِسَعيِكَ وَالهادي إِلى الخَيرِ فاعِلُه

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن سهل الأندلسي، شعراء العصر الأندلسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات